بإطلالتها المميزة تشكل أول عناق للجبل مع البحر، فتكشف الساحل من مدينة بانياس حتى الحدود السورية- اللبنانية بمنظر طبيعي خلاب، ومن جود وكرم أهلها تغير اسمها لتلقب ويتعارف عليها بقرية "بيت السخي" أو قرية "المكيشفاني".

مدونة وطن "eSyria" قامت بزيارة القرية بتاريخ 13/7/2013، والتقت أحد المعمرين في القرية السيد "حمادي حمادي" وهو المختار السابق لقرية "المكيشفاني" الذي أشار بالقول: «طرأ على القرية العديد من التغييرات فقبل حوالي 50 عاماً، كانت القرية عبارة عن 18 منزلاً، ولم يكن يتجاوز عدد سكان القرية 100 شخص، أما اليوم فيتجاوز هذا العدد الـ 2000 إلا أن كل عائلة تعيش وحدها بعد أن كان سكان القرية كلهم يعيشون كعائلة واحدة، كما اختلفت العلاقات حيث كان في كل قرية 3 – 4 أشخاص وهم ما يسمون (الأوادم) ويعتبرون هم القضاة والمحكمة في القرية، فكانوا يحلون أي مشكلة تقع، وجميع سكان القرية يأخذون برأيهم، إلى أن حصلت بعض التغييرات وأصبحت كل عائلة تحل مشكلاتها بنفسها».

بشكل عام يهتم أبناء القرية بالبناء بشكل ملحوظ حيث إن أغلب البيوت فيها حديثة ومميزة من حيث الشكل والكسوة، بالإضافة إلى استقلالية كل بيت عن الآخر، فالبيوت متباعدة وخاصة في الفترة الأخيرة بعدما تم توسيع وفتح طرقات جديدة في القرية

أما بالنسبة للزراعة فيتابع: «كانت الزراعة في القرية منوعة فكل بيت كان يزرع أمام منزله القمح والشعير والعدس والفول وغيرها، أما اليوم فلا أحد يعتمد على الزراعة إلا نادراً، فالناس اعتمدت على الوظائف وأهملت الأراضي حتى أصبحت بوراً إلى أن أصدرت الدولة قراراً بأن الأرض التي لم تفلح منذ 5 سنوات سوف تستولي عليها فعاد البعض لزراعة أرضه بالزيتون فقط».

المختار مجيب يونس

وحول اسم القرية الأساسي واللقب المعروفة به يشير: «منذ القديم والقرية في الدولة تسمى "المكيشفاني" وهذا يعود إلى الإطلالة التي تتمتع بها حيث إنها تكشف منظر الساحل السوري من مدينة بانياس حتى الحدود السورية- اللبنانية من جهة البحر، كما أنها تكشف مدينة طرطوس بشكل واضح على اعتبارها أول قرية مرتفعة بعد السهل الساحلي، أما عن اللقب المعروف في القرية وهو "بيت السخي" فيعود هذا الاسم إلى وجود شخص من القرية منذ زمن بعيد يعرف بـ "أبو علي السخي" حيث كان كريماً جداً هو وعائلته ويتعامل بسخاء مع كل الناس التي يعرفها ولا يعرفها ونسبة إليه سميت القرية بهذا الاسم وهو الاسم الأكثر تعارفاً بالنسبة لأهالي القرية والقرى المجاورة».

المختار "مجيب يونس" تحدث بالقول: «إن قرية "المكيشفاني" أو ما تعرف بـ "بيت السخي" تقع في نهاية السهول الساحلية وبداية الجبال المطلة على البحر من جهة منطقة الدريكيش، يحيط بها عدد من قرى المنطقة وهي "النقيب" من الشمال و"بيت الغر" من الجهة الشرقية الشمالية و"كرم بيرم" من الجنوب و"بيت اسماعيل" من الغرب، وترتفع عن سطح البحر 800 متر تقريباً وتبعد عن مركز مدينة "طرطوس" 12 كم ويبلغ عدد سكانها 2200 نسمة».

