كثيرة هي التحدّيات التي تواجه مزارعي البيوت المحمية، وخاصة في الأيام التي تتسم بالصقيع، إلا أنهم كانوا الأقدر على مواجهتها؛ من خلال ابتكار الأساليب للتخفيف من أضرارها، ومنها "البطانة الداخلية" والتي كانت آخر ابتكاراتهم.

فبعد أن واجهوا موجات الصقيع المتعددة بتقنية الرذاذ التي لم تخلُ من التحديات بسبب الظروف الحالية، وأهمها انقطاع التيار الكهربائي المشغل الأساسي لمضخات الرذاذ المائي، كان لابد من إبداعات جديدة للتخفيف من أضرار تدني درجات الحرارة ومشكلة انقطاع التيار الكهربائي؛ هذا ما أوضحه المزارع "محمد إسماعيل" من ريف مدينة "بانياس" لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 12 آذار 2017، وقال: «مع كل إبداع جديد يبتكره مزارعو البيوت المحمية لمواجهة التحديات التي تعيق عملية الإنتاج الزراعي، تظهر مشكلات ومنغصات تحول دون اكتمال واستثمار تلك الإبداعات، وخاصة في مجال مواجهة موجات الصقيع، فأنا مثلاً واجهت تلك التحديات بتركيب الرذاذ على ظهر البيوت المحمية، وكانت النتائج جيدة جداً، إلا أن هذا العام لم تتوافق ساعات التقنين الكهربائي مع موجات تدني درجات الحرارة، واستباقاً لهذه الأمور والنتائج السلبية المتوقعة، قمت بتركيب بطانة داخلية للبيوت المحمية لتقي شتلات البندورة المثمرة من الأضرار، وذلك باعتبار أن هذه الزراعة مكلفة جداً مع ارتفاع المستلزمات الأساسية لها، فليس من السهل التضحية وانتظار الحلول الطبيعية، بل على العكس التحدي كان العنوان الأساسي للعمل».

إنها تحمي الشتلات من الحرارة المتدنية، وتحبسها بينها وبين الشرائح البلاستيكية الأساسية؛ أي إنها رديف مهم يعتمد عليه في حالات انقطاع التيار الكهربائي، وعدم التمكن من تشغيل مضخات الرذاذ، فلا تتأثر الشتلات بالصقيع

ويتابع المزارع "محمد" توضيح ما هي هذه البطانة الداخلية، فيقول: «تعتمد "البطانة الداخلية" على شرائح بلاستيكية مستعملة أو مستهلكة، أو جديدة بحسب إمكانية المزارع، وهذه الشرائح طولانية يتم وضعها ومدها فوق شبكة تعليق الشتلات على الهيكل المعدني للبيت المحمي، أي توضع تحت الشرائح البلاستيكية الأساسية المكونة للبيت المحمي، وتحتاج إلى جهد كبير لمدّها، لكون مكان المد مرتفعاً ومحكوماً بالكثير من أسلاك التعليق الأساسية لشبكة التعليق الأم، حيث يحتاج العمل إلى عدة أشخاص لرفع البطانة ووقايتها من التمزق خلال عملية المدّ».

محمد إسماعيل

المزارع "علي علي"، قال عن أهمية هذه البطانة الداخلية: «إنها تحمي الشتلات من الحرارة المتدنية، وتحبسها بينها وبين الشرائح البلاستيكية الأساسية؛ أي إنها رديف مهم يعتمد عليه في حالات انقطاع التيار الكهربائي، وعدم التمكن من تشغيل مضخات الرذاذ، فلا تتأثر الشتلات بالصقيع».

المزارع "علي عمور"، قال: «مع بداية شهر شباط تقريباً رجحت الأحوال الجوية حصول موجة صقيع، ولكوني أملك بيتاً محمياً واحداً لم أشأ تركيب بطانة داخلية له، حرصاً على عدم زيادة التكاليف الزراعية عليّ، واعتمدت فقط الرذاذ، إلا أن التقنين الكهربائي حال دون تشغيل المضخات؛ وهو ما دفعني إلى القيام بجهد كبير تجاه حماية البيت المحمي، وتجلّى هذا الجهد بعملية رش المياه يدوياً بواسطة وعاء محمول، بعد عملية الصعود فوق البيت المحمي في لحظات برد قاسية كادت تتجمد خلالها أطرافي، وهذا الجهد أرهقني كثيراً، ودفعني إلى الندم لعدم تركيب البطانة الداخلية، وهي خطوة أولى سأقوم بها في موسم الشتاء القادم».

إحدى الشتول تنمو فوق البطانة الداخلية فتتضرر بالصقيع

وفي لقاء مع المهندس الزراعي "كرم قاسم"، قال: «تكمن أهمية "البطانة الداخلية" في ظل الظروف الحالية والتقنين الكهربائي في كونها تقوم مقام الرذاذ المائي الذي يشكل طبقة جليد مع استمرار تدفق المياه على سطح البيت المحمي عند تدني درجات الحرارة، فتعمل كطبقة عازلة تحمي الشتلات من الحرارة المتدنية؛ وهذا يمكن اعتباره إبداعاً لمواجهة التحديات المستمرة للعملية الزراعية؛ فكثيرون من المزارعين تمكنوا من حماية إنتاجهم الزراعي هذا العام باستخدامهم البطانة الداخلية».

المهندس كرم قاسم