أخذت قرية "كاف الجاع" اسمها من تكوينها البشري؛ فإنسانها ثروتها الحقيقية بمختلف مراحلها التاريخية، ناهيك عن أنّها "معبد الإله بعل"، المتكئة جغرافياً على جرف صخري.

وعن تاريخ القرية وتميزها المكاني، حدثتنا المدرّسة "غنوة كامل عباس" من سكان القرية لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 22 تشرين الأول 2016: «يرجع تاريخ قرية "كاف الجاع" إلى العهد البابلي؛ ففيها "معبد الإله بعل" "كافي الجيّاع". أما في السريانية، فتعني القرية المتكئة على الجرف الصخري، وتتبع هذه القرية إدارياً إلى منطقة "القدموس"، وهي ممتدة على السفح الجنوبي الشرقي لجبل "زغرين"، وعند التقاء طريقي (القدموس، مصياف)، و(القدموس، الشيخ بدر).

تقع القرية في أقصى الحوض الأعلى لنهر "المرقية"؛ وهذا يفسّر غناها بالمياه الجوفية والينابيع الكارستية الغزيرة، ومن ينابيعها: "عين الجوز"، و"عين سناد"، و"عين المحمدية"، و"عين الضيعة"، وينابيع الحارة الغربية، وغيرها العديد، إضافة إلى الينابيع الصغيرة المنتشرة في الأراضي الزراعية؛ لذلك هي متفردة عن القرى المجاورة التي تعاني قلّة الينابيع

تتراوح الارتفاعات في القرية ما بين 747 متراً عن سطح البحر في أخفض نقطة وهي "الوادي"، و1175 متراً في قمة "جبل القضبون" أعلى قمة في المنطقة؛ وهذا ما أكسبها تنوعاً مناخياً بين شديد البرودة شتاءً على القمم الجبلية العالية، ومعتدل بارد ضمن القرية التي تحيط فيها الجبال؛ وهذا لعب دوراً في حمايتها من الرياح. وبالنسبة إلى صيفها، فهو معتدل الحرارة ولطيف، وكثيراً ما يتشكل الضباب في ساعات الصباح الباكر».

من المهن المنتشرة في القرية

وتتابع: «تقع القرية في أقصى الحوض الأعلى لنهر "المرقية"؛ وهذا يفسّر غناها بالمياه الجوفية والينابيع الكارستية الغزيرة، ومن ينابيعها: "عين الجوز"، و"عين سناد"، و"عين المحمدية"، و"عين الضيعة"، وينابيع الحارة الغربية، وغيرها العديد، إضافة إلى الينابيع الصغيرة المنتشرة في الأراضي الزراعية؛ لذلك هي متفردة عن القرى المجاورة التي تعاني قلّة الينابيع».

وتحتل الزراعة المرتبة الأولى في دخل سكان القرية، وفي هذا يقول المهندس الزراعي "سلمان حسن خليل": «كثرة الينابيع الصغيرة المنتشرة في الأراضي الزراعية ساهمت في إكسابها غطاءً أخضر وتنوعاً في محاصيلها الزراعية، وامتدادها على مساحات واسعة وارتفاعاتها المختلفة ميزتها من حيث كميات الأمطار المتساقطة شتاءً، هذا من جهة، ومن جهة ثانية الاستصلاح الواسع لأغلب الأراضي الزراعية، وتوافر الآلات الزراعية الحديثة بمختلف أنواعها بما يلبي حاجة القرية وما يجاورها من قرى كـ"الجرارات والدراسات"، وغيرها. أما في المناطق الشديدة الوعورة، فتستخدم الآلات الزراعية اليدوية البسيطة. كل هذا ساهم في تنوع زراعاتها، ومنها شتوية بعلية تعتمد على الأمطار الشتوية والربيعية، وفي المدة الأخيرة دخلت الزراعات المحمية دخولاً لا بأس فيه لتأمين أنواع شتوية أو صيفية، وبذلك لا يضطر الأهالي إلى شرائها».

