قرية غصت بالمواقع والمكتشفات الأثرية، سكنها أبناؤها الحاليون منذ عدة قرون على أنقاض حضارة سابقة، ودل اسمها على موقعها الجغرافي ومكانتها التاريخية.

فعلى بعد 14 كيلومتراً شرقي مدينة "صافيتا"، وعلى الخط السياحي الواصل بينها وبين ناحية "مشتى الحلو" تربعت هذه القرية الريفية "بشرائيل"، التي كانت هدف زيارة مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 5 شباط 2014؛ حيث التقينا السيد "إبراهيم عيسى" مختار القرية ليحدثنا عن طبيعة القرية، وهنا قال:

تتوافر في القرية أغلب الخدمات الاجتماعية والصحية والطرقية، ولكن في القرية مدرسة ابتدائية تضم نحو 100 طالب وطالبة موزعين على ستة صفوف فقط، وهذا شكل ضغطاً على الطلاب وأعاق عملية استيعابهم للدروس، لذلك نحن نطالب المعنيين بتوسيع بناء المدرسة لتأمين بنية تعليمية جيدة

«على بعد نحو سبعة كيلومترات غربي بلدة "مشتى الحلو" توضعت وانتشرت منازل قرية "بشرائيل" على جانبي الطريق الواصل إليها من مدينة "صافيتا"، مشكلةً مساحة عمرانية متداخلة مع الطبيعة الخضراء في أعلى مواقعها الجغرافية تقريباً، حيث يصل ارتفاعها عن سطح البحر إلى 580 متراً، في سوية متقاربة بين مختلف مواقعها الطبيعية والجغرافية المنتمية إليها إدارياً.

المختار إبراهيم عيسى

وقد واكب أجدادنا والمعمرون من أبناء القرية الحاليين فترة الاحتلال الفرنسي، وعاشوا جزءاً منه، لقربها ووقوعها على خط السير الواصل إلى "مشتى الحلو" الاصطيافية، ورغم ذلك لم يتمكن هذا الاحتلال من تطبيعها أو التضييق على أبنائها.

والقرية موقع تاريخي أثري بامتياز، وندرك هذا الأمر من طبيعة الآثار المكتشفة فيها، خاصة في موقع "الرميلة" الذي تواجدت فيه الكثير من اللقى الأثرية، وهذا ما يجعلنا ندرك بأنها قرية مسكونة بشرياً ومأهولة بالسكان منذ عدة قرون، كما يتواجد فيها الكثير من النواغيص والآبار الكفرية، إضافة إلى أن طبيعة تسمية القرية الدالة بمعناها الفينيقي على "وجه الله"، يمكن أن يكون دلالة على إطلالتها وارتفاعها مقارنة مع محيطها، وهو أصح من المعنى الثاني الذي يقول بعضهم الآخر وفق تحليل التسمية في المعجم، يأتي معنى "بشرائيل" من معنى "البشارة" أو "الإنجيل" وفق الديانة المسيحية».

مدخل القرية

ويتابع المختار "إبراهيم": «بالعموم القرية من أقدم القرى في المنطقة، أي منذ العهد الفينيقي، لأنهم وكما هو معروف كانت تسمياتهم للمواقع التي يقطنون بها تبدأ بحرف الباء.

ويوجد في القرية العديد من المواقع الطبيعية الجغرافية الدالة بتسميتها على الوجود الأثري، كما "حاكورة الناغوص"، أو موقع "الميدان"، أو موقع "العاصميات"، ومنزل الآغا "جابر العباس"، ومغارة "المرديسية" وطاحونة مائية».

قرية بشرائيل وفق جوجل إيرث ضمن المثلث الأسود

وعن أهم عائلات القرية وحدودها الجغرافية يقول الأستاذ "عصام أحمد" من أبناء القرية: «لا يتعدى عدد العائلات الأساسية في القرية أصابع اليد الواحدة، ومنهم: آل "عيسى"، وآل "أحمد"، وآل "مصطفى"، وآل "حسن"، مشكلين ما يقارب 1400 نسمة، تمتعت بالثقافة الجيدة والحالة الاجتماعية الودودة المحبة لبعضها بعضاً، فأنتجت حالة تعاونية خالية من المشكلات على صعيد الشكاوى الرسمية القضائية».

ويتابع الأستاذ "عصام" في حديثه فيطلعنا على حدود القرية وموقعها الجغرافي، فيقول: «تمتد مساحات القرية على تلة كبيرة مكشوفة من مختلف الاتجاهات على محيطها من القرى الأخرى، حيث إن قرية "بصرصر" تحدها من الجهة الشرقية، وقرية "بسماقة" وتجمع وادي "العديدية" من الجهة الشمالية الشرقية، وقرية "بيت كابر" ونهر "الأبرش" تحدانها من الجهة الجنوبية، أما قرية "بطارش" وقرية "بلاطة مغيزل" فتحدانها من الجهة الغربية».

وعن طبيعة المناخ في القرية والزراعات المعمول بها، يقول السيد "أحمد عيسى" وهو موظف متقاعد من أبناء القرية: «يتميز مناخ القرية في فصل الشتاء ببرودته الشديدة، وتساقط الثلوج في أغلب فترات وأشهر هذا الفصل، ما يتسبب بقطع الطريق منها وإليها باستمرار، أما في فصل الصيف فالمناخ معتدل منعش خالي الرطوبة، ومشجع على السياحة والاصطياف مع توافر الكثير من المواقع والمنتزهات الشعبية وغيرها ضمن موقع سياحي متميز يعرف بـ"العوجان".

وهنا يجب ألا أغفل عن ذكر الرياح الشرقية القوية، الناتجة عن موقع القرية المكشوف على التلة المرتفعة، ومع هذا فالزراعة نشطة جداً في أغلب مواقع القرية، خاصة على سرير نهر "الأبرش" دائم الجريان، الذي أنهكته بعض مياه الصرف الصحي الناتجة عن مشروع الصرف لقرية "مشتى الحلو".

ومن أهم المزروعات التي يعتمد عليها أبناء القرية بشكل رئيسي، أشجار الزيتون البالغ عددها في آخر إحصائية زراعية نحو ستين ألف شجرة، التي تغطي مساحات كبيرة جداً، وأشجار الحمضيات ومختلف أنواع الفواكه الصيفية الأخرى».

ويتابع السيد "أحمد" فيوضح توافر المياه الجوفية: «في القرية العديد من الينابيع الموسمية والدائمة الجريان، ومنها نبع "عين الجرن" ويقع في جنوب القرية"، ونبع "عين الحور" ويتوضع في الجهة الشمالية من القرية، ونبع "عين دواك"، ونبع "عين الحجال" شمالي القرية، ونبع "عين الصحن" في الغرب منها، ونبع "عين الصغيرة"، وجميع مياه هذه الينابيع تستخدم لري المحاصيل الزراعية، لتلوثها بالصرف الصحي الشعبي "الجور الفنية"، إضافة إلى "نبع الشيخ"، في موقع "العوجان" السياحي، حيث المنتزهات السياحية والمطاعم الشعبية».

الأستاذ "لؤي عيسى" من أبناء القرية تحدث عن خدمات القرية، فقال: «تتوافر في القرية أغلب الخدمات الاجتماعية والصحية والطرقية، ولكن في القرية مدرسة ابتدائية تضم نحو 100 طالب وطالبة موزعين على ستة صفوف فقط، وهذا شكل ضغطاً على الطلاب وأعاق عملية استيعابهم للدروس، لذلك نحن نطالب المعنيين بتوسيع بناء المدرسة لتأمين بنية تعليمية جيدة».