تتميز "طرطوس" بأنها محافظة زراعية بامتياز وتعتمد الأغلبية من مواطنيها على الزراعة كمورد أساسي للرزق وبهدف الوصول إلى نتائج متميزة في مجال الزراعة في المحافظة يتم بشكل دائم البحث عن زراعات جديدة تحقق الفائدة الأفضل للمزارع من حيث الإنتاجية والاقتصادية وقد دخلت إلى المحافظة عدة أنواع من الزراعات التي لم تكن معروفة سابقاً منها "الموز" و"الكيوي" و"المانجو" وهو في طور التجربة و"الأفوكادو" و"الكاكي" "الخرما" إضافة لبعض الزراعات الموجودة بأعداد قليلة مثل "القشطة" و"الباباي" اليوم وبعد مرور فترة لا بأس بها على تجربة عدة أنواع من الزراعات الحديثة ما الجديد الذي قدمته للمزارع وهل حققت النتائج المرجوة؟

يقول المزارع "أنطون جبور" من أهالي "الخراب" إحدى المناطق الساحلية في مدينة "بانياس" التي تنتشر فيها الزراعات المحمية بشكل واسع: «جربنا زراعة الموز التي لم يكتب لها النجاح في منطقتنا لأسباب كثيرة منها ما يتعلق بأنواع البذار المستوردة وعدم ملاءمة المناخ في المنطقة الساحلية لهذه الزراعة فغرقنا في الديون التي ترتبت جراء القروض الزراعية التي حصلنا عليها بموجب تسهيلات من وزراة الزراعة ولذلك اضطررنا للعودة إلى زراعة البندورة التي منيت هي الأخرى بنكسات الطبيعة والأسعار والاستيراد من الخارج للبندورة في ذروة الإنتاج المحلي أي إننا حتى اليوم نعاني بالرغم من كل التسهيلات من ثقل القروض وديون الصيدليات الزراعية».

تصل إنتاجية الدونم الواحد من الكيوي في حال توفر الخدمات الجيدة من حيث الري والتسميد والتقليم وخاصة التقليم إلى حوالي "4-5" أطنان للدونم الواحد وفي حال بيع الكيلو بـ"50" ليرة كحد وسطي تصل إنتاجية الدونم إلى حوالي "250" ألف ليرة سورية

وللاطلاع على رؤية مديرية زراعة "طرطوس" لواقع هذه الزراعات التقى eTartus بتاريخ 30/4/2009 المهندس "أحمد دلول" رئيس قسم الثروة النباتية في المديرية حيث حدثنا قائلاً: «من خلال متابعة الزراعات الحديثة المنتشرة في المحافظة تبين أن زراعة "الكيوي" هي من الزراعات الناجحة والتي تتلاءم مع الظروف المناخية في الساحل السوري ونجحت زراعتها على ارتفاع حتى "700" متر شريطة حمايتها من الرياح أثناء فترة النمو وقد بلغت المساحات المزروعة بالكيوي في المحافظة حتى اليوم "180" دونم مزروعة بـ"983" شجرة ويقدر الإنتاج السنوي من "الكيوي" بـ"210" أطنان تباع جميعها ضمن السوق المحلية،

أحمد دلول

والذي يساعد على التحكم بمبيع هذه الثمار هو إمكانية حفظها ضمن البرادات لفترة تتجاوز ستة أشهر ويتراوح سعر الكيلو غرام بين "25-300" ليرة سورية وبالتالي يمكن اعتبار هذه الزراعة زراعة رديفة للزراعات التقليدية مثل "الزيتون والحمضيات والخضراوات المحمية" أو بديلاً عن بساتين الزيتون الهرمة والموجودة في بؤر الإصابة بالأمراض الفطرية».

وأضاف السيد "دلول": «تصل إنتاجية الدونم الواحد من الكيوي في حال توفر الخدمات الجيدة من حيث الري والتسميد والتقليم وخاصة التقليم إلى حوالي "4-5" أطنان للدونم الواحد وفي حال بيع الكيلو بـ"50" ليرة كحد وسطي تصل إنتاجية الدونم إلى حوالي "250" ألف ليرة سورية».

بستان كيوي

وعن زراعة "الموز" يقول السيد "دلول": «بدأت هذه الزراعة في العام "1994" إلا أنه لم يكتب لها النجاح في ذلك العام حيث تزامن البدء بهذه التجربة مع السماح باستيراد الموز الأجنبي الذي كان متوقفاً لعدة عقود إلا أن الدولة عادت لتشجيع هذه الزراعة كرديف للزراعة المحمية أو بديل بشكل جزئي للتخفيف من كساد الخضراوات المنتجة ضمن الأنفاق البلاستيكية وخاصة محصول "البندورة" حيث كانت كميات الإنتاج تزيد عدة أضعاف عن حاجة السوق المحلية وبالتالي تدني سعر المنتج إلى ما دون سعر التكلفة نتيجة لعدم تصريف الفائض وقد قدمت الدولة في ذلك الوقت تسهيلات لنشر زراعة الموز منها زيادة سقف الإقراض من "300" إلى 650 ألف ليرة سورية

