تعدُّ قرية "أبتلة" من القرى الناجحة في العمل الزراعي، وتلقى محاصيلها إقبالاً كبيراً في الأسواق المحلية، تقع جغرافياً على تلةٍ صغيرةٍ مطلةٍ على البحر مباشرة، وتميز سكانها بنسبة التحصيل العلمي العالي.

مدوّنةُ وطن "eSyria" زارت بتاريخ 16 نيسان 2020 قرية "أبتلة" شمال مدينة "بانياس" بحوالي خمسة كيلومترات، والتقت المختار "داوود حسن" الذي قال: «قريتنا صغيرة من حيث عدد السكان والجغرافية الأساسية لها، ولكنها نشطت في العمل الزراعي منذ بداية الاستيطان البشري فيها، ولا فرق لدينا بين متعلم ورجل وامرأة أو طالب جامعي بالعمل، فالجميع كادح ويعمل بتميز، وخاصة في زراعة البيوت المحمية التي تقدر مساحتها بحوالي 500 دنم مزروعة لصالح الأهالي، رغم أنه يوجد ما يناهز /100/ عائلة وافدة من مختلف القرى المحيطة بنا، والمحافظات الأخرى يعملون لدينا بالزراعة، وذلك نتيجة اتساع المساحات المزروعة.

يحدها من الجهة الشرقية قرية "بلغونس"، ويحدها من الجهة الغربية الأوتستراد الدولي "طرطوس- اللاذقية" ومصفاة "بانياس"، ومن الجهة الجنوبية قرية "دير البشل" وقرية "حرف بنمرة"، أما من الجهة الشمالية فيحدها قرية "المزارع" التابعة لمحافظة "اللاذقية"

أراضي القرية الزراعية تبدأ من الأوتوستراد الدوالي "طرطوس - اللاذقية" غرب القرية مباشرة وصولاً إلى شاطئ البحر بمسافة تزيد على عشرة كيلومترات كخط طولي، ومن عقدة مواصلات مفرق "العنازة" المعروفة على مستوى المحافظة جنوباً حتى جسر قرية "حريصون" شمالاً، حيث يقطع هذا الجسر الأوتستراد الدولي للعبور إلى الطريق القديم الواصل بين مدينة "بانياس"، ومدينة "جبلة".

المهندس منير بيضون

يبلغ عدد سكان القرية حوالي /1500/ نسمة مقيمة فيها، وتعمل بمختلف الحرف التجارية والزراعية والاقتصادية، نتيجة نشاطها الزراعي المثمر، كما أنه يوجد حوالي /300/ نسمة تقطن خارجها».

ويضيف المختار: «ترتفع عن سطح البحر حوالي /100/ متر وتبعد عن الأوتستراد الدولي حوالي /1000/ متر فقط.

مزرعة بيت بيضون

وتعود أصول السكان حسب الأحاديث المتناقلة بالتواتر؛ إلى القرية "بلغونس" التي كنا نتبع لها إدارياً منذ عدة عقود، إضافة إلى بعض العائلات القادمة من قرية "المزارع" الشمالية، كما أنه توجد رواية أخرى تقول إنّ بعض العائلات قدمت من منطقة "وادي العيون" نتيجة العمل الزراعي لدى الإقطاعيين الذين كانوا يملكون كل شيء هنا قبل قيام الأهالي بشراء كل ما استطاعوا شرائه منهم، بعد النجاح الكبير الذي حققوه في زراعتهم».

ويختم حديثه بالقول: «تعاني القرية من مشكلة دائمة في خطوط الهاتف الأرضي دون معرفة بالأسباب، علماً أن مراجعاتنا كثيرة لمديرية الاتصالات، ولكن دون فائدة، كما أنها تعاني من نقص في مياه الشرب عبر شبكات الري الحكومية، لذلك نعتمد على الآبار الإرتوازية الخاصة التي تروي محاصيلنا الزراعية».

قرية أبتلة وفق جوجل إرث ضمن الدائرة الصفراء

وعن حدودها تحدث "أحمد ميهوب" من أهالي وسكان القرية فقال: «يحدها من الجهة الشرقية قرية "بلغونس"، ويحدها من الجهة الغربية الأوتستراد الدولي "طرطوس- اللاذقية" ومصفاة "بانياس"، ومن الجهة الجنوبية قرية "دير البشل" وقرية "حرف بنمرة"، أما من الجهة الشمالية فيحدها قرية "المزارع" التابعة لمحافظة "اللاذقية"».

المهندس "منير بيوضون" من أهالي وسكان القرية قال: «تعود أصول تسميتها للغة السريانية، وهي مؤلفة من مقطعين الأول "أب"، والثاني "تلة" وتعني الرابية المشرفة، وهي مشتقة من اللغة الأكادية حسب أحد المعاجم المختصة بتسمية القرى.

عمر الاستيطان البشري فيها حوالي /100/ عام، حيث كانت تابعة إدارياً لقرية "بلغونس"، وكان قائم مقام المنطقة الشيخ "أحمد حبيب"، ولكنها منذ العام 2010 أصبحت تتبع لبلدية "بانياس".

توجد في القرية عدة عائلات، منها "آل ميهوب"، و"آل بيضون"، و"آل حسن"، و"آل ديوب"، و"آل غنوج"، وهذا التنوع في العائلات أدى إلى منافسة إيجابية في التحصيل العلمي، حيث يوجد فيها عشرات الأطباء والمهندسين بمختلف الاختصاصات، ناهيك عن أن الأغلبية من حملة الشهادات الجامعية.

ورغم التحصيل العلمي العالي لم يفارق السكان حقولهم الزراعية، بل أبدعوا في نجاح محاصيلهم وتنوعها وباتت مطلب جميع التجار، وهذا انعكس على نشاطهم الاقتصادي إيجاباً».

ويتابع: «في القرية مزرعة وحيدة تابعة لها تسمى مزرعة "بيت بيضون"، وتمتد من مفرق "العنازة" إلى جسر "حريصون"، ومن نهر "بسمة" شمالاً، وحدودها الشرقية الأوتستراد، وحتى طريق "بانياس- حريصون" القديم غرباً، وقد أحدثت هذه المزرعة بقرار من وزير الإدارة المحلية عام 2000 بجهد شخصي وليس رسمي، ما أدى إلى توفير الكهرباء والبنى التحتية لها، وساهم بنموها اقتصادياً وسكانياً وزراعياً، حيث تم تنظيم الأراضي فيها لتصبح قابلة للبناء بمستوى ثلاث طبقات، كما تم تعبيد طريقها العام، وحالياً حصلنا على موافقة إنشاء جسر يوفر على الأهالي قطع مسافة أربعين كيلومتراً حين الانتقال من ضفة نهر "حريصون" الذي يخترقها بعرض ستة أمتار، إلى قسمين».