يعود تاريخها إلى بداية انتشار المسيحية، حيث شكلت حينئذ مركزاً دينياً هاماً على الساحل الشرقي للمتوسط، واليوم تنشط في الاستثمار الزراعي والصناعي، ذات طبيعة ساحرة فهي تختبئ بين جبلين وثلاثة أودية مقبلة على البحر.

إنها قرية "صايا" التي تستند المعلومات التي تتحدث عنها على الروايات المتناقلة حول الأماكن الدينية التي تشكل جزءاً من تاريخ القرية، وعلى بعض الدراسات والمخطوطات التي تشير إلى المنطقة كموقع مسيحي تاريخي ومركز "أبرشية" يضم "ديراً وكنيسة"، مدونة وطن "eSyria" وخلال زيارتها قرية "صايا" بتاريخ 5/11/2013 التقت السيد "داني الدروبي" عضو مجلس رعية الكنيسة الذي تحدث بالقول:

في أوائل القرن الماضي كانت لاتزال بعض الأحجار ومكونات الكنيسة والدير موجودة لكنها زالت عبر استخدام حجارتها في بناء البيوت حينها، وماتزال هناك بقعة من الأرض قرب مدفن "مار يوسف" تشير إلى موقع "الدير"، وهناك اعتقاد عام أن القرية تقوم على أنقاض منطقة أثرية واسعة ماتزال مخفية في معظمها

«تقوم قرية "صايا" اليوم على أنقاض حضارات قديمة شكلت جزءاً من حضارات الشرق القديم سواء قبل انتشار المسيحية أم بعدها، ومن خلال تتبعي إلى بعض الدراسات والوثائق والخرائط التاريخية وجدت اسمها في خرائط الشرق القديم كمركز "لأبرشية"، تعود إلى عام /350/ ميلادي، وتضم إليها عدة مناطق مجاورة، إضافة إلى كنيسة "السيدة" ودير"مار يوسف" للرهبان والراهبات الذي ضم كما تتحدث بعض الوثائق القديمة /200/ "راهب وراهبة".

قرية "صايا"

بالتالي فإن التاريخ المدون لهذه المنطقة يعود إلى "العهد المسيحي الأول"، رغم ندرة الوثائق عموماً بسبب ما تعرضت إليه المنطقة من حروب أيام الرومان والبيزنطيين، وما شهدته هذه المنطقة ككل من حروب وصراعات طويلة وهجمات وفترات احتلال أثر في وجود السكان، إلى أن حصلت بعض الهجرات من جبل "لبنان"، فقد عادت بعض العائلات لتقطن هذه المنطقة وأعادت إعمارها.

وقيل يعود اسم "صايا" إلى كلمة "سريانية" تعني "التنورة"؛ وذلك لتوضع القرية على رأس هضبة جبلية وانتشارها باتجاه ثلاثة أودية جبلية تحتضن بينها جبلين، وتتجه جميعها باتجاه البحر».

السيد "داني دروبي"

لم نلاحظ خلال جولتنا دلائل تاريخية واضحة للعيان على وجود ذلك التاريخ العريق للمنطقة، لكن من خلال البحث والتدقيق عثرنا على دلائل عديدة تشير إلى مراحل تاريخية عدة مرت على قرية "صايا" مثل: بقايا "الأبرشية"، ومدافن تاريخية، وبقايا تشكيلات أثرية في الأحراش المحيطة بالقرية، كذلك مدفن القديس "مار يوسف" ومنحوتات حجرية فريدة في موقع كنيسة "رقاد السيدة" حالياً، ومواقع عدة في القرية، قال السيد "عبد الله دروبي" من أهل القرية ومرشدنا إلى المواقع الأثرية:

«في أوائل القرن الماضي كانت لاتزال بعض الأحجار ومكونات الكنيسة والدير موجودة لكنها زالت عبر استخدام حجارتها في بناء البيوت حينها، وماتزال هناك بقعة من الأرض قرب مدفن "مار يوسف" تشير إلى موقع "الدير"، وهناك اعتقاد عام أن القرية تقوم على أنقاض منطقة أثرية واسعة ماتزال مخفية في معظمها».

تنتشر قرية "صايا" على مساحة واسعة بين مزارع القرية المغطاة بأشجار "اللوز والزيتون" وتتوزع بيوتها بين منطقة قديمة في الوسط تتصف بأزقتها الضيقة، ومنطقة حديثة تمتد على مساحة واسعة من أراضي القرية، قال في ذلك مختار قرية "صايا" السيد "وديع عقباتي": «تمتد قرية "صايا" على مساحة واسعة بين قرى "بلوزة" شرقاً، وقرية "عزّيت" جنوباً، ومن الشمال "قرقفتي"، أما غرباً فتطل القرية مباشرة على البحر إضافة إلى قرية "بديرة"، أما الوصول إلى "صايا" فيتم عبر طريق (طرطوس - مرقية - قرقفتي - ضهر صفرا) ثم قرية "صايا".

استغل أهالي قرية "صايا" المساحات الزراعية الواسعة في القرية بشكل جيد، سواء في زراعة "الزيتون"، أو "اللوز"، وصولاً إلى الفواكه والخضراوات التي تنتشر بكثرة قرب مجرى نهري "مرقية"، كما أن تربية الدواجن تعتبر من أكثر الاستثمارات الناجحة في قريتنا منذ عام /1976/».

تتميز قرية "صايا" بزراعة اللوز، حيث اكتسب لوز "صايا" إضافة إلى قرية "قرقفتي" المجاورة سمعة كبيرة من حيث فترة الإنتاج المبكرة جداً، وكمية الإنتاج الغزيرة، قال في ذلك السيد "عبد الله دروبي": «يعتبر اللوز من الزراعات الأكثر انتشاراً في قرية "صايا"، وهو يزرع في الأراضي الجبلية والمنحدرات وإلى جانب المنازل، ويعتمد عليه أهل القرية كمردود اقتصادي مربح لكون القرية تنتج اللوز مبكراً، حيث تزهر أشجار اللوز لدينا قبل أي منطقة في "سورية"، ويعود ذلك إلى ظروف مناخية جغرافية خاصة بأودية "صايا" ومناطق صغيرة مجاورة لها، ويتم بيع اللوز في أسواق "طرطوس" والمحافظات الداخلية.

من ناحية أخرى دخلت صناعة الدواجن بقوة إلى قرية "صايا"، وتجاوز الموضوع مجرد تربية الدواجن إلى تجهيز وخلط وتصنيع مستلزمات تربية الدواجن، وقد وصل عدد معامل الإنتاج في القرية إلى ثمانية معامل، وعدد كبير من مراكز تربية الدواجن الحديثة».