ملخص: تعود على الأرجح إلى فترة الحضارة "الفينيقية"، فهي كـ"الفتق" بين جبلين، والعوامل المناخية والتضاريس، وطبيعة التربة، جعلتها موطناً لآلاف الأشجار المثمرة التي يأتي في مقدمتها "التفاح"، ونسبة لذلك عرف قسم كبير من أراضيها باسم "التفافيح".

مدونة وطن "eSyria" قامت بتاريخ 27 آذار 2017، بزيارة إلى قرية "الفنيتق"، والتقت "أكرم محمد حاتم" من أبناء القرية وطالب دكتوراة في قسم الفيزياء، حيث قال: «تقع القرية في الجهة الغربية لمدينة "القدموس" على بعد يقدر بخمسة كيلو مترات فقط، وهي تابعة لها من الناحية الإدارية، تتوسط مجموعة من القرى، وتعدّ الأكبر بينها من حيث المساحة، وهي قرية "القديميسة" من الشرق، و"الميدان العتيق" من الشمال الشرقي، وطريق (القدموس - بانياس) شمالاً، أما من جهة الجنوب، فتحدها قريتا "بيت المرج" و"كرم التين"، ومن الجنوب الغربي قريتا "السميحيقة" و"العلية"، ومن الغرب قرية "الحطانية". ويبلغ عدد السكان في الوقت الحالي ألفي نسمة؛ مازال قسم منهم يقطن ضمن القرية القديمة، وخاصة الكبار في السن. أما القسم الآخر من الفئات العمرية المتوسطة والشابة، فقد اتجهوا إلى منطقة "الصليّب" التابعة للقرية، حيث شهدت في المدة الأخيرة نهضة عمرانية كبيرة ومتميزة».

هي تسمية فينيقية قديمة، وتعني "الفتق" بين جبلين، والحقيقة أن الآثار الموجودة في القرية والقرى المجاورة تدل على أن هذه الأرض كانت مأهولة منذ القدم، وقد تتالت عليها الكثير من الحضارات؛ فهناك عدد من المدافن اليهودية والمسيحية والإسلامية والمقامات الدينية، إضافة إلى المغارات والنواغيص الحجرية

وعن سبب التسمية، يقول: «هي تسمية فينيقية قديمة، وتعني "الفتق" بين جبلين، والحقيقة أن الآثار الموجودة في القرية والقرى المجاورة تدل على أن هذه الأرض كانت مأهولة منذ القدم، وقد تتالت عليها الكثير من الحضارات؛ فهناك عدد من المدافن اليهودية والمسيحية والإسلامية والمقامات الدينية، إضافة إلى المغارات والنواغيص الحجرية».

أكرم حاتم

في السنوات الماضية حاول بعض الأهالي التوجه إلى الزراعات المحمية في البيوت البلاستيكية، فلم تكن النتائج مرضية، وهنا كان لا بد من العودة إلى ما يتناسب مع طبيعة المنطقة وتربتها؛ هذا ما قاله "أكرم حاتم" أثناء تحدثه عن وضع الزراعة في القرية، ويكمل: «يعتمد السكان على زراعة التبغ كمحصول تجاري أساسي له دوره في تحسين مستوى الدخل لكل عائلة، إلى جانب ذلك تشتهر القرية بزراعة الأنواع المختلفة من الأشجار المثمرة، وقد وصل عددها حالياً إلى آلاف الأشجار، ويأتي في مقدمتها التفاح بالمرتبة الأولى، وفيها منطقة تدعى "التفافيح" دلالة على ذلك، ثم يأتي الإجاص والدراق واللوز والجوز والمشمش والخوخ والتين والعنب. ولا نعتمد على زراعة أشجار الزيتون، والسبب يعود إلى طبيعة التربة على خلاف القرى المجاورة التي تحتل فيها زراعة الزيتون المرتبة الأولى. أما القمح، فيزرع فقط لسد حاجة المنزل والمؤونة، إضافة إلى زراعة بعض أنواع الخضراوات حول المنازل، كالملفوف والسلق والبصل والثوم، وغيرها».

الباحث الجغرافي "سامي حسن"، تحدث عن طبيعة المنطقة وصفاتها المناخية والتضاريس، فيقول: «تحيط بالقرية أربع قمم جبلية أعلاها منطقة تسمى "المقايل"، وترتفع نحو ثمانمئة وسبعين متراً عن سطح البحر. جميع البيوت القديمة فيها مبنية على السفح المتجه نحو الجنوب الغربي للاستفادة من أشعة الشمس عندما تكون في أقصى ميلان لها أثناء الانقلاب الشتوي، ومع تطور الحياة في تلك المنطقة توسعت القرية لتشمل قسمين هما: "الفنيتق" القديمة، و"الصليّب"؛ حيث انتشرت فيها البيوت بعد أن كانت مجتمعة في منطقة واحدة.

بيوت القرية القديمة

والقرية واقعة ضمن المناخ المتوسطي الجبلي البارد الماطر شتاءً، حيث تزيد أمطاره على 1000مم سنوياً، مع تساقط الثلوج. أما صيفها، فمعتدل وكثيراً ما يتشكل الضباب والندى؛ وهذا ساعد على توفير ظروف مناسبة لقيام الزراعة البعلية خاصة التبغ، وهذا المناخ الرطب أدى إلى وجود غطاء نباتي طبيعي غني، وأبرز أشجاره السنديان والصنوبر والبلوط والدلب والريحان والغار، وبعض أنواع النباتات المتسلقة على جذوع الأشجار. والتربة في تلك المنطقة غير ناضجة بوجه عام، لكنها صالحة لزراعة أنواع كثيرة من الأشجار المثمرة. أما صخورها، فهي كلسية متشققة؛ وهذا يفسر قلة الجريانات السطحية، حيث يوجد عدد من الينابيع التي تجفّ صيفاً باستثناء نبع غزير دائم الجريان في منطقة "التفافيح"، وهنا يعمل الأهالي لتفادي مشكلة نقص المياه إلى تجميعها في موسم الشتاء ضمن خزانات بما يسمى "حصاد الأمطار"؛ لتأمين بعض حاجاتهم وسقاية المزروعات حول المنازل صيفاً».

وعن الخدمات فيها، تقول "رشا حاتم" خريجة جامعية من أهالي القرية: «تتوافر فيها عدة خدمات، منها: مقسم الهاتف الآلي، وخدمات الإنترنت ADSL، إضافة إلى وجود مركز صحي يقدم خدماته لكامل المنطقة، وأيضاً عدد من المحال التجارية وورشات الحدادة والنجارة وغيرها، وعلى الرغم من وجود شبكة مياه للشرب، إلا أنها تعاني مشكلة تكلس الأنابيب، ولا تضخ المياه إلا مرة واحدة في الشهر. وللقرية طريق رئيس معبد وعدد من الطرق الزراعية بعضها يتصف بالوعورة؛ وهو ما أدى إلى معاناة المزارعين في الوصول إلى أراضيهم الزراعية، هذا إضافة إلى عدم وجود شبكة صرف صحي، وفيها أيضاً مدارس حلقة أولى وثانية، ومدرسة ثانوية بفرعيها الأدبي والعلمي، والحقيقة أن القرية تتميز بارتفاع نسبة الطلاب والخريجين الجامعيين وطلاب الدراسات العليا».

الفنيتق على غوغل