موقع جغرافي استقطب الاستيطان البشري في مرحلتين زمنيتين متتاليتين منذ ما يقارب الألف عام، توزع على عدة تلال احاطت بجبل شاهق الارتفاع احتضنت قمته رفاة جد القرية الحديثة.

مدونة وطن eSyria زارت قرية "حمين" بتاريخ 24/7/2013 والتقت المحامي "محمد شما" من أبناء القرية، وعنها قال: «يفخر أبناء قريتنا "حمين" بأصولهم وجذورهم الواحدة العائدة إلى جد القرية الشيخ "معلا معلا" الذي أسس للاستيطان البشري الحديث فيها منذ ما يقارب /350/ عاماً، حيث قام هذا التأسيس الحديث على أنقاض تاريخ استيطان بشري قديم قارب /1000/ عام ودل على هذا القدم اللقى والمواقع الأثرية في عدة مواقع من القرية، منها "قصر بجمرة" وبعض الينابيع القديمة جداً التي تخرج منها أقنية حجرية تصل إلى القرية القديمة أو ما يعرف بموقع "الخربة"، ناهيك عن معاصر الزيتون الحجرية ومدفن صخري متعدد الغرف الداخلية».

في فترات سابقة وبحسب أحاديث الآباء كانت زراعات القرية نوعين صيفية وشتوية لمناسبة المناخ فيها لهذه الزراعات، وتربتها الخصبة وتوافر المياه اللازمة، ولكن حالياً أغلب أشجارها المزروعة هي أشجار الزيتون والكرمة والتين والتفاح والخوخ كزراعات منزلية فقط

ويتابع السيد "شما": «تعتبر "حمين" مركز ناحية وتقع على الطريق الواصل بين مدينة "طرطوس" ومدينة "الدريكيش"، حيث تبعد عن مركز مدينة "طرطوس" حوالي ثلاثة وعشرين كيلومتراً، وعن مدينة "الدريكيش" حوالي عشرة كيلومترات، ويبلغ عدد سكانها حوالي خمسة آلاف نسمة ينحدرون من جد واحد من حوالي /350/ عاماً، هو الشيخ "معلا"، الذي كرم لمكانته بين أحفاده ببناء مقام ديني له في أعلى قمة جبل "حمين"، التي تزيد على /400/ متر عن سطح البحر، وتطل على الجبال والمناطق المنتشرة حول محيط القرية من جميع الاتجاهات».

السيدة "نوال شما"

وعن تميز القرية من وجهة نظره قال "شما": «تميزت "حمين" بالفكر الثقافي وعدد المثقفين فيها، وانطلاق الحركة التعليمية الثقافية في فترة مبكرة جداً مقارنة مع محيطها من القرى والمناطق، فلدينا شهادات جامعية من خمسينيات القرن الماضي، وهذا يعود لوجود مدرسة ابتدائية قديمة منذ عام /1933/، إضافة إلى وجود مدرسة اعدادية خاصة في عام /1956/، استقطبت محبي العلم من مختلف المناطق المحيطة بمنطقتنا الإدارية، فقد أحدثت المدرسة في زمن الاحتلال الفرنسي بعد أن شكل أبناء القرية وفداً شعبياً طرح وناقش الفكرة معه عدة مرات حتى تمت الموافقة، وكان البناء مستأجراً لمصلحة السيد "إبراهيم أحمد" مدير الإعدادية، ودرس فيها الدكتور "حسن قدور"،

ما انعكس على الحالة الفكرية الثقافية لأبناء القرية فتخرج منهم الأطباء والمهندسين، كما انعكس على الحالة الاجتماعية لجميع الأهالي والمقيمين فيها الذين قصدوا القرية للإقامة فيها خلال مراحل الدراسة. ولا ننسى كيف انعكس الواقع الثقافي على الحالة المادية لأبناء القرية، فأغلبهم من المقيمين في دول الاغتراب أصبح لهم مكانتهم بسبب طبيعة العمل المختصة بالطب والتجارة وفنون العمارة ومهن أخرى».

