صخرة طبيعية تميزت بارتفاعها وموقعها على نهر "الأبرش"، الذي شكل مسبحاً طبيعياً ساهم في تعليم مهارات الغطس النهري، وكَوَّنَ تضيقاً جغرافياً مكن أبناء "بشرائيل" من صيد الأسماك.

مدونة وطن "eSyria" زارت قرية "بشرائيل" شرقي مدينة "صافيتا" بنحو أربعة عشر كيلومتراً، على الطريق الشمالي لناحية "مشتى الحلو"، بتاريخ 15 شباط 2014، لرؤية هذه الصخرة والتعرف بداية ًعلى أهميتها وموقعها الجغرافي، وهناك التقينا السيد "لؤي عيسى" من أبناء القرية، فتحدث قائلاً: «تقع صخرة "النطة" في منتصف منطقة "العوجان" السياحية المعروفة بطبيعتها وجمالها الطبيعي، والمشهورة على مستوى البلاد وبلاد المغترب، إلى جانب منتزه ومطعم مختار القرية المعروف باسم "شلالات العوجان".

أذكر أن والدي كان يقوم بصيد الأسماك بشكل مستمر ضمن أوقات محددة من السنة، وهي أوقات وفترات تكاثر السمك النهري فضي اللون، خلال شهري "نيسان" و"أيار"، حيث تعمد الأسماك إلى السباحة عكس التيار وصولاً إلى النبع الأساسي للنهر، أو نبع "الشيخ" بجوار صخرة "النطة"، وهنا كان يجب على هذه الأسماك عبور صخرة "النطة" أولاً للوصول إلى المكان المناسب للتكاثر ووضع البيض

وهي صخرة طبيعية لها من الأهمية الاجتماعية والمكانية ما لمنطقة "العوجان" من أهمية سياحية، فالجميع يعدّها كنقطة علام للتلاقي على نهر "الأبرش"، والجلوس عندها والتمتع بجمالية الطبيعة بجوارها، كما يمكن الجلوس عليها لممارسة طقوس السباحة والغطس النهري.

الجسر الصخري الطبيعي إلى جانب صخرة النطة

وصخرة "النطة" من أكثر مواقع منطقة "العوجان" شهرة واستقطاباً للزوار من أبناء القرية والقرى المحيطة بها، وحتى من قبل المصطافين والمتنزهين على النهر، لأن الجميع يجتمع عندها لممارسة طقوس السياحة والاصطياف».

وفي لقاء مع السيد "إبراهيم عيسى" مختار قرية "بشرائيل" وصاحب منتزه "شلالات العوجان" بجانب صخرة "النطة"، قال: «تكثر الزيارة إلى موقع "العوجان" وصخرة "النطة" ما بين شهري "نيسان" و"أيار"، للتمتع بجمال الطبيعة الخضراء والأشجار الكثيفة المعمرة جداً، التي تظلل المنطقة بظلالها الوارفة.

صخرة النطة في فصل الشتاء

وصخرة "النطة" حصلت على اسمها الحالي من طبيعتها وموقعها الجغرافي، اللذين تجسدا بالارتفاع المناسب للقفز وممارسة موهبة السباحة والغطس النهري، وهذا ناهيك عن أنها صخرة من الصخور الزرقاء الصماء الصلبة جداً، ذات المساحة الجغرافية الجيدة، حيث يمكن أن تتسع إلى عشرين شخصاً تقريباً.

كما أنه يوجد إلى جانب الصخرة وفي أسفلها من الجهة الغربية لمجرى النهر، منطقة طبيعية واسعة المساحة نقية ونظيفة من الصخور، تضم تدرجات متتالية أو مستويات مختلفة من الارتفاعات، ما ساهم في إمكانية ممارسة السباحة والغطس النهري للأشخاص من فئة الأعمار الصغيرة نسبياً، فمن يهوى الغطس يصعد إلى أعلى هذه الصخرة من الجهة الشرقية، ويقف على حافتها القائمة وكأنه على ستاند مسبح صناعي، ومن ثم يقوم بعملية القفز باتجاه مسبحها الفسيح.

موقع الصخرة وفق جوجل إيرث

كما يمكن للأشخاص من ذوي الأعمار الصغيرة السباحة في فسحتها المائية دون الرجوع إلى مرتفعها، ما يمنحها أهمية كبيرة بالنسبة إلى أبناء القرية والقرى المجاورة من ناحية تعليمهم السباحة والغطس النهري، فلولاها لما أدركوا هذه الموهبة لبعدنا عن البحر وشاطئه الرملي».

أما السيد "أحمد عيسى" أبو "فادي" من أبناء القرية، فأكد أن والده أحد الذين امتهنوا حرفة صيد الأسماك ضمن موقع صخرة "النطة"، متابعاً: «أذكر أن والدي كان يقوم بصيد الأسماك بشكل مستمر ضمن أوقات محددة من السنة، وهي أوقات وفترات تكاثر السمك النهري فضي اللون، خلال شهري "نيسان" و"أيار"، حيث تعمد الأسماك إلى السباحة عكس التيار وصولاً إلى النبع الأساسي للنهر، أو نبع "الشيخ" بجوار صخرة "النطة"، وهنا كان يجب على هذه الأسماك عبور صخرة "النطة" أولاً للوصول إلى المكان المناسب للتكاثر ووضع البيض».

وعن العملية التراثية الاحترافية لصيد الأسماك وعلاقة صخرة "النطة" بها قال السيد "أحمد": «كما قلت سابقاً، لوصول الأسماك إلى المكان المناسب لوضع البيوض وإتمام عملية التكاثر، عليها القفز من الأسفل إلى الأعلى لعبور صخرة "النطة" ضمن الاختناق الصخري الطبيعي حيث مرور مياه النهر الجاري، وهنا كان الصيادون ومنهم والدي، يقومون بجمع نباتات البلان الشوكي البري، الذي ينمو في مناطقنا البرية بكثرة، ويضعونها إلى جوار صخرة "النطة" من الأسفل، حيث لا تعيق مرحلة قفز الأسماك إلى الأعلى، فتعلق بها كل الأسماك التي لا تتمكن من القفز فوق الصخرة، أو التي تقفز على سطح الصخرة فقط، ويعيدها ارتفاعها وقوة دفع المياه نحو الأسفل».

أما الأستاذ "عصام أحمد" فتحدث عن كمية ونوعية الأسماك التي يتم صيدها في النهر، وعنها قال: «يتفقد الصياد شرك الصيد النباتي بعد وضعه في موقع صخرة "النطة" بنحو ساعتين على أقصى تقدير، فيجمع نحو عشرة كيلوغرامات منها بمختلف الأحجام والأوزان للسمكة الواحدة، وقد تميز هذا السمك بشكله المغزلي الطولاني، ولونه الفضي، ولحمته البيضاء اللذيذة، وقد استخدمه بعض أصحاب المطاعم والمنتزهات للترويج لمطاعمهم، كسمك طازج، وبأسعار منخفضة، ما أسعد الزوار كمنتج محلي».