كما سمحت بمنح قروض كعقود إيجار بالنسبة للمستثمر حيث كان في العام "1997" بإمكان أي مزارع يريد أن يتوسع بهذه الزراعة أن يحصل على عدد كبير من القروض عن طريق إجراء العديد من عقود الإيجار له ولأقربائه ونتيجة لذلك انتشرت هذه الزراعة وازداد عدد المرخصين لزراعة "الموز" حتى وصل إلى ما يزيد عن "1000" مزارع إلا أن المزارعين الذين ثبتوا لم يتجاوزوا "400-500" مزارع ولم تتجاوز المساحة المزروعة "500" دونم موز».

وعن أسباب التعثر الذي لحق بهذه الزراعة يقول السيد "دلول": «تعرضت هذه الزراعة للعديد من النكسات منذ بدايتها منها عدم ملاءمة غراس الموز المستوردة كأصناف للزراعة ضمن البيوت البلاستيكية بسبب ارتفاعها الشاهق الذي أدى إلى تمزيق شرائح النايلون وتعرضها للظروف الجوية مما أدى إلى منتج غير متجانس وغير جيد فاضطر المزارعون لاقتلاعها من البيوت المزروعة والاستعاضة عنها بغراس استوردت في السنوات اللاحقة من مصر و بعد زراعة هذه الغراس تبين أيضاً أنها غير متجانسة الصنف وهذا أثر بشكل كبير على الإنتاجية والنوعية مما دفع بالمزارع أيضاً إلى تغيير الزراعة للسنة الثالثة حيث تم تأمين الغراس من قبل مؤسسة إكثار البذار وهنا أيضاً ظل الخلط بالأصناف قائماً إضافة إلى الظروف الجوية غير المناسبة من "هبوب الرياح القوية والزوابع "التنين" والتدني الكبير في درجات الحرارة" وهذا كله أدى إلى تدني المحصول والتأثير على الناحية الاقتصادية للمزارع من حيث توفر السيولة فوقع في عجز مالي شديد جعله يلجأ إلى محاصيل ذات دورة حياة أقصر مثل البندورة لتوفير سيولة نقدية يستطيع من خلالها تأمين معيشته».

وعن وضع هذه الزراعة اليوم يقول السيد "دلول": «تدهورت زراعة "الموز" وتقلصت المساحات المزروعة بها إلى أن وصلت حتى تاريخه "16" دونماً وعدد المزارعين إلى "8" مزارعين فقط لكن تدهور هذه الزراعة لهذا الحد من المساحة لا يعني عدم اقتصاديتها فمن خلال متابعتنا للإنتاجية والنفقات التي تصرف عليها تبين أنها اقتصادية حيث إن متوسط إنتاج الدونم بين "6-9" أطنان إذا بيع الكيلو الواحد بـ"30" ليرة سورية يعطي الدونم بحدود "240"ألف ليرة سورية إذا قدرت النفقات بـ"40" ألف ليرة سورية سيكون الصافي "200" ألف ليرة سورية وهذا مبلغ جيد من حيث إنتاجية وحدة المساحة».

وعن المساعدة التي قدمتها مديرية الزراعة لمزارعي "الموز" قال السيد "دلول": «تم فرز مهندس زراعي لتقديم الاستشارات الفنية لكل مزارع ومهندس آخر لمتابعة عملية تسهيل الإقراض كما تم إقامة صالة نموذجية في مكتب بحوث الحمضيات وهي صالة بحثية للتعرف على أفضل الأصناف ومدى ملاءمتها من حيث النمو والإنتاجية وبعد ثلاث سنوات من التجربة اعتمد صنف "غراند نان" كأفضل الأصناف المدروسة حيث متوسط إنتاج الشجرة الواحدة من هذا الصنف بحدود "35" كيلو غرام وارتفاعها "3,5 -4" متر».

وعن الأصناف الأخرى التي تزرع يقول السيد "دلول": «هناك المانجو الذي يزرع ضمن الأنفاق البلاستيكية من نوع "المانجو القزمي" نموها وإنتاجها جيدان وأسعار بيعها جيدة حيث يتراوح سعر الكيلو بين "200-250" ليرة سورية ويمكن أن يكتب لهذه الزراعة النجاح في حال تأمين الغراس الملائمة سواء للزراعة ضمن الأنفاق البلاستيكية أو الزراعة المكشوفة وهناك أيضاً الأفوكادو الذي لم تتجاوز المساحة المزروعة به "5" هكتارات وعدد الأشجار بحدود "400" شجرة لكن لوحظ أن هذا المنتج لا يحظى بشعبية واسعة ولا طلب عليه أما "القشطة" و"الباباي" فهي زراعة محدودة جداًً وهي نباتات استوائية بحاجة لجو خاص».

في الختام كان لنا جولة في المزارع حيث التقطنا بعض الصور.