مزرعة "بشراغي" أرض بنت عليها الحضارات القديمة على مرّ العصور مقدساتها الدينية، وتعدّ اليوم من أجمل مناطق الجبال الساحلية، حيث ساهم في ذلك ليس فقط تاريخها، إنما طبيعتها الجغرافية الفائقة التميّز.

مدونة وطن "eSyria" زارت مزرعة "بشراغي" بتاريخ 7 كانون الأول 2017، والتقت المهندس "نورس صالح" رئيس بلدية قرية "كاف الجاع" ليحدثنا عن الموقع والسكان، حيث قال: «تتبع المزرعة إلى قرية "كاف الجاع" في ريف منطقة "القدموس"، حيث تبعد عنها مسافة تقدّر بسبعة كيلو مترات، وتعدّ من المناطق الإدارية الأخيرة التي تفصل ريف محافظة "طرطوس" الشرقي عن الريف الغربي لمحافظة "حماة"، وتحيط بها مجموعة من القرى؛ فمن جهة الشرق "عين قضيب"، ومن الجنوب قرية "السلورية"، ومن الغرب "كاف الجاع"، أما من جهة الشمال، فتحدها قرية "الحاطرية"، ويقارب عدد السكان فيها أربعمئة نسمة. أما العائلات، فهي: "حسون"، و"مسعود"، و"أحمد"، و"محمد"، و"حسن". وتعدّ الزراعة الحرفة الرئيسة لسكانها إلى جانب أعمالهم الأخرى سواء في القطاع العام أو الخاص».

تقع المزرعة على السفح الجنوبي لجبل "القضبون" الأثري، وقديماً اختير هذا الموقع للاستفادة القصوى من أشعة الشمس التي تميل نحو الجنوب شتاءً. تراوح ارتفاعات المزرعة ما بين ألف وألف ومئة وخمسة وتسعين متراً عن سطح البحر في أعلى قمة الجبل، وهي من أعلى القمم في ريف منطقة "القدموس"، وتقع على خطوط تقسيم المياه بين السفحين الشرقي والغربي للجبال الساحلية، وعلى الطرف الشمالي الشرقي لحوض نهر "المرقية"

تتوفر في مزرعة "بشراغي" العديد من الخدمات، حيث قال: «المزرعة مخدمة بشبكات الصرف الصحي والكهرباء ومياه الشرب، وتتوفر فيها أيضاً الاتصالات وخدمات الإنترنت، وفيها طريق رئيس واحد ومجموعة من الطرق الزراعية الوعرة التي فرضتها طبيعة المنطقة، ولا توجد فيها أي مدرسة، حيث يتلقى الطلاب تعليمهم في كافة المراحل في مدارس قرية "كاف الجاع"، وفيها عدد كبير من الخريجين والطلاب الجامعيين في مختلف الاختصاصات، لكن أبناء المزرعة يتكلفون عناء التنقل إلى مدارسهم وأعمالهم نتيجة عدم تخديمها بوسائل نقل عامة».

"بسام وطفة"

وعن تاريخ المزرعة وسبب التسمية، يقول "بسام وطفة" رئيس شعبة التنقيب في دائرة آثار طرطوس: «"بشراغي" لفظ مركب من ثلاث كلمات سريانية، فالباء تعني البيت، و"شرا" مكان السكن وحلّ العسكر؛ أي فتح وحرر، أما "غي"، فتلفظ بالعربية غيناً، بينما تكتب في السريانية جيماً لأن الجيم في السريانية إذا وقعت بعد متحرك أو في بداية الكلمة تلفظ غيناً، وهي تعني العالي والمتكبر، كما أن كلمة "بشراغي" في السريانية تعني أيضاً مكان السُرُج (جمع سراج)؛ أي المصابيح. وتتميز "بشراغي" أيضاً بجبل "القضبون" الأثري الواقع على يمين طريق عام "القدموس - مصياف" على بعد كيلو متر واحد فقط عن الطريق، واثني عشر متراً عن مدينة "مصياف" التابعة لمحافظة "حماة"، و"القضبون" يعني سيد الفيض "بعل"، وفيه أنقاض كنائس مسيحية صغيرة كانت قد شيدت على أنقاض بعض المعابد القديمة، ويختلف معبد "القضبون" عن المعابد الكنعانية بوجود باحة مكشوفة تحيط بالحرم في وسطها مصلى صغير أمامه مسبح للقرابين أو نافورة مياه، وفي عام ألف وتسعمئة وثمانية وثمانين، وأثناء قيام أحد سكان المزرعة؛ وهو "علي حسون" باستصلاح أرضه، تم الكشف عن نصب الإله "بعل"، وهناك معبد آخر في أعلى القمة الجبلية لا يمكن الوصول إليه إلا سيراً على الأقدام يقع على مسافة مئتي متر عن المعبد الأول».

أكثر ما يميز المنطقة طبيعتها الجغرافية، عنها يقول المهتم بالبحوث الجغرافية المدرّس "سامي حسن": «تقع المزرعة على السفح الجنوبي لجبل "القضبون" الأثري، وقديماً اختير هذا الموقع للاستفادة القصوى من أشعة الشمس التي تميل نحو الجنوب شتاءً.

"بشراغي" عبر غوغل إيرث

تراوح ارتفاعات المزرعة ما بين ألف وألف ومئة وخمسة وتسعين متراً عن سطح البحر في أعلى قمة الجبل، وهي من أعلى القمم في ريف منطقة "القدموس"، وتقع على خطوط تقسيم المياه بين السفحين الشرقي والغربي للجبال الساحلية، وعلى الطرف الشمالي الشرقي لحوض نهر "المرقية"».

ويتابع: «تتميز المنطقة بصخورها الكلسية التي تكثر فيها الخدوش الكارستية والشقوق، كما أنها تقع في منطقة المناخ المتوسطي الجبلي، ونتيجة الارتفاع الكبير للمزرعة؛ مناخها شديد البرودة شتاءً، وتزيد غزارة الأمطار فيها على الألف ميليمتر؛ يتساقط معظمها على شكل ثلوج، وصيفها معتدل ولطيف جداً. ويتنوع النبات الطبيعي فيها، حيث يوجد بعض الأنواع من أشجار البلوط والسنديان المعمرة، إضافة إلى نبات الهندباء و"القرص عنّه"، وغيرها من النباتات التي تعدّ رافداً مهماً من روافد الغذاء الطبيعي الذي يعتمده سكان المنطقة بوجه عام. وتعدّ المزرعة بكل ما فيها من أجمل المناطق الطبيعية في "سورية" لغناها التضريسي والأثري، وارتفاعها الكبير الذي يمكّن أي شخص يقف على قمة "القضبون" من رؤية أجزاء من جبال "لبنان" و"طرابلس"، وأجزاء من محافظات "طرطوس، اللاذقية، حماة وحمص"».

من طرق "بشراغي" الزراعية