كما في كل عام ومع بداية فصل الصيف تنتظر الكثير من عائلات قرية "الطواحين" دورها للحصول على مياه الشرب، لكونها اليوم تتزود بالمياه الرئيسة كل عشرين يوماً؛ وهو ما يمثل عبئاً مادياً واجتماعياً على العائلة.

ومن قرية "الطواحين" بريف مدينة "القدموس" التي تصنف ضمن قائمة القرى العطشى؛ التقنيا "بثينة خضور" لتروي لنا محاولاتها التي تشبه محاولات سكان القرية لتأمين المياه بطرائق مختلفة، إلا أن كل الطرائق مازالت قاصرة وغير قادرة على تلبية احتياجات العائلة اليومية؛ خاصة في فصل الصيف، وهنا توضح خلال لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 1 حزيران 2016، قائلة: «معاناة سكان القرية في الحصول على مياه الشرب لا تقتصر على فصل الصيف، وهي موجودة أيضاً في فصل الشتاء، لكنها أخف، حيث نقوم خلال الشتاء بتجميع مياه الأمطار عن طريق سطوح المنازل والاستفادة منها، وهي توفر جزءاً من حاجتنا للمياه إضافة إلى الدور الذي يتم فيه ضخ المياه الرئيسة من وحدة مياه "القدموس"، والذي يأتينا كل عشرين يوماً مرة، أما في فصل الصيف، فالمعاناة كبيرة بسبب زيادة الحاجة إلى المياه وانقطاع الأمطار، واعتمادنا على المياه الرئيسة فقط».

تقوم المؤسسة بضخ المياه إلى القرية كل خمسة عشر يوماً ساعة واحدة فقط، حيث يتمكن بعضهم من تعبئة برميل، وبعضهم الآخر لا تصل إليهم قطرات من الماء عبر الشبكات حسب ضغط المياه وموقع كل منزل بالنسبة إلى الشبكة

وتضيف: «نقص المياه يدفعنا دائماً إلى شراء المياه من خلال الصهاريج، حيث يصل سعر صهريج سعة اثني عشر برميلاً إلى عشرة آلاف ليرة سورية، وهذا يمثل عبئاً مادياً على العائلات التي تسكن المنطقة بوجه عام، فنحن أبناء ريف فقير ليس لدينا موارد مادية كبيرة، إضافة إلى أن وحدة المياه تؤمن الصهاريح بأسعار أقل، لكن المشكلة في انتظار الدور الذي لا يلبي حاجات الأسر في قطاع القرى العطشى».

بثينة خضور

وتتكرر معاناة العطش لدى "سنية معلا" من أهالي قرية "بدوقة"، حيث تقول: «تقوم المؤسسة بضخ المياه إلى القرية كل خمسة عشر يوماً ساعة واحدة فقط، حيث يتمكن بعضهم من تعبئة برميل، وبعضهم الآخر لا تصل إليهم قطرات من الماء عبر الشبكات حسب ضغط المياه وموقع كل منزل بالنسبة إلى الشبكة».

وتضيف: «لدى بعض العائلات خزانات تستفيد منها في تجميع مياه الأمطار خلال الشتاء، لكن بالمقابل هناك عائلات ليس لها القدرة على إنشاء مثل هذه الخزانات أو شراء خزانات جديدة، وبوجه خاص المواطنين الذين هاجروا حديثا إلى القرية من محافظات أخرى، لكن لو أن دور المياه بالقرية يصبح كل عشرة أيام مرة يمكن أن يتحسن الوضع قليلاً».

سنية معلا

أما تأمين المياه لريف مدينة "القدموس" أو ما يسمى القرى العطشى، فقد كان على مدار عقود طويلة هاجساً للمعنيين بالمياه في المنطقة، حيث تم تنفيذ خط الجر الثاني من مدينة "بانياس"، لكن المعاناة مازالت مستمرة، وهنا يوضح المهندس "ماهر ديبو" رئيس وحدة مياه "القدموس": «بعد تنفيذ خط الجر الثاني ومد شبكات المياه إلى كل القرى التي تصنف ضمن القرى العطشى تحسّن وضع المياه وأصبح الحد الأقصى للدور عشرين يوماً، لكن الانقطاع المستمر للتيار الكهربائي الذي يصل إلى ست عشرة ساعة يومياً يؤثر في عملية ضخ المياه من "بانياس" إلى "القدموس"، إضافة إلى أن فرق التقنين بين المنطقتين يزيد من الأمر سوءاً».

ويضيف: «لدى مراقب الشبكة في المنطقة تعليمات بضرورة إيصال المياه إلى كل منزل في الحارة؛ خاصة أن المنطقة جبلية وهناك منازل في مناطق مرتفعة تحتاج إلى إجراءات خاصة لإيصال المياه إليها، حيث يقوم المراقب بمتابعة عمله حتى يضمن تعبئة عشرة براميل على الأقل لكل عائلة، إضافة إلى أنه يمكن للمواطن التسجيل للحصول على صهريج مياه عن طريق مؤسسة المياه بتكلفة تصل إلى سبعة آلاف ليرة سورية شرط التأكد أنها مخصصة للشرب فقط».

لكن على الرغم من هذا ما تزال المنطقة بحاجة إلى إجراءات أخرى لتامين المياه يومياً، وهنا يقول: «سبب المعاناة بعد مد خط الجر الثاني يعود إلى كون القرى العطشى تتزود بالمياه بطريقة تسلسلية قرية تلو الأخرى مهما كانت المسافة بينها؛ لذلك لابد من تنفيذ خط "إسالة جديدة" من "القدموس" إلى قرية "الطواحين"، وقد قامت المؤسسة بإجراء الدراسة اللازمة لتنفيذ الخط، ونحن بانتظار استكمال إجراءات التنفيذ على أرض الواقع».

خط الجر الثاني الذي عول عليه الأهالي الأمل الكبير في إرواء عطشهم لم يكن الحل الجذري بالنسبة إليهم، لكنه حسب قول المهندس "ديبو" حسّن الوضع كثيراً، حيث كانت مدينة "القدموس" قبل تنفيذه تشرب كل اثني عشر يوماً مرة وبعده تحول الدور إلى مرة كل ستة أيام، أما بالنسبة إلى قطاع "الطواحين" كان الدور كل "45" يوماً، واليوم تحول إلى كل عشرين يوماً، مع الإشارة إلى أن لدى المؤسسة مصادر مياه احتياطية، والمشكلة تكمن في الانقطاع المستمر للتيار الكهربائي».