يعتبر الجبل الأعلى في مدينة الشيخ بدر ومحيطها، أما قمته فقد استخدمت قديماً لعمليات الرصد والمراقبة، في حين بدأ التوسع العمراني بالزحف إلى معظم أنحائه.

باستثناء قمته فإن النشاط البشري وصل إلى معظم أنحاء "جبل المريقب"، وقد حاز أهمية إضافية لكونه يشرف مباشرة على مدينة "الشيخ بدر" من جهته الشمالية، يقول الباحث التراثي "كامل اسماعيل" أحد سكان الجبل في حديث لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 15/7/2013: «يمتد "جبل المريقب" بين قرية "الأندروسة" ومدينة "الشيخ بدر" شمالاً، وقرية "المريقب" شرقاً وجنوباً، وصولاً إلى قرية "الديريني" من الغرب، ويشكل انحداراً قاسياً من جهة مدينة "الشيخ بدر"، وقد امتدت قرية "المريقب" باتجاه السفوح الشرقية للجبل، كما أخذت اسمها منه، وعلى الجبل تشكلت تجمعات سكنية صغيرة على السفوح الجنوبية الغربية باتجاه الأعلى.

كانت هناك منازل قليلة على جبل المريقب أذكر منها بيت جدي "سليم صالح"، وبيت "محمد ديب" والشيخ "علي حسن سلامة"، وتعود كل معلوماتي عن هذا الجبل وساكنيه إلى جدتي التي نقلت لي الكثير من أحداث هذه المنطقة وتواجد الفرنسيين على "جبل المريقب"، وأهميته عسكرياً أيام الثورة التي قام بها المجاهد الشيخ "صالح العلي"، وربما كانت له أهميته قبل هذه الأحداث سواء زمن "الاحتلال التركي" أو ما قبل

يعتبر الجبل موقعاً هاماً منذ القديم، أطلق عليه أجدادنا الأوائل اسم "المرقب" وتطورت التسمية إلى "المريقب"، وقد اشتق الاسم من الموقع الهام للجبل كنقطة مراقبة منذ القديم، ومنه يمكن مشاهدة البحر غرباً و"طرابلس" في لبنان جنوباً، ومن الشرق "جبال حماة"، وصولاً إلى أقصى "جبال القدموس" شمالاً، وكان آخر استخدام له كمركز رصد أيام "الاحتلال الفرنسي" الذي بنى عليه ثكنة عسكرية كبيرة لمراقبة المنطقة وتضييق الخناق على الثوار، واستمرت الثكنة حتى نهاية الاحتلال الفرنسي، أما حالياً فتضم كتلة الجبل عدة تجمعات سكنية حديثة وقديمة ومدرجات جبلية للزراعة في حين بقي رأس الجبل حيث يوجد مدفن لأحد أجداد الشيخ "صالح العلي" تحيط به كتل أحراش متناثرة هنا وهناك، وفي أيام الصغر قضينا أوقاتاً طويلة على سفوح هذا الجبل نلعب ونجمع بقايا الرصاص الذي تركه الفرنسيون، في حين كانت مواشينا ترعى وسط أحراش الجبل».

صورة لمدينة "الشيخ بدر" من أعلى الجبل

من جهته يقول الباحث التاريخي "اسماعيل اسماعيل" من قرية المريقب: «بنى الفرنسيون ثكنة كبيرة أعلى الجبل، لكن بعد الاستقلال قام أهالي المنطقة بأخذ حجارة الثكنة لبناء بيوتهم، ولم يبق من هذه الأبنية سوى بعض الأساسات التي غطتها الأحراش، وعدا "الخرطوش" الكثير الذي كنا نعثر عليه في موقع الفرنسيين فإن قطعاً متناثرة من الزجاج الأخضر تجدها في كل مكان، وهي بقايا زجاجات النبيذ التي كان الفرنسيون يصطحبونها معهم إلى الموقع، وبعد ثمانين عاماً من الاستقلال أي منذ عشر سنوات وجد بعض الناس صندوق قنابل يعود إلى عهد الاحتلال الفرنسي، كذلك أذكر أن بئر ماء مربع الشكل كان في أعلى الجبل ويعود ربما للفرنسيين».

من جهتها تقول الأديبة "فاطمة صالح" من قرية "المريقب": «كانت هناك منازل قليلة على جبل المريقب أذكر منها بيت جدي "سليم صالح"، وبيت "محمد ديب" والشيخ "علي حسن سلامة"، وتعود كل معلوماتي عن هذا الجبل وساكنيه إلى جدتي التي نقلت لي الكثير من أحداث هذه المنطقة وتواجد الفرنسيين على "جبل المريقب"، وأهميته عسكرياً أيام الثورة التي قام بها المجاهد الشيخ "صالح العلي"، وربما كانت له أهميته قبل هذه الأحداث سواء زمن "الاحتلال التركي" أو ما قبل».

برفقة الأستاذ "كامل اسماعيل" على قمة "جبل المريقب"

يتصل جبل "المريقب" بالمناطق المجاورة له بعدة طرق معبدة وزراعية، وفور الوصول إلى قمته تتوضح فكرة استخدامه كنقطة رصد ومراقبة فالجبل يكشف مساحات واسعة، وفي محيطه القريب يمكن رصد كل شيء يتحرك ولعدة كيلومترات كخط نظر، ورغم عدم وجود فرق كبير في الارتفاع عن مدينة الشيخ بدر إلا أن حالة الجو تبدو أكثر قساوة من حيث البرودة، والرياح العاصفة شتاء، وقد هيأت الظروف الجوية المسيطرة على كتلة الجبل لقيام عدة زراعات، يقول عنها الأستاذ "اسماعيل": «قام الفرنسيون خلال سني الاحتلال بزراعة كروم العنب على الجبل وهو من الأنواع المميزة، التي انقرضت هذه الأيام، ومن هذه الكروم أخذ المزارعون فروعاً منها وزرعوها في مزارعهم، كذلك جاء المحتلون بأنواع أخرى من الفاكهة عدا بعض أنواع الورود الجميلة، أما اليوم فنلاحظ زراعات عديدة لدى ساكني المنطقة كغيرها من المناطق المجاورة كزراعة "التين، اللوزيات، والتفاحيات.." وزراعة "البندق" التي نجحت في هذه المنطقة».

تميز "جبل المريقب" بعدة صفات جعلته مهما عبر مراحل تاريخية سابقة، أو كبيئة طبيعية زراعية، لكن مستقبل هذا المكان كوجهة سياحية سواء للسكن أو للاصطياف تبدو غير بعيدة، فهو كالرأس من الجسد بالنسبة لمدينة "الشيخ بدر"، مضافاً إليها كل مزايا الارتفاع والجمال الطبيعي.

كتلة الجبل وقمته في صورة فضائية