في ربوعها تماهت غابات الريحان ومزارع التبغ والزيتون، ومنازلها اتكأت على الكتف الشرقي لـ"وادي جهنم" في مشهد تتطغى عليه قساوة المكان، كما أن غاباتها مازالت بيئة حاضنة للغزلان النادرة في المنطقة.

رقم قدم الإنسان في قرية "الغنصلة" والقرى المجاورة في محيط "وادي جهنم" إلا أن مظاهر قساوة الطبيعة وبدائية المكان ماتزال تطبع المنطقة بطابعها، يقول عن ذلك السيد "سليمان إبراهيم" موظف متقاعد خلال حديثه لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 8 كانون الأول 2013:

سبق أن مررت في قرية "الغنصلة" خلال حملات المسير التي كنا نقوم بها في الجبال الساحلية، وتعدّ هذه القرية ومحيطها من أجمل المناطق المفضلة للمسير والاستكشاف الطبيعي بسبب تضاريسها القاسية وبيئتها الخلابة. فالوقوف أعلى القرية يظهر "وادي جهنم" بامتداد كبير باتجاه الغرب، وأحياناً تكون هناك بعض الغيوم البيضاء في مستوى أخفض من قرية "الغنصلة" على طول "وادي جهنم"، في تلك اللحظة يفرغ الإحساس إلا من هذا المشهد الذي يصعب التعبير عنه، كما أنني لا أنسى أبداً ثمار "حب الآس" التي كنا نقطفها من على جنبات الطريق ونحن نتجه نزولاً عبر طريق القرية

«تتصف منطقتنا بقساوة بيئتها التي حفظت مساحات واسعة من الغطاء النباتي وحدت من تدهوره وتعدي الإنسان عليه لصعوبة استصلاح الأودية المنحدرة والعميقة المحيطة بقريتنا وقرى "وداي جهنم"، ففي محيط القرية وجوارها تنتشر غابات صغيرة في كل اتجاه "وادي نحل، وادي الغنصلة، العزر، الشير، الجوبة،...".

وتزدهر في هذه الأحراش والغابات تجمعات "الريحان" التي تعطي "حب الآس" البري، بلونيه الأبيض والأسود على اختلاف أشكاله، سواء داخل القرية وبين مزارعها أم خارجها، كذلك أشجار "البلوط والسنديان، والقطلب،.."، كما أن المنطقة تحتوي على أنواع عديدة من الطيور والحيوانات البرية التي أمنت لها الجبال الوعرة بيئة خصبة، أكثرها غرابة "الغزلان" التي يظن جميع الناس أنها منقرضة من غابتنا على امتداد "سورية"، حيث شوهد اثنان منها في "وادي إسماعيل" المجاور، كذلك حيوانات "الخنزير البري، والثعلب، والأرانب،..."».

من جهته تحدث مختار قرية "الغنصلة" السيد "علي أحمد" بالقول: «تقع قرية "الغنصلة" في الجهة الشرقية من "وادي جهنم"، بين مجموعة قرى هي "جارة الوادي" جنوباً، وقرية "فاسان" شرقاً، أما شمالاً فـ"قلعة العليقة"، و"قرية نحل" من الغرب، ونتبع إدارياً إلى بلدية "العنازة"، التي نمر عبرها للوصول إلى قريتنا عبر طريق "بانياس، العنازة، نحل، الغنصلة"، كذلك طريق "سقبلة، مفرق الحطانية، جارة الوادي، الغنصلة".

يبلغ عدد سكان القرية 2000ن، والقرية كتلة واحدة تتبع لها مزرعتان هما: "الشكير وبيت القصر" ترتفع عن سطح البحر.

يتوجه طلابنا إلى قرية "العنازة " ومدينة "بانياس" للدراسة الثانوية، وهناك مدرستان في القرية للتعليم الأساسي، ورغم صعوبات التنقل خاصة في شتاء إلا أن التعليم غاية بحد ذاتها وهو ما يشكل الدافع الرئيسي للتنقل إلى مسافات بعيدة ومكلفة نسبياً من أجل إكمال التعليم الثانوي، وباستثناء المدرسة لا وجود لمؤسسات حكومية أخرى في القرية، ونتجه عند الحاجة إلى مستوصف "العنازة" للحصول على الخدمات الطبية.

السيد سليمان إبراهيم

تحمل قريتنا الطابع الزراعي بشكل عام، وتعتمد في زراعاتها على مياه الأمطار، حيث إن هناك ينابيع كثيرة في القرية ومحيطها لكنها لا تستخدم عموما في الري بحكم ضعف بعضها وجفاف بعضها الآخر صيفاً، ومنها "نبع رأس العين" عين "الضيعة" في وسطها، وينابيع "بستان، القاضي، واللبنية..."».

يعود السيد "سليمان إبراهيم" ويضيف: «ماتزال الزراعة بالنسبة إلى أهل "الغنصلة" عمل أساسي بديهي بغض النظر عن العمل في أنشطة أخرى، وقد تحكمت البيئة بطبيعة الزراعات التي نزرعها في "الغنصلة"، حيث نزرع "التبغ" بكميات كبيرة، نجهز لها بحدود 25 كانون الأول من كل عام، ويستمر موسمها في الأرض من شهر نيسان إلى شهر آب.

في المرتبة الثانية يأتي القمح، حيث يزرع الناس هنا مساحات جيدة بالقمح تؤمن حاجات البيت من مشتقات القمح الأساسية ويباع الباقي، ومن ناحية الأشجار نهتم بأشجار الزيتون التي تحجز لها مساحات جيدة، عدا اللوزيات بأنواعها المختلفة، هنا لا بد لي من التعريج على سوء التخطيط الزراعي الذي تتبعه الجهات الرسمية، فمنطقتنا مهيأة لزراعات عديدة كانت ستنجح في مزارعنا لو تم توجيه الناس إليها، خاصة أن بعض هذه الزراعات نجحت حديثاً في "منطقة القدموس" مثال "الكرز، الكستنا"».

يتميز الشتاء في قرية "الغنصلة" بأجوائه الاجتماعية وأطعمته الشعبية المحلية المميزة، يعدّ "البرغل" المطبوخ أهمها، وهو يعتمد على الإنتاج المحلي، ثم تأتي "أقراص السلق، السالات، الزلابي، اللقاصات،.." وآخرها "القمحية" أكلة الشتاء المميزة.

في حديث آخر يقول الشاب "رفيف عبود" عضو في مجموعات المسير والاستكشاف الطبيعي: «سبق أن مررت في قرية "الغنصلة" خلال حملات المسير التي كنا نقوم بها في الجبال الساحلية، وتعدّ هذه القرية ومحيطها من أجمل المناطق المفضلة للمسير والاستكشاف الطبيعي بسبب تضاريسها القاسية وبيئتها الخلابة.

فالوقوف أعلى القرية يظهر "وادي جهنم" بامتداد كبير باتجاه الغرب، وأحياناً تكون هناك بعض الغيوم البيضاء في مستوى أخفض من قرية "الغنصلة" على طول "وادي جهنم"، في تلك اللحظة يفرغ الإحساس إلا من هذا المشهد الذي يصعب التعبير عنه، كما أنني لا أنسى أبداً ثمار "حب الآس" التي كنا نقطفها من على جنبات الطريق ونحن نتجه نزولاً عبر طريق القرية».