قرية ريفية يفخر أبناؤها بالانتماء لها فهي "بيت الحنين" بالنسبة لهم، تجاوز عمرها الافتراضي /800/ عام، تربعت على عدة مرتفعات جبلية بانتشار سكاني كبير وهيكلية عمرانية جعلت منها القرية الكبيرة.

مدونة وطن eSyria زارت بتاريخ 18/6/2013 قرية "بحنين" والتقت السيد "أحمد شعبان" مدرس لغة عربية متقاعد وشاعر من القرية، وعنها قال: «عمر قرية "بحنين" يزيد على /800/ عام، وهذا يظهر من خلال بعض اللقى الأثرية الموجودة فيها ومنها معصرة زيتون تراثية قديمة جداً، ومغارة صناعية محفورة بالصخر الأصم تسمى بالعرف الشعبي "ناغوص" وهي كتلة معمارية غاية في الدقة والابداع، إضافة إلى وجود أضرحة لبعض الأولياء الصالحين مؤرخة بما يزيد على ذالك التاريخ.

ترتفع قرية "بحنين" عن سطح البحر حوالي /250/ متراً وتتربع على عدة مرتفعات جبلية ما يمنحها انتشاراً جغرافياً واسعاً، وتتبع إدارياً لناحية "السودا" وتبعد عن مركز مدينة "طرطوس" حوالي ثلاثة وعشرين كيلومتراً

ويعتقد أن أجدادنا هاجروا منذ زمن بعيد من القرية إلى العديد من دول المهجر، ويحكى أنهم كانوا يقصدون "ضهرة حصين البحر" وهي منطقة مرتفعة تطل على البحر مباشرة وتكشف حوضه بالكامل، ويراقبون السفن القادمة والخارجة منه، ومن ثم يقصدون المغادرة منها ليعملوا بها كأجر وثمن رحلة السفر من هنا إلى دولة المهجر الراغبين في العمل بها، حيث إن تلك السفن كانت تعمل على البخار وكان عملهم على متنها وضع الفحم في المراجل لعمل محركاتها».

الأستاذ "أحمد شعبان"

ويتابع الأستاذ "أحمد" بالقول: «في أربعينيات وخمسينيات القرن الماضي تعرض مجتمعنا للعديد من الهجرات الداخلية والخارجية وما تبقى من أفراد المجتمع اتبعوا ظاهرة التعليم والثقافة وكان منهم أوائل الأكاديميين في المنطقة وذلك في عام /1948/، علماً أن في تلك الفترة الزمنية كان يوجد في القرية مدرسة ضمن مسجد بمراحل تعليمية متقدمة "ابتدائية" دون بقية القرى المحيطة بنا، وهي كما يطلق عليها "مدرسة الجامع" وهذا مع بداية القرن الماضي، ويعتقد أن بناءها يعود إلى فترة السلطان "سليم" كما يروى، وبشكل عام هذا الأمر ساهم بتميز القرية من ناحية نسبة المثقفين فيها الحاملين للشهادات الجامعية، ومنهم من يعمل حالياً في دول المهجر مثل "بريطانيا" و"المانيا" وغيرهما كخبراء اختصاصيين.

وبالعودة إلى سبب هذه النهضة العلمية يمكن القول إن الوضع الاجتماعي المتردي وإقبال ومحبة الأهالي للثقافة هو الدافع الأهم».

الأستاذ "علي عبد الله"

أما عن حدود القرية فيقول الأستاذ "أحمد": «بالضرورة وصف القرية بالقرية الكبيرة من قرى محافظة "طرطوس"، وكبر القرية يعود لتعداد سكانها الذي يتجاوز عشرة آلاف نسمة ونسبة المتعلمين فيها ونسبة المهاجرين منها، ويحدها من الجهة الشرقية قرية "بعزرائيل" ومن الجهة الشمالية تجمع "عين الكبيرة" و"الحرف" و"بيت البلوط" ومن الجهة الغربية قرية "العنازة" ومزرعة "بيت سماق" و"رأس الكتان" ومن الجهة الجنوبية قرى "ضهر مطر" و"النعامة" و"الملوعة" و"الجديدة".

وهي قرية أثرية اندثرت بالكامل دون اكتشاف رسمي، وأغلب مكتشفاتها كانت بطريقة المصادفة كما قبر "السلطان" "الناغوص" في الوادي وهو أهم وأجمل مواقع القرية كوحدة إدارية وسياسية ويعود للحقب التاريخية السابقة، لأنه كان باعتقادي بستاناً خصباً ورائعاً تمتد عليه حوالي سبعة ينابيع كانت دائمة الجريان، ولولا ذلك لما كان صاحب الموقع "السلطان" تعب ما تعب حتى فتح قبره وهو حي على ما أعتقد في هذا الموقع».

موقع القرية وفق جوجل إرث ضمن الدوائر السوداء

وفي لقاء مع التشكيلي "صلاح عقول" ابن قرية "بحنين" قال عن تسمية القرية: «تسمية القرية "بحنين" تعود في أصولها إلى الآرامية وتعني "بيت الحنين"، حيث إن القرية بمجتمعها الاجتماعي تملك الكثير من المحبة والحنين للغير وللقرية بحد ذاتها، وتأكد هذا من خلال دخول بعض العائلات المهاجرة إلى مجتمعنا القروي واستيطانهم فيها لما ظهر لهم من محبة وحنين وصدق في التعامل من الأهالي، أضف إلى ذلك افتخار الكثير ممن تعود أصولهم وجذورهم لها بانتمائهم لتاريخها ومجتمعها ومنهم على سبيل المثال لا الحصر الأستاذ "عبد الكريم الناعم" والأستاذ "تركي صقر" والأستاذ "ممدوح عدوان"».

أما السيدة "ايفا محمد" فتحدثت عن المجتمع الزراعي في القرية فقالت: «القرية فقيرة جداً من ناحية خصوبة تربتها، ولا تنتج سوى أشجار الزيتون، وقد سميت القرية بالقرية البخيلة لفقر وبخل الأرض فيها من ناحية الانتاج الزراعي.

وبالنسبة للزراعات التي كانت قائمة في القرية سابقاً منها زراعة الذرة بنوعيها البيضاء والصفراء وزراعة أشجار التوت ولكنها قد فقدت حالياً، وقد تمخض عنها بعض الحرف اليدوية التراثية مثل حرفة حل الحرير الناتج عن تربية دودة الحرير، إضافة إلى صناعة الخمر من كروم العنب، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن ابن قرية "بحنين" رجل بكل معنى الكلمة لأنه مكافح ويتعب في جني أرزاقه، لذلك تراه ينكر ما يملكه خوفاً من ضياعه».

الأستاذ المتقاعد "علي عبد الله" تحدث عن عائلات وحارات القرية فقال: «يعتقد أن جذور وأصول القرية واحد لذلك لم تتعدد العائلات الأساسية فيها ومنها "آل إبراهيم" و"آل ساحلية" و"آل ديب" و"آل أبو عبيد" و"آل الخطيب"، وقد تفرع عنهم بقية العائلات التي سكنت مختلف حارات القرية وهي الحارة الشمالية والحارة الشرقية والحارة الغربية وحارة الغالي».

ويضيف السيد "علي": «ترتفع قرية "بحنين" عن سطح البحر حوالي /250/ متراً وتتربع على عدة مرتفعات جبلية ما يمنحها انتشاراً جغرافياً واسعاً، وتتبع إدارياً لناحية "السودا" وتبعد عن مركز مدينة "طرطوس" حوالي ثلاثة وعشرين كيلومتراً».