تعدّ المنطقة الصناعة عصب الحياة لكثيرٍ من الحرف والصناعات المحلية، ومنها المشاريع الرائدة، إلا أنها تعاني من فوضى الصرف الصحي والنظافة على الرغم من وجود مشاريع الحلول المنفذة واقعياً؛ التي تنتظر مباشرة استخدامها.

مدونة وطن "eSyria" زارت "المنطقة الصناعية" جنوبي مدينة "طرطوس"، بتاريخ 22 كانون الأول 2015، والتقت الحرفي "غسان البونياحي"؛ الذي أكد أن الحلول لفوضى الصرف الصحي موجودة وتنتظر التشغيل، وقال: «فوضى الصرف الصحي والنظافة في المنطقة الصناعية شغلت الناس لسنوات، بما ينتج عنها من روائح وقوارض نراها على مدار الساعة، فهي معاناة كبيرة منذ خمس سنوات، وجل ما يقوم به المعنيون بالأمر في الفترة الراهنة تجميع النفايات بعضها فوق بعض، حتى إن بعض النفايات الخفيفة الوزن تنتقل من المكب بفعل الهواء إلى داخل محالنا الصناعية والحرفية المجاورة لمكان التجميع، وبعض السوائل عندما تكون النفايات كثيرة تنتقل بفعل الأمطار بعد أن تتحول إلى سيول تدخل إلى محالنا فنعجز عن منع دخولها إلا بوضع حواجز أو ممرات اصطناعية كالألواح الخشبية مثلاً، علماً أن الحل موجود ومنفذ واقعياً منذ سنوات؛ وهو محطة الترحيل، لكن الجهات الوصائية لا تقوم بتفعيل العمل به».

هناك مشكلة كبيرة في بقاء النفايات لفترات طويلة، وهي عملية التخمر التي تحدث لها، حيث لن تتمكن مديرية النفايات الصلبة في المحافظة من ترحيلها إلى معمل "وادي الهدة"؛ لأنها ليست من اختصاصه العملي والفعلي حينها

ويتابع: «هناك مشكلة كبيرة في بقاء النفايات لفترات طويلة، وهي عملية التخمر التي تحدث لها، حيث لن تتمكن مديرية النفايات الصلبة في المحافظة من ترحيلها إلى معمل "وادي الهدة"؛ لأنها ليست من اختصاصه العملي والفعلي حينها».

الحرفي نزيه الشقرا

الحرفي "إبراهيم درغلي" يملك محلاً مجاوراً لمكان تجميع النفايات، ويعاني يومياً من الروائح الكريهة، قال: «المشكلة في موقع ومكان تجميع النفايات هنا، والمدة الزمنية التي تبقى فيها قبل الترحيل، فقد أثرت في عملنا سلباً نتيجة الروائح الكريهة التي تنبعث منها؛ وهو ما أدى إلى عزوف الكثيرين من الزبائن المعتادين على خدماتنا، واللجوء إلى حرفيين آخرين للعمل لديهم، والجميع يدركون الحل الموجود واقعياً، لكن لا نعلم لم التأخير بالمباشرة، فمحطة الترحيل موجودة ضمن "المنطقة الصناعية" وهي جاهزة للعمل بنسبة تسعين بالمئة، ولا يتم استكمالها والمباشرة بعملها لنقص الكوادر العاملة بها على حدّ زعم القائمين على هذا العمل، علماً أننا نعلم بوجود بطالة عمل، فلماذا لا تتم عملية التوظيف؟».

وفي لقاء مع عضو المكتب التنفيذي لاتحاد الحرفيين "منذر رمضان"، قال: «إن قمامة "المنطقة الصناعية" مجمعة في الزاوية الشمالية الغربية منها، وعند هبوب نسمات الرياح مهما كانت خفيفة، فإنها تنقل الروائح الكريهة من مكان التجميع إلى داخل المنطقة الصناعية، وهذا انعكس على واقع العمل، وساهم بعملية تلوث مناخي وجغرافي؛ فانتشرت القوارض وسواها لتتغلغل داخل المحال القريبة من مكان التجميع.

