صخرة شاهقة الارتفاع أوجدتها الطبيعة الريفية الصعبة لـ"بستان تعنيتا"، شجرت بجوارها أشجار الصنوبر، ونحت على سطحها جون المنقلة، فكانت عرزال الرحلات البرية ووسيلة التواصل مع الجوار.

«إن صخرة "حجر المنقلة" كما يطلق عليها في قرية "بستان تعنيتا" صخرة مطلة ومكشوفة على محيطها بالكامل»، هذا ما تحدث به الشاب "رامي رحال" من أبناء القرية لمدونة وطن eSyria بتاريخ 27/10/2013، حيث أضاف: «"حجر المنقلة" حجر طبيعية من طبيعة المنطقة الريفية الصعبة في قريتنا "بستان تعنيتا" أو كما يطلق عليها "بستان متنا" وهي من الحجارة التي سخرها أهالي القرية القدامى لخدمتهم في التمتع بالطبيعة الجميلة وكأنهم في أجواء رحلة استجمام بعد مراحل عمل طويلة في الحقول المجاورة لها والمطلة عليها.

إن صخرة "حجر المنقلة" كما يطلق عليها في قرية "بستان تعنيتا" صخرة مطلة ومكشوفة على محيطها بالكامل

فمنذ القدم وهذه الصخرة تستخدم كعرزال صيفي يقصدها أصحاب الحقول المجاورة للجلوس عليها تحت ظل شجرة صنوبر معمرة غرست في فترة زمنية سابقة بجوار الصخرة نتيجة استخدامهم لها، وهذا ما أوجد تميزاً وتمايزاً لصخرة "حجر المنقلة" يختلف عن بقية المواقع والجلسات الطبيعية، إضافة إلى اطلالتها المكشوفة على محيطها بالكامل وارتفاعها الشاهق عن بقية ما يحيطها».

التمتع بالجلوس على حجر المنقلة

الشاب "حسين رحال" أكد أن أهالي القرية قد برعوا بتوظيف "حجر المنقلة" لتلائم مراحل حياتهم الريفية اليومية، وهنا قال: «"حجر المنقلة" هو الاسم التراثي المشهور والمتناقل لهذه الصخرة منذ القدم، لأنها كانت مقصد أصحاب الحقول الزراعية المحيطة بالمنطقة التي عرفت بـ"الميمنة" أي الموقع الجغرافي الذي تصله أشعة الشمس منذ الشروق وحتى الغروب، لذلك عمدوا إلى أن تكون جلساتهم عليها مفيدة ومسلية عن طريق نحت وحفر لعبة المنقلة التراثية التي شغلتهم كثيراً في تلك الفترة الزمنية.

فعلى سطح الصخرة الذي لا تتجاوز مساحته ستة أمتار مربعة نحتت حفر صغيرة عددها أربعة عشر حفرة لتكون جون المنقلة التي يوضع بها حصا اللعبة، إضافة إلى حفرتين صغيرتين تتوضع كل واحدة منهما بجوار الشخص الممارس للعبة ليضع بها الحصى الرابحة من الخصم».

حفر المنقلة المحفورة على سطح حجر المنقلة

ويتابع السيد "حسين": «"حجر المنقلة" حالياً مقصد سياحي واستجمامي لكل زائر لهذه المنطقة والقرية، إذ تكون بمثابة استضافة يرمز لها للود والمحبة ومعاينة الطبيعة في القرية، إضافة إلى أنه تم بناء غرفتين تراثيتين منذ عدة عقود بجوار الصخرة لتكون بمثابة غرف منامة لمن يريد النوم بجوارها في هذه الطبيعة الجميلة».

وعن هذا المنزل التراثي الصغير يقول السيد "حسين": «المنزل عبارة عن غرفتين صغيرتين متجاورتين من الحجر الطبيعي بنيتا وفق نظام البناء التراثي الذي كان شائعاً في تلك الفترة الزمنية التراثية، وقد احتوت إحدى الغرفتين المتداخلتين معاً على بئر تراثي مبني على النظام العربي الذي كان يعرف بشكله الاسطواني نحو الأسفل، حيث كان يملأ من مياه الأمطار التي يجمعها السطح، حتى إن التصميم الداخلي للغرفتين يشكل منزلاً متكاملاً من ناحية الخزن الجدارية وفتحات التهوية والباب الخشبي».

اطلالة القرى المحيطة من على حجر المنقلة

الشاب "مياس حلوم" من أبناء القرية التقيناه على "حجر المنقلة" قال: «تميزت "حجر المنقلة" بارتفاعها الشاهق من الجهة الشرقية الجنوبية التي تنكشف أمامها بشكل كامل على جميع التضاريس الجغرافية والقرى الريفية الواقعة عليها وهي "بيت عثمان" و"بيت خوندة" والوادي الفاصل بينهما، حيث كان أهالي هذه القرى يتواصلون مع أبناء القرية الموجودين في المنطقة من على "حجر المنقلة" بواسطة الصوت، فيدرك كل منهم أخبار الآخر، حتى إن العاملين في الحقول يطلبون المساعدة من أبناء تلك القرى في حال تعرضهم لأية ضائقة من على "حجر المنقلة"».

ويتابع السيد "مياس": «بجوار "حجر المنقلة" عدة ينابيع تتوضع في الوادي المكشوف عليها، والذي تغمره المياه في فصل الشتاء مشكلة النهر الغزير الذي يصب في البحر على شواطئ مدينة "بانياس"، ويطلق على هذا النهر "نهر الزير"».

وبالعودة إلى حديث السيد "رامي" قال: «تبعد "حجر المنقلة" حوالي كيلومترين عن مركز قرية "بستان متنا" المعروفة شعبياً بقرية "بستان تعنيتا"، وتتوضع في الجهة الغربية منها، ويفصل بينهما طريق زراعي معبد في أغلبه، وهو محاط على جانبيه بالأشجار الحراجية والطبيعة الريفية الرائعة الجمال، ما سهل الوصول إليها وجعله وصولاً مشوقاً، والحجر بشكل عام يتسع حوالي ثمانية أشخاص للجلوس عليه بارتياح ليستمتعوا بهذه الطبيعة الجميلة».

ويختم حديثه بالقول: «"حجر المنقلة" نقطة علام لأغلب الصيادين والمتجولين الباحثين عن أزهار الشيح في طبيعة القرية، حيث يكون اللقاء والاجتماع عليها بعد انتهاء رحلتهم».

وفي لقاء مع المهندس "بهجت وردة" احد زوار "حجر المنقلة" قال: «أزورها باستمرار بقصد الترفيه والتجول في الطبيعة المحيطة بها لجمع أزهار الشيح ومن ثم تمضية بقية ساعات يومي عليها لممارسة طقوس الشواء والغداء وتناول المشروبات الساخنة مع النرجلة.

فالهدوء والطبيعة الجميلة هنا تأخذني إلى عالم آخر بعيداً عن الواقع وطبيعة الحياة الوظيفية الروتينية، ويصبح واقع التأمل هو الأفضل لراحة النفس والبال».