تشكل قرية "سريجس نرجس" هضبة متوسطة الارتفاع متعددة المستويات تحيط بها الجبال المرتفعة، وتحتضن العديد من المواقع التراثية والأثرية منذ ما يقارب /400/ عام، وتتميز بتربتها الخصبة ومناخها المعتدل.

مدونة وطن eSyria وبتاريخ 28/5/2013 زارت قرية "سريجس نرجس" التابعة لمدينة "الشيخ بدر" والتقت مع المختار "أحمد محمد" الذي أوضح في البداية طبيعة الاسم المركب للقرية حيث قال: «نظراً لتكرار هذا الاسم لأكثر من قرية ساحلية في المحافظة تم تمييز قريتنا عن غيرها بإضافة اسم آخر إلى جانب اسمها الأساسي "سريجس" ليصبح "سريجس نرجس" وقد اختير الجزء الثاني من الاسم "نرجس" لتميز القرية وطبيعتها البرية بنمو أزهار "النرجس" فيها وبكثرة. أما فيما يخص الاسم الأول "سريجس" وهو اسم تلازم مع القرية منذ نشوئها فهو كما في القاموس يعني الموقع الجغرافي بين نهرين، وهذا صحيح لأن القرية يحيط بها نهران يجريان على حدودها المعمارية الأول منهما يجري من الجهة الشمالية الغربية أي على حدود أبنيتها السكنية وهو نهر غزير يسمى نهر "البلوطة" وتنمو على حوافه أشجار البلوط وينبع من منطقة "الديرون" شمال شرق القرية، والنهر الثاني هو نهر "الجلسات" ويجري على الجهة الجنوبية الغربية، ويلتقيان في منطقة تسمى "الزيمرية" وهي منطقة زراعية خصبة وسياحية بامتياز».

تتميز القرية بالعلم والتعلم حيث تفوقت إعداديتها أربع سنوات متواصلة على مستوى المحافظة بمعدل النجاح وارتفاع عدد العلامات الكاملة في شهادة التعليم الأساسي

وأضاف: «وفق الروايات التي تناقلها الآباء من الأجداد يقال إنه منذ حوالي /400/ عام جاء إلى هذا الموقع الجغرافي أشخاص هم "محمد درويش" و"عبود درويش" وهؤلاء من أحفاد الشيخ الفاضل "عمار الدرميني" في محافظة "اللاذقية"، واستقروا هنا وأسسوا القرية التي يصل عدد سكانها حالياً إلى ما يزيد على /3000/ نسمة، بجانب نبع ماء دائم الجريان يسمى حالياً نبع "الضيعة" أو نبع "الساحة" لأنه في منتصف القرية وضمن ساحتها الرئيسية، وبدأت ملامح القرية حينها بالتشكل إلى أن وصلت إلى حالتها الطبيعية الحالية. والقرية منذ عدة عقود كانت تتبع إدارياً لمدينة "الدريكيش" التي تبعد عنها حوالي عشرين كيلومتراً، ومن ثم أتبعت إلى مدينة "الشيخ بدر" التي تبعد عنها حوالي أربعة كيلومترات فقط، وهذا بعد إلحاح وطلب من الأهالي في أوائل السبعينيات، لتسهيل أمور حياتهم الاجتماعية والاقتصادية».

المختار "أحمد" والأستاذ "كامل"

وتابع: «العلاقات الاجتماعية بين الأهالي رائعة جداً لا تشوبها الخلافات الجسيمة فالجميع من جذور واحدة وعائلة واحدة، وإن وقع خلاف على حدود حقل زراعي مثلاً يتم حله فوراً بجهود كبارية القرية ومعمريها الذين درسوا في ثلاثينيات القرن الماضي العلوم الفكرية على يد خطيب القرية، مما أثر على حكمتهم وطبيعة تعاملهم إيجاباً».

أما عن حارات القرية فقال: «في القرية عدة حارات هي حارة "الضيعة" أو "الساحة" وحارة "جديدة" غربي ساحة القرية وحارة "القلع" وحارة "الرويسة" وحارة "الفوقانية" وحارة "الجرن" نسبة إلى وجود جرن كبير نحت في الصخر واستخدم لدق التين اليابس الخاص بصناعة الهبول، إضافة إلى حارة "بيت دلا" وحارة "بيت المرج" المحدثة حديثاً».

