تربع حي "الرادار" في منطقة مكشوفة على مختلف المناطق المحيطة به كجزيرة "أرواد"، وجبال "لبنان"، وريف مدينة "طرطوس"، حيث سكنه أهله المنحدرون من مختلف المحافظات منذ خمسين عاماً، لبساطة المعيشة فيه، حتى بات أشبه بـ "سورية" الصغيرة لأجوائه وعلاقات المحبة التي نبتت فيه.

مدوّنةُ وطن "eSyria" زارت بتاريخ 27 شباط 2020 حي "الرادار" الذي عرف بتوسعه العمراني الكبير في زمن قياسي، والتقت المختار السابق للحي "فيصل ناصر" الذي قال: «بشكل عام نحن نتبع مباشرة لبلدية "طرطوس"، ويقع الحي ضمن ما يسمى تنظيمياً قطاع المنطقة الجنوبية للمدينة، وسكنه بعض العائلات منذ ما يقارب الخمسين عاماً، ويمكن تحديد حدوده انطلاقاً من سكة القطار شرقاً، حيث مدخله من الجهة الغربية المطلة على البحر مباشرةً، وصولاً للأوتوستراد الدوالي "طرطوس- حمص".

تنوعت تسميات العائلات المقيمة في الحي، ومنها على سبيل المثال لا الحصر "آل نيساني"، "آل جواد"، "آل حمو"، "آل عيسى"، "آل مرهج"، "آل شما"، "آل ناصر"

ويبلغ عدد السكان نحو خمسة وعشرين ألف نسمة، ويعد من أكبر أحياء المدينة من حيث المساحة وعدد السكان، واللافت فيه التوسع السكاني والعمراني، نظراً لبساطة المعيشة فيه وحميمية العلاقات التي تربط الأهالي فيما بينهم، وقد سمي بحي "الرادار" نظراً لوجود رادار عسكري قبل الوجود السكاني فيه».

مدخل الحي

ويتابع: «في الحي مدرسة واحدة فقط (حلقتين أولى وثانية)، وفق نظام دوامين صباحي ومسائي، وهذا جعل الحي إلى جانب التزايد الكبير والمستمر في عدد الطلاب بحاجة ماسة إلى مدرسة ثانوية، لتخفيف عبء التنقل على الطلاب في تحصيلهم العلمي، وكذلك بالنسبة للخدمات الطبية يوجد مستوصف طبي واحد فقط، وهذا يجعلنا بحاجة لتفعيل المخطط التنظيمي المصدق منذ عام 2008».

"حسام عيسى" عضو لجنة الحي، تحدث عن الحدود الجغرافية له، فقال: «يحده من الجهة الجنوبية موقع "عمريت" الأثري، ومن الجهة الغربية حي "وادي الشاطر"، ومن الجهة الشمالية حي "رأس الشغري"، ومن الجهة الشرقية الأوتوستراد الدولي "طرطوس- حمص".

فيصل ناصر وإلى يمينه عسكر حميدو

يرتفع عن سطح البحر حوالي عشرين متراً فقط، ويعمل الأهالي بالوظائف الحكومية، وذلك بنسبة تفوق السبعين بالمئة، والبقية يعملون بالمهن الحرة، ما جعله متكامل الخدمات، ومنكفئاً على ذاته، ورغم ذلك احتضن خلال العشر سنوات الأخيرة الكثير من الوافدين.

واللافت الكثافة السكانية الكبيرة مقارنة مع أول استيطان بشري فيه، والسبب في ذلك أن الأغلبية من الطبقة الفقيرة توجهوا إليه كونهم لا يملكون القدرة المالية على السكن ضمن مركز المدينة المكتظ أساساً بالسكان، فلجؤوا إليه لرخص أسعار العقارات وبساطة المعيشة، والعلاقات الاجتماعية التي كانوا يبحثون عنها.

حي الرادار على الخريطة

واتسم موقعه الجغرافي بالجمال نتيجة قربة من البحر، وبعده عن ضوضاء المدينة، فهو أقرب إلى الأجواء الريفية، وهذا كان سبباً أساسياً في التوافد السكاني للإقامة والتملك فيه».

وعن عائلات الحي وتسمياتهم قال الموظف المتقاعد "عسكر حميدو" المقيم في الحي منذ حوالي خمسة وثلاثين عاماً بعد قدومه من محافظة "إدلب": «تنوعت تسميات العائلات المقيمة في الحي، ومنها على سبيل المثال لا الحصر "آل نيساني"، "آل جواد"، "آل حمو"، "آل عيسى"، "آل مرهج"، "آل شما"، "آل ناصر"».

وهذا التنوع في العائلات جعل من نسبة التعليم مرتفعة بحسب حديث التاجر "مصطفى خليل" المقيم في الحي منذ نحو ثلاثين عاماً قادماً من محافظة "إدلب"، وأضاف: «الأهالي هنا متعطشون للتحصيل العلمي، حيث تمكنوا من بناء أسرهم من اللا شيء، ناهيك بالألفة بين الناس، والمحبة والبساطة في العلاقات، وهذا كان له الأثر الإيجابي الكبير في العمل الشعبي الذي يندفع له الجميع بتنظيم، ما انعكس إيجاباً على تأمين الخدمات كالمازوت والغاز بخلاف بقية الأحياء».