مسجد القرية الكبير

السيد "أحمد يونس" من أبناء القرية قال: «القرية في فصل الصيف مكتظة بأبنائها لتمضية أوقات جميلة بين أحضان الطبيعة التي اشتهرت بجمالها، والمناخ اللطيف، ولا يلبثون أن يغادروها في فصل الشتاء إلى مدنهم وقراهم ودولهم العاملين بها، والمهم بالأمر أنه لا يبقى مهاجر أو مغترب خارج القرية إلا ويعود إليها في كل عام ولو لفترة قصيرة جداً، وهذا دليل على تعلقهم بها».

ويتابع: «في القرية ثلاثة ينابيع عذبة دائمة الجريان تراثية عمرها من عمر القرية، وهي نبع "عين الشمالية" ونبع "عين التوتة" ونبع "عين حمين" والمميز أن لكل منها قصة تراثية جميلة أو موقع جميل. إضافة لوجود موقع جغرافي مميز له قيمة تراثية عند أبناء القرية وهو عبارة عن جبل مرتفع يعد من أعلى جبال المنطقة، وله إطلاله خلابة على جميع الاتجاهات تحتضن قمته رفاة جد القرية الحديثة أي منذ /350/ عاماً ضمن مقام ديني يسمى مقام الشيخ "معلا حمين" ويقال إنه كان قاضي قضاة المنطقة».

موقع القرية على خارطة جوجل إرث

السيد "بشار أحمد" موظف ويعمل بالزراعة للاكتفاء الذاتي فقط، قال: «يتبع للقرية إدارياً كمركز ناحية عدة قرى، ويحدها من الجهة الشرقية منطقة "الدريكيش" ومن الجهة الغربية "بملكة" ومن الجهة الجنوبية ريف مدينة "طرطوس" ومن الجهة الشمالية "نهر قيس".

أما عن حدودها كقرية فيحدها من الجهة الجنوبية قرية "ضهر مطرو"، و"حارة الوقف" من الجهة الشرقية، أما من الجهة الشمالية فيحدها قرى "ساعين" و"سجنو" و"بقعو"، ومن الجهة الغربية قرية "الملاجة" وقرية "حبابة".

وعن الناحية الزراعية القرية لا تعتمد كثيراً على الزراعة كمردود اقتصادي هام لأن الحقول أنهكت ولم تعد منتجة ومجدية كما السابق وهذا من حوالي عدة عقود، والاعتماد الأول لأبنائها على الوظائف الحكومية والأعمال الحرة.

والقرية مخدمة بشكل جيد، لكونها مركز ناحية ولا ينقصها أية دائرة حكومية رسمية، وتتميز فيها الطرق الخدمية الواصلة بين مختلف حاراتها وقراها وتعد من شبكات الطرق المميزة على مستوى المنطقة، كما يوجد في القرية ثلاثة مساجد».

ويضيف: «في فترات سابقة وبحسب أحاديث الآباء كانت زراعات القرية نوعين صيفية وشتوية لمناسبة المناخ فيها لهذه الزراعات، وتربتها الخصبة وتوافر المياه اللازمة، ولكن حالياً أغلب أشجارها المزروعة هي أشجار الزيتون والكرمة والتين والتفاح والخوخ كزراعات منزلية فقط».

السيدة "نوال شما" تقول عن الحالة الاجتماعية في القرية: «الحالة الفكرية الثقافية للمجتمع بشكل عام نتج عنها حالة اجتماعية متميزة ابعدت السكان عن الخلافات والمناوشات القروية، فلم نسمع أن خلافاً كبيراً حدث بين أبنائها منذ زمن بعيد، وفي الفترة التي كانت الزراعة متميزة لدينا كان مقلي الفخار حاضراً في كل منزل لصناعة الوجبات التراثية ومنها وجبة "الكوسا والبصل"، إضافة إلى تجفيف التين لصناعة مؤونة الشتاء من الهبّول».