محطة الترحيل

حتى إن الأذية بالروائح تشمل جميع القرى المجاورة للمنطقة، ومنها قرية "العنابية" وقرية "بيت عليان" وغيرها، علماً أن مطالبنا كحرفيين وصناعيين تتلخص بتشغيل محطة الترحيل القائمة منذ عدة سنوات، والمجهزة بالحاويات والرؤوس القاطرة».

ويضيف: «قمنا مؤخراً بمتابعة الأمر من خلال تقديم كتاب رسمي لمحافظ "طرطوس" تضمن سلبيات وجود المكب والمشكلات الصحيّة والبيئية التي يخلفها على "المنطقة الصناعية"، مع تأكيدنا على ضرورة الإسراع باستكمال إنجاز محطة الترحيل لنقل النفايات إلى معمل "وادي الهدة"، حيث قام بدوره بمخاطبة المعنيين بالأمر بكتاب رسمي للإسراع بتجهيز محطة ترحيل القمامة وتأمين ما يلزم لها، على أن يتم العمل بالسرعة القصوى».

الأستاذ منذر رمضان

أما رئيس جمعية النجارة الحرفي "نزيه الشقرا" العامل في المنطقة الصناعية منذ عام 1997، فقال عن مشكلة الصرف الصحي الذي بنيت له محطة تصفية وترسيب مع تأسيس المنطقة الصناعية كحل متكامل: «الكثير من "ريكارات" الصرف الصحي تعرضت للانهيار نتيجة مرور الشاحنات الكبيرة عليها، أي إنها غير مخصصة لتحمل الأوزان الكبيرة، وهذا أدى إلى انسداد الكثير من قنوات التصريف، فغمرت مداخل محالنا الحرفية، وعند توجيه أي شكوى يكون الرد إن الأعمال مأجورة بالنسبة لنا من مديرية الصرف الصحي، علماً أننا ندفع رسوماً قيمتها نحو 900 ليرة سورية مضافة إلى فاتورة المياه، فلماذا هي مأجورة إذاً؟!».

وهنا أوضح عضو المكتب التنفيذي لاتحاد الحرفيين "منذر رمضان": «تجمع المنطقة الصناعية في الوقت الحالي الكثير من المنشآت الصناعة المهمة على مستوى البلاد، ومنها ما نقل من المحافظات الساخنة إليها؛ أي إنها تعاني من الضغط الكبير وخاصة في بناها التحتية ولا سيما المعنية بالصرف الصحي والموجودة ضمن الشوارع التي هي غير مصممة لتحمل أوزاناً كبيرة، إضافة إلى أن الصرف الصحي في المنطقة الصناعية نقل ككتلة خدمية وبنى تحتية من مجلس المدينة إلى مديرية الصرف الصحي، وهذا أدى إلى فرض رسم قيمته 900 ليرة سورية أضيف إلى فاتورة المياه، وهو ما يعني أن من يتقاضى هذا الرسم مكلف بمختلف أعمال الصيانة الطارئة للبنى التحتية، لكن هذا واقعياً لا يحدث مجاناً، وإنما مقابل أجور مرتفعة تفرض على مقدم شكوى الصيانة والإصلاح».

إذاً، الحل يكمن بصيانة عامة وعاجلة، وهو أمر بسيط برأي الأستاذ "منذر" لأن محطة التحلية موجودة، وتابع قائلاً: «يوجد في المنطقة الصناعية محطة تصفية وترسيب وعملها يقتصر على تصفيه المياه من الشوائب والروائح، وقد كانت قيد العمل في الفترات السابقة، لكنها أوقفت عن العمل في فصل الشتاء لأن المصارف المطرية موصولة بشبكة الصرف الصحي مباشرة، وهذا يؤدي إلى اختناقات وضغط كبير في الكمية التي تصل إلى المحطة فتغرق الأحواض، وهو ما يؤدي إلى تحويلها مباشرة من دون تصفية أو ترسيب إلى مسيل المياه الخارج منها والمجاور لها، ويكمن الحل بفصل الشبكتين إحداهما عن الأخرى، والبحث عن الوصلة التي تربط بينهما، وهو أمر يسير لو توفرت الإرادة بالعمل الجاد».