من حقول القرية الزراعية

وعن موقعها الجغرافي وحدودها الطبيعية يحدثنا الأستاذ "كامل عزيز اسماعيل" من أبناء القرية: «ترتفع قرية "سريجس" عن سطح البحر حوالي /500/ متر، وتتربع على تلة هضبية متوسطة الحجم متعددة المستويات والرؤوس مقارنة مع ما يحيط بها من جبال مرتفعة، فتبدوا هذه الجبال كحضن يضم هذه التلة ويحميها من مختلف العوامل الجوية المناخية ويجعل منها طبيعة مناخية مختلفة عن جوارها بفارق درجات الحرارة والبرودة ضمن مختلف الفصول والمواسم. والقرية تتوضع جنوب شرق مدينة "الشيخ بدر"، حيث كانت الحضن الأمين لمجاهدي ثورة الشيخ "صالح العلي" وهنا كان لها تميز يمكن وصفه بأن رجالاتها كانوا صفاً واحداً ويداً واحدة مع هذه الثورة لذلك بقيت القرية الوحيدة على مستوى المحافظة التي لم يدنس ترابها الاحتلال الفرنسي ولم يستطيع اختراق تحصيناتها الجغرافية الطبيعية، فالقرية يحدها من الجهة الشمالية قريتي "حميص" و"الفندارة" ومن الجهة الجنوبية قرية "القليعات" وقرية "كرفس" ومن الجهة الشرقية قرية "بشمس" ومن الجهة الغربية قرية "كفرية" وقرية "الديريني"».

ويضيف الأستاذ "كامل" عن ناحية أخرى تميزت بها القرية: «تتميز القرية بالعلم والتعلم حيث تفوقت إعداديتها أربع سنوات متواصلة على مستوى المحافظة بمعدل النجاح وارتفاع عدد العلامات الكاملة في شهادة التعليم الأساسي».

موقع القرية وفق جوجل إيرث

الجد "دمر أحمد" من معمري القرية يقول: «كثرت في القرية المواقع الأثرية التاريخية والتراثية الاجتماعية كموقع "الناغوص" المنحوت بالصخر، وموقع "القصر" الذي تميز بطريقة بنائه وضخامة حجارته، إضافة إلى طاحونة الشيخ "صالح العلي" التي تميزت بطريقة عملها عبر ضخ المياه لطحن الحبوب وعصر الزيتون، إضافة إلى "طاحون الزيمرية" التراثية وطاحونة الشيخ "محمد نعوس" وطاحونة "البلوطة"، وجميعها مواقع لو حصلت على القليل من الاهتمام لنافست أهم المعالم الأثرية والتراثية في المحافظة».

وفي لقاء مع السيد "محمد حمدان" أوضح طبيعة مناخ القرية: «يعتبر مناخ القرية مناخاً معتدلاً في فصل الشتاء ومنعشاً في فصل الصيف، وهذا نتيجة إحاطتها بالأشجار الكثيفة من مختلف الجهات كغابة "المغيسل" وغابات "جوعيت" وغابة الشيخ "شاهين"، والجبال المرتفعة».

أما عن الحياة الاجتماعية التراثية فقال السيد "محمد": «اشتهرت القرية في القديم بتربية دودة الحرير وصناعة الحرير نتيجة لتوافر المياه وخاصة الينابيع التي يصل عددها إلى حوالي ثلاثين نبعاً، وزراعة أشجار التوت بكثرة حولها، حيث أعتمد السكان على هذه الحرفة في حياتهم الاقتصادية إلى جانب الزراعة المتميزة والمتنوعة كزراعة الحمضيات والزيتون والخضار والقمح على مدار العام، إلا أنهم دعموها حالياً بالوظائف الحكومية، أضف إلى هذه الحرفة كان يوجد وما يزال رجل يدعى "أحمد أحمد" يتقن حرفة صناعة القفر والسلال متعددة الاستخدامات من أعواد الريحان، ورجل آخر كان يتقن حرفة صناعة الحبال من شعر الماعز وصوف الأغنام، وصناعة الرحى الحجرية».