موقعُها على سفح جبلٍ يعدُّ امتداداً لسلسلة الجبال الساحلية، وتوسطها بين ثلاث مناطق هي "بانياس"، "القدموس"، و"الشيخ بدر" أمر زاد أهميتها، إلى جانب ما يميّزها من مناخ معتدل وطبيعة ساحرة.

مدوّنةُ وطن "eSyria" التقت بتاريخ 26 كانون الثاني 2020 المتقاعد "أحمد زهرة" من سكان قرية "درتي" ليحدثنا عن الموقع والسكان والمعيشة، فقال: «تتبع القرية إدارياً إلى منطقة "الشيخ بدر"، وتبعد عن مدينة "طرطوس" خمسة وثلاثين كيلو متراً، وهي قرية تتربع على سفح جبلي لا يرتفع سوى أقل من خمسمئة متر عن سطح البحر، ويعدُّ امتداداً للسلاسل الجبلية الساحلية المواجهة للبحر، كما أنها تشكل صلة وصلٍ بين مناطق ثلاث هي: "الشيخ بدر" جنوباً، "بانياس" شمالاً، "القدموس" شرقاً، أيضاً تحيط بها مجموعةٌ من القرى أذكر منها، قرية "القصيبية" من جهة الشمال، وقريتا "الكفرون"، و"الموشة" من جهة الجنوب، ومن الشرق قرية "سريجس"، ومن جهة الغرب "بيت القليح".

القرية ذات مناخ دافئ بشكل عام، وهي ذات طبيعة جميلة ساحرة ومتميزة، يمرّ نهر "مرقية" في الطرف الشمالي الشرقي منها، هذا إلى جانب وجود عدد من الينابيع أشهرها، نبع "عين المرابة"، "عين شرف"، "عين قيّر"، "عين الفوارة"، "عين التحتا"

تقسم إلى حارتين رئيسيتين شرقية وغربية، وبعض الحارات الفرعية، كما يبلغ عدد سكانها حوالي 2500 نسمة، وهم من عائلات "زهرة"، "سلوم"، "صقر"، "سليمان"، "خليل"، "علي"، "حربا"، "شاهين"، "درويش"، "حسن"، "سلامي"، "صارم"، "صالح"، "محمود"، "ملحم"، "بدور"، "إبراهيم"، قاسم"».

من القرية

ويتابع: «يبلغ عمر القرية ما يقارب خمسمئة عام حسب روايات أجدادنا وأهالينا، والسكان فيها ينتمون إلى الطبقتين المتوسطة والفقيرة، ومع ذلك يوجد فيها نسبةً كبيرةً من المتعلمين والمثقفين، يعملون في قطاعات الدولة المختلفة، وبشكل عام كأي قرية يعتمد الأهالي فيها على الزراعة في معيشتهم، ومن أبرز المحصولات التي كانوا يعتمدون عليها كمصدر للدخل التبغ، لكن في الآونة الأخيرة شهدت زراعته بعض التراجع، والسبب يعود إلى مردوده الذي أصبح ضئيلاً مقارنة مع المجهود الكبير والأعباء التي تطلبها زراعته والعناية به. ومن ناحية الأشجار المثمرة فالاعتماد كبير جداً على زراعة اللوز والزيتون، وهما في الحقيقة يعدان في الوقت الحالي المحصولين الرئيسيين، كونهما يشكلان مصدرين أساسيين لدخل معظم أهالي القرية».

وعن الطبيعة والمناخ، قال: «القرية ذات مناخ دافئ بشكل عام، وهي ذات طبيعة جميلة ساحرة ومتميزة، يمرّ نهر "مرقية" في الطرف الشمالي الشرقي منها، هذا إلى جانب وجود عدد من الينابيع أشهرها، نبع "عين المرابة"، "عين شرف"، "عين قيّر"، "عين الفوارة"، "عين التحتا"».

أحمد زهرة وربيحة سلوم

أما عن الوضع الخدمي فقد تحدثت المعلمة "ربيحة سلوم" وهي من أهالي القرية، فقالت: «تتنوع الخدمات في قريتنا، فهي تحتوي على شبكة كهرباء وشبكة لمياه الشرب، كما تتوفر فيها خدمات الهاتف والإنترنت، إلى جانب وجود مركز صحي، وبلدية أحدثت منذ حوالي العام تقريباً، ومسجد وبعض المحال التجارية التي توفر السلع والخدمات، أيضاً يوجد لدينا العديد من المهن كالحدادة والنّجارة والخياطة، وصناعات تراثية كالسلال والأطباق المصنوعة من أعواد الريحان، كما يوجد فيها مدرستان ابتدائيتان ومدرسة إعدادية وأخرى ثانوية، وترتفع نسبة المتعلمين بشكل كبير، فمنهم الأطباء والمهندسون والصيادلة والمعلمون، وغيرهم من أصحاب الاختصاصات العلمية المتنوعة، لكن رغم توافر هذه الخدمات تعاني قريتنا من نقص في خدمات أخرى ذات أهمية كبيرة منها عدم وجود شبكة صرف صحي، أو فرن يؤمن حاجة الأهالي من مادة الخبز، ولا معصرة زيتون توفر علينا مجهود العصر في قرى أخرى أثناء مواسم القطاف، إلى جانب الوضع السيئ للطرقات الرئيسية والفرعية والزراعية، والتي يحتاج معظمها إلى التعبيد».

وفيما يخص جانباً من تاريخ القرية ومعنى تسميتها قال "بسام وطفة" رئيس قسم التنقيب في دائرة آثار "طرطوس": «تم العثور في قرية "درتي" على بعض الدلائل الأثرية المنقولة، منها دولاب معصرة من الحجر البازلتي كبير الحجم، وآخر من الحجر الأبيض القاسي، وجرن بازلتي صغير، وهناك أيضاً دولاب معصرة بازلتي منحوت ضمن منزل المختار، كما تنتشر الكسر الفخارية بكثافة في المكان وتعود إلى الفترتين البيزنطية والرومانية، وقد أُفدنا بوجود مدفن ضمن الحافة الصخرية بالقرب من الموقع، وتبيّن لنا وجود تجويف ضمن هذه الحافة، لكنه مكسو بالطينة الإسمنتية وتمّ البناء أمامه، ولم يتبين لنا وجود أي أعمال نحت فقمنا بأعمال التوثيق اللازمة، أما تسمية "درتي" فهي تسمية سريانية، وتعني باحة الدار، وكلمة "درتا" تعني الدار أو السكن، وعند لفظها "درتي" تعني داري أو سكني الخاص بي».

القرية على الخريطة