القرية من غوغل إرث

يوضح: «تشتهر القرية بزراعة الزيتون على الرغم من قلة مساحة أراضيها المخصصة للزراعة، أما العمل الأساسي الذي يتميز به سكان القرية فهو اتجاه عدد كبير منهم إلى العمل في مجال ذبح وسلخ الحيوانات لبيع لحومها، حيث إن أغلب محلات بيع اللحوم في مدينة "طرطوس" تعتمد على مذابح لسكان القرية.

ومن جانب آخر فإن نسبة التعليم في القرية عالية جداً تصل إلى 99%، حيث خرجت عدداً كبيراً من الضباط والمهندسين والمديرين والأساتذة والمدرسين ودكاترة الجامعة المعروفين على مستوى المحافظة، إلا أنه لا يوجد في القرية إلا مدرسة واحدة للتعليم الأساسي (الحلقة الأولى والثانية)، بينما يدرس طلابها المرحلة الثانوية في مدرسة قرية "النقيب" والتي تبعد حوالي 1 كم عن "المكيشفاني" والتي تدفع الطالب أحياناً في فصل الشتاء لاستخدام وسائط النقل للوصول إلى المدرسة».

إحدى الحارات في القرية

أما عن الخدمات الأخرى الموجودة في القرية يضيف: «لا تتمتع القرية بخدمات عديدة تكاد لا تتخطى أكثر من الكهرباء والماء والصرف الصحي، حيث لا يوجد إلى الآن مستوصف في القرية، وحتى الموصلات غير مؤمنة لا تصل الميكروباصات إلا لأول القرية فيضطر من يريد أن يذهب إلى المدينة أو إلى أي قرية مجاورة أن يمشي مسافة 800 م ليصل إلى منطقة "المصلبة" أي التقاطع الذي تتوافر فيه المواصلات على الرغم من تخصيص الدولة خطوط سير تصل إلى أعلى القرية ولكن لا أحد يتقيد بذلك».

يتابع: «بشكل عام يهتم أبناء القرية بالبناء بشكل ملحوظ حيث إن أغلب البيوت فيها حديثة ومميزة من حيث الشكل والكسوة، بالإضافة إلى استقلالية كل بيت عن الآخر، فالبيوت متباعدة وخاصة في الفترة الأخيرة بعدما تم توسيع وفتح طرقات جديدة في القرية».

وحول اسم القرية أيضاً تشير الجدة "مريم محمد": «أصبح اليوم في القرية 100 شخص سخي وكريم ويجب أن يكون هذا الاسم هو اسم القرية المعتمد لأنه الأكثر انتشاراً، فقريتنا هادئة وتسودها أجواء محبة بين أهلها، إلا أنها اختلفت عما كانت عليه منذ 60 سنة مضت، فاليوم لا يوجد دور للمختار في القرية غير أنه فقط يمضي على ورقة لأحد السكان بخصوص سند الإقامة أو ما شابه ذلك بعد أن كان المختار صاحب الكلمة الفصل في كل ما يخص القرية والعلاقات فيها حتى إنه كان على زمني عندما تختلف الزوجة مع زوجها تلجأ إلى المختار، كما أن الاختلاف من حيث التعليم حيث إن القرية لم يكن فيها الكثير من المتعلمين، أما اليوم فكل بيت من بيوت القرية فيه نسبة من المتعلمين بمختلف المجالات».

من جانب آخر تضيف: «يوجد نبع قريب من القرية يسمى نبع "الغدير" على نهر "الغمقة" حيث كان أهل القرية يستخدمون مياهه للشرب، أما اليوم فلم يعد أحد يقصد النبع إلا نادراً وخاصةً بعدما قامت البلدية بفتح نبع ماء ضمن القرية، إلا أن القرية تعاني من قلة الخدمات فحتى على مستوى محلات الأطعمة والحاجات الأساسية فهي قليلة مقارنة بغيرها من القرى المجاورة».