المهندس "سلمان خليل"

وعن المحاصيل الزراعية التي تنتجها القرية، يقول: «التبغ محصول تجاري أساسي من محاصيلنا، إضافة إلى القمح الذي يؤمّن حاجة القرية من الطحين والبرغل والزيتون الذي يلبي حاجة الأسر من الزيت، فهذه المواد تمثّل أهم أولويات المعيشة لكل منزل، وهناك الشعير والبقوليات من حمّص وعدس وفول، وزراعات منزلية كالبصل والثوم، وعدة أنواع من الخضار. أما الأشجار المثمرة، فهي الزيتون والتفاح والعنب والجوز واللوز والكرز والتين؛ وهذا حقّق الاكتفاء الذاتي لجميع أهالي القرية، وأمّن دخلاً إضافياً من خلال بيع الفائض من المحاصيل المنتجة».

ليست الزراعة فقط ما يميز القرية، إنما تنوّع المهن والحرف الموجودة فيها، وعن هذا الجانب تقول الصحفية "هبة محسن شعبان": «تتميز قريتنا بوجود الكثير من الحرف والمهن، بعضها تراثي، كصناعة أطباق القشّ التي ما زالت قائمة حتى الآن، إضافة إلى وجود مهن يعمل بها جميع أفراد العائلة الواحدة، فكثرت ورشات الحدادة والنجارة ومعامل البلاط والرخام، والكثير من ورشات البناء بكافة أنواعها، أيضاً فيها معمل لصناعة المحارم ومعمل "بيجامات"، وورشات الخياطة، ويجري الإعداد حالياً لبناء فرن آلي يلبي حاجة القرية والمنطقة من الخبز».

صورة عبر جوجل إيرث توضح تموضع القرية جغرافياً

وعن الناحية التعليمية، تقول "هبة": «ترتفع في القرية نسبة المتعلمين، حتى أنها تكاد تخلو من الأميّة، حيث يوجد في القرية ثلاث مدارس حلقة أولى وثانية، ومدرسة ثانوية، ورياض أطفال، وكلها تستوعب أبناء القرية، وعدد كبير من القرى المجاورة، كما أن نسبة الطلاب والخريجين الجامعيين فيها مرتفعة جداً، وباختصاصات مختلفة، وفي كل عام هناك متفوقون وأوائل على مستوى المحافظة من أبناء القرية، كما أنّ عدداً من الخريجين حصلوا على بعثات إلى خارج القطر، ليكملوا تحصيلهم العلمي العالي، ثم عادوا لتقديم خبراتهم بما يفيد وطنهم».

وعن باقي الجوانب الخدمية في قرية "كاف الجاع"، يقول المهندس المدني "ماهر علي حسن": «تمّ في القرية بناء شبكة صرف صحي يزيد طولها على عشرين ألف متر، وتخدم أكثر من ثمانين بالمئة من القرية، حيث قمنا بتنفيذها منذ عام 2001 حتى هذا العام 2016، كما تم شق الكثير من الطرق بحسب المخطط التنظيمي، وتوسيع الطرق الرئيسة وتدعيمها بعدد كبير من الجدران الاستنادية لمنع انجرافات التربة، وقد تم شق أكثر من عشرة طرق زراعية، وخمسة طرق تنظيمية بالعمل الشعبي وبمبادرات من الأهالي، فكانوا هم الأساس في هذا العمل من حيث تقديم أجزاء من أراضيهم من دون مقابل أو تعويض بسيط، إضافة إلى عملهم في رصف هذه الطرقات لتخديم أراضيهم وتسهيل دخول الآلات الزراعية إليها، كما قمنا بترميم وتطوير عدد من الينابيع كـ"عين سناد" و"عين الجوز"، حيث تمت إعادة حفرها وبناء خزانات لها لحفظ المياه بطريقة صحية، يضاف إلى هذه الخدمات وجود مستوصف وصيدليات ومقسم هاتف آلي وعدد من المطاعم والاستراحات».