ساحة ترابية جمعت أبناء الريف بأبناء المدينة القديمة ليتبادلوا ما يملكون وينتجون، ومرّ بها المسافرون واستراحوا في مطاعمها لتناول المأكولات الريفية، فكانت المقصد بحكم الجغرافية.

على الدوام كانت التجارة منتج الناس في أمكان وجودهم، لكن القاعدة في "حيّ المشبكة" تغيرت، فليس التجمع السكاني هو الذي يفرض هذه الحالة، بل التجمع التجاري وعدة منازل متفرقة؛ هذا ما قاله التاجر "خالد حمودة"، وهو أحد السكان الأساسيين في الحيّ، لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 3 نيسان 2017، وتابع: «قبل عدة عقود، أساس الحي كان تجمعاً تجارياً في منطقة عبور أساسية على الشريط الساحلي، فجميع أبناء الريف المنتجين للمواد الاستهلاكية والزراعية والغذائية وغير المنتجين لها، يلتقون يومياً أبناء المدينة القديمة القاطنين ضمن السور الداخلي، إضافة إلى السكان المقيمين والمنتشرين خارج السور مع قلة عددهم، في منطقة ترابية ما بين كروم وبيارات الليمون، بهدف التجارة والتسوق والتسلية. ومع أن العائلات التي كانت تسكن خارج سور المدينة القديمة، كانت محدودة العدد جداً، حيث لا يتجاوز عددها عشر عائلات، إلا أن الجغرافية المتوسطة ما بين المسافات، هي سبب تجمعهم في المنطقة الترابية التي تحولت إلى سوق قد يكون الأقدم في المدينة، وقد يكون هذا السبب في تسمية الحي بـ"المشبكة"».

كانت تجارة الدجاج والقمح رائجة كثيراً في ذاك الوقت؛ وهو ما جعل الساحة عصب الحياة الاقتصادية والتجارية للريف والمدينة معاً، وكان خارج حدود الساحة؛ أي في مكان التجمع التجاري الذي لا يتجاوز 1000 متر مربع، كروم زيتون وليمون، وكانت تسمى حينئذٍ "الناعورة"

ويضيف: «الساحة الترابية تحولت إلى عصب شرياني تجاري مهم في المدينة، ومع تطور طبيعة الحياة والاقتصاد والنظام العمراني، تبلورت أهمية هذا الموقع، فوضع نصب لساعة تدل على الوقت وتشرف على مساحات واسعة منها ومن بقية أجزاء الموقع، فأصبحت نقطة علام معروفة على مستوى المحافظة وخارجها، وأصبحت تسميته "دوار ساعة المشبكة"، كما لا يزال صلة وصل عقدة مرورية مهمة بين الشمال والجنوب في مدينة "طرطوس"، كما كانت في السابق».

من شوارع الحي

التاجر "جبرا الموراني"، قال: «عندما كانت الساحة ترابية، كان هناك عدة منشآت مهمة، منها: سينما "العباسين" القديمة، ومطعمان يقدمان الوجبات المنزلية، وأظن كان هناك محل لبيع "المشبك"، وربما لهذا سميت الساحة بــ"المشبكة"، وامتدت الساحة إلى عدة شوارع، وعلى الرغم من التطور العمراني والتزايد السكاني، حافظت على ذات التسمية».

أما "كمال بغدادي"، وهو من السكان الأساسيين في الحي، فقال: «من أبرز العائلات التي كانت موجودة منذ القدم: "آل حمودة"، و"آل بغدادي"، و"آل معماري"، و"آل منصور"، و"آل السبع"، و"آل بعشتري"، وجميعهم مع سكان المدينة القديمة وأهالي الريف يقصدون المكان ويجتمعون فيه يومياً، وأظنّ أنّ هذا التشابك الكبير بين الناس والمصالح وحتى على صعيد الطرق الترابية التي كانت تصل إليها هو سبب التسمية، حيث كانت تسمى في البداية "الساحة"».

من شوارع الحي

ويتابع: «كانت تجارة الدجاج والقمح رائجة كثيراً في ذاك الوقت؛ وهو ما جعل الساحة عصب الحياة الاقتصادية والتجارية للريف والمدينة معاً، وكان خارج حدود الساحة؛ أي في مكان التجمع التجاري الذي لا يتجاوز 1000 متر مربع، كروم زيتون وليمون، وكانت تسمى حينئذٍ "الناعورة"».

ويضيف: «يتفرع عن حيّ "المشكبة" الأساسي الحالي شارعان باتجاه الشرق، ومثلهما باتجاه الشمال والجنوب. أما باتجاه الغرب، فيمتد شارع واحد، وآخر باتجاه الغرب الجنوبي، وهنا يمكن القول إن "حي المشبكة" حالياً قسمان: الأول يسمى "المشبكة"، والثاني "المشكبة العليا"، ويقع ضمنها "سوق النسوان" المعروف كنقطة علام على مستوى المحافظة، وأيضاً يشمل بتفرعاته أسواقاً أخرى».

حي المشبكة ضمن الدائرة الصفراء وفق جوجل إيرث

وفيما يخص "نصب الساعة"، قال مختار الحي "أحمد سليمان بلال": «ما يعرف شعبياً بـ"دوار الساعة" له رمزية مكانية وجمالية، وهو نقطة علام في الحي، والجميع يستدلون به، علماً أنها تعدّ بداية الحي من الجهة الشمالية، وعند هذا النصب، كان وما يزال كراج سفر إلى مختلف المحافظات وإلى "لبنان"، وخلال قيام الحركة التصحيحية، كان الشارع الرئيس المتجه من الساحة التجارية باتجاه دوار الشرطة العسكرية الحالي؛ أي باتجاه الجنوب يرصف بالحجارة؛ لأنه كان قبل ذلك ترابياً بالكامل، وتعبره السيارات بمختلف أنواعها كعقدة مرورية تربط الساحل بالداخل، وبالعاصمة "دمشق"».