يعد موقع "وادي السلطان" الطبيعي من أجمل الأماكن الأثرية والتراثية، وهو فاصل بين حارات قرية "بحنين"، جنينة القرية والمركز الإداري والسياسي للمنطقة بكليتها.

الفنان التشكيلي "صلاح عقول" من أبناء قرية "بحنين" تحدث لمدونة وطن eSyria بتاريخ 6/7/2013 عن الأهمية الجغرافية لوادي السلطان ضمن قريته فقال: «لقي "وادي السلطان" الاهتمام الكبير من قبل أمير المنطقة أو سلطانها في حقبة تاريخية ما، فحمل بموقعه ومناخه المميز حياته خلال عزه وجاهه، كما حمل جثمانه بعد الممات، ليكون مدفنه في أجمل رقعة جغرافية فيه وأصعبها منالاً، والوادي من أعلى حاكورة فيه وحتى نهاية حدوده الإدارية إن صح القول عند منطقة "مرقية"، كان منطقة سهلية خصبة رائعة الجمال تتغلغل فيها مياه الينابيع العذبة دائمة الجريان، وعددها ستة ينابيع هي "عين شويلق"، و"عين الجوانية"، و"عين الضيعة"، و"عين الجوز"، و"عين سلمان"، و"عين الفوقا". إن توافر المياه الدائمة للزراعة والمعيشة جعلت من الوادي جنة من جنان الأرض رغم تغير معالمه وبنيته الطبيعية كثيراً عما كانت عليه في الماضي بفعل عوامل الطبيعة والسيول الجارفة».

يوجد في موقع الوادي معبد قديم جداً ضاعت حجارته في أعمال بناء منازل القرية، إضافة إلى الكثير من اللقى الأثرية كمعصرة زيتون حجرية كانت تدار بقوة الانسان أو الحيوان

إن الدافع للحديث عن "وادي السلطان" في قرية "بحنين" كما قال الأستاذ المتقاعد والجد المعمر "أحمد شعبان" هو الحديث الشيق المتناقل من الأجداد القدامى وحتى يومنا هذا والذي لا يعرفه الكثيرون من أبناء المنطقة، وأضاف: «يعتقد أن "وادي السلطان" كان في حقبة تاريخية ما مركز المنطقة بمجملها ويتبع له موقع "الزاريات" الأثري أو "الزيريتي" الهام غير المكتشف، وهو موقع غربي قرية "بحنين" تماماً أي غربي الوادي، وهو مدينة متكاملة ببنيتها الأثرية وحجارتها السوداء المميزة، وفيها ثلاثة آبار قديمة جداً متوضعة بشكل مثلث يقال إنه في نقطة المنتصف عند تلاقيها يكمن كنز أثري لا يقدر بثمن، ما منح الوادي قيمة تاريخية هامة لم تكتشف حتى الآن».

من داخل الوادي

ويتابع الأستاذ "أحمد": «في الوادي العديد من المقامات الدينية ومنها مقام يدعى "السلطان" وتروى عنه الكثير من القصص والروايات التاريخية ومنها ما تحدث بأن "هارون الرشيد" كان له شاب تمرد على سلطته وشاع في أصقاع الأرض بعد أن أنكر على أبيه سيطرته على العالم وجشعه وتسلطه على البشر لديه والخدم حوله، وكأنه أوحي إليه بأن هؤلاء الأشخاص لهم حقهم في الحياة الكريمة، ويقال إن هذا الشاب جاء إلى موقع الوادي وتوفي هنا فدفن فيه، لما حمل هذا الوادي من قيمة في نفسه طبيعية ومناخية واجتماعية لدى أبناء المنطقة وذلك الشاب "السلطان"».

إن القيمة التاريخية للوادي تكامل معها قيمة اجتماعية لدى أبناء قرية "بحنين" وعنها يقول الأستاذ "علي عبد الله" من أبناء القرية: «دفن السلطان ضمن بناء حجري له قبة نصف دائرية، وبعدها دفن جدنا الأول بجانب هذا السلطان، حيث قيل إنه خلال وفاته عُقد العزم على دفنه في هذا المكان أي موقعه الحالي ضمن قبة السلطان، وكان يوجد شجرة ضخمة جداً جذورها ضاربة في أعماق الأرض عصية على القلع في عدة محاولات، لكنها قلعت بكل سهولة مكرمة له عند الدفن، إضافة إلى وجود عدة مقامات دينية متتالية التواريخ الزمنية مقارنة مع مدفن السلطان في الوادي، ومنها مقام "الشيح أحمد السلطان" ومقام "الشيخ يوسف سلطان"».

موقع الوادي على جوجل إرث

وعن حدود الوادي عاد وتحدث الأستاذ "أحمد شعبان" فقال: «بما أن الوادي كان مركزاً إدارياً وسياسياً لكامل المنطقة يجب تحديده جغرافياً بحدود القرى، فمن الجهة الشرقية يحده قرية "بعزرائيل" ومن الجهتين الشمالية والجنوبية يحده حارات قرية "بحنين" أما من الجهة الغربية فيحده امتداد ما يسمى موقع "مرقية" التاريخي وموقع "الزاريات" الأثري.

والوادي يرتفع عن سطح البحر حوالي /200/ متر، ويقدر عمره بعدة قرون خلت وهذا ارتكاز على تواريخ مكتوبة على شواهد القبور فيه، إضافة إلى أن تربته كانت من أخصب ترب المنطقة، وكانت تزرع بمختلف المزروعات والأشجار المثمرة».

من ينابيع الوادي

وأنهى حديثه بالقول: «يوجد في موقع الوادي معبد قديم جداً ضاعت حجارته في أعمال بناء منازل القرية، إضافة إلى الكثير من اللقى الأثرية كمعصرة زيتون حجرية كانت تدار بقوة الانسان أو الحيوان».