شكلت قرية "عقرزيتي" بموقعها شبه جزيرة بين نهرين وأودية عميقة تفصلها عن جهاتها الثلاث، في حين شكلت عزلتها حافزاً للبحث عن الاكتفاء الذاتي.

تتبع قرية "عقرزيتي" إلى منطقة "الشيخ بدر" وتبعد عنها مسافة 13كم، وقد شكلت التضاريس الوعرة وهجرة كثير من شبابها سبباً في عزلتها، الأستاذ "غسان حيدر" معلم في مدرسة القرية قال في حديث مع مدونة وطن eSyria بتاريخ 8/6/2013: «هناك فرق بين قريتنا وقرية "عقر زيتي" على طريق "الشيخ بدر- طرطوس"، وربما جاء الاسم مصادفة أو نتيجة لصلات تاريخية أعطت نفس الاسم، أما موقعها فقد شكل نهاية كتلة جبلية وفاصلاً طبيعياً عما حولها، إذ إن الجبل الذي تقع عليه القرية مفصول من ثلاث جهات بأودية شديدة الانحدار يزيدها صعوبة جريان نهري "جويتي" من الجهة الشمالية، و"الصوراني" من الجهة الجنوبية، ويلتقي النهران عند جسر "الحاج حسن" مشكلين فاصلاً طبيعياً يعزل القرية إلا من الجهة الشرقية حيث موقع قرية "الزريقة" التي تتبع لها "عقرزيتي" في كثير من شؤونها وأهمها "المخترة"».

كما يحيط بالقرية حزام من المناطق الحراجية الطبيعية والاصطناعية، والكتل الجبلية التي قسمت القرية الصغيرة أساساً إلى ثلاث مناطق أصغر هي أحياء "الشيخ عيسى، عقرزيتي، دوارة البلاّن". وقد سبب بعد القرية وعدم وجود تواصل كثيف مع محيطها بهجرة كثير من شبابها حيث يصل عدد سكانها حالياً إلى 150 نسمة، وللأسف فإن وسائل تواصل القرية هي شخصية ولا وجود لوسائل نقل عامة

وتابع: «كما يحيط بالقرية حزام من المناطق الحراجية الطبيعية والاصطناعية، والكتل الجبلية التي قسمت القرية الصغيرة أساساً إلى ثلاث مناطق أصغر هي أحياء "الشيخ عيسى، عقرزيتي، دوارة البلاّن". وقد سبب بعد القرية وعدم وجود تواصل كثيف مع محيطها بهجرة كثير من شبابها حيث يصل عدد سكانها حالياً إلى 150 نسمة، وللأسف فإن وسائل تواصل القرية هي شخصية ولا وجود لوسائل نقل عامة».

القرية القديمة وجزء من التوسع حولها

أما الوجه الآخر لعزلة القرية فقد تمثل بزراعة أهلها لكثير من محاصيلهم حتى تلك التي أقلع الناس عن زراعتها "كالعدس" وغيره من محاصيل فصلية».

السيد "علي محمد" من أهالي القرية أضاف: «نعمد في قريتنا إلى زراعة كثير من المحاصيل التي تؤمن الاكتفاء الذاتي للناس، "فالتبغ" تتوزع زراعته بين منازل القرية وفي مزارعها، وهو محصول رئيسي يتم قطفه صيفاً، في حين يزرع الناس البقوليات بأنواعها حتى تلك التي لم يعد الناس يزرعونها في المناطق الساحلية والجبلية، وفي هذه الفترة من نهاية فصل الربيع نقوم بحصد "العدس" الذي يزرع لحاجة العائلات فقط، وبجانبه "الحمص والفول"، في حين نزرع "القمح" لغاية المؤونة وبيع الفائض، وتجد في "عقر زيتي" الفاكهة الصيفية بأنواعها فالقرية ترتفع 400م عن سطح البحر، وفي هذه البيئة المتوسطة الارتفاع نجد التين واللوزيات والعنب، في حين لا يزرع التفاح لحاجته لمناطق أكثر ارتفاعاً، أما زراعة الزيتون فهي قديمة العهد ويخصص لها مساحات واسعة لأن الزيتون من أنجح الأشجار في بيئتنا، وفي محيط مزارعنا وداخل القرية نجد عدة ينابيع كانت تغذي أهل القرية سابقاً، ومازالت تجري، منها ينابيع "الأحمر، الأبيض، عقرزيتي،" في حين نشرب من مياه نبع "وادي سويدين"، وهو أحد المشاريع الحكومية».

صورة فضائية للقرية والجب الذي تتوضع عليه

يحيط بقرية "عقرزيتي" مجموعة قرى وتجمعات سكنية هي "مزرعة عروبة" من جهة الجنوب، "وجوبة صبح" غرباً، أما قرية "جويتي" فتجاورها من جهة الشمال، وقرية "الزريقة" تشكل منفذاً طبيعياً دائماً للقرية من جهة الشرق، وللوصول للقرية يتبع أهل القرية عدة طرق منها "طرطوس، القمصية، بلاط، جوبة صبح" وصولاً إلى عقرزيتي"، في داخل القرية نجد بعض بقايا البيوت الحجرية القديمة التي بناها السكان في خمسينيات القرن الماضي، والتي كانت مصدر إلهام لعدسة الكاميرا بطابعها التراثي الأصيل.

وعن الوضع السكاني في القرية ونشاطات أهلها يقول الأستاذ "غسان ابراهيم": «تعتبر الجهات الحكومية قريتنا مزرعة، لكن قدم المنطقة والسكن فيها يجعلها قرية في العرف العام، وقد سبب بعد القرية وصعوبة التضاريس المحيطة بها هجرة كثير من أبنائها، فالقرية تحتوي مدرسة صغيرة "حلقة أولى" في حين أن الحلقة الثانية والمرحلة الثانوية تبعد عدة كيلومترات في قرية "الصوراني"، كما أن قلة وسائل النقل في القرية أبعدها عن محيطها قليلاً، بالتالي بقي من يعمل بالزراعة في القرية، وبعض المهن التي تعتمد على وسائل النقل الخاصة، أما المتعلمون وذوو المهن التجارية فانتقلوا إلى مدينة "طرطوس" والى منطقة "الشيخ بدر"، وحتى إلى خارج البلاد».

الأستاذ "غسان ابراهيم"

يقول المصور الأستاذ "أحمد سليم" من العاملين في المواقع الإلكترونية المحلية في طرطوس: «زرت "عقرزيتي" خلال جولتي في منطقة "الصوراني"، والتقطت الكثير من الصور في هذه المنطقة لغاية نشرها وتعريف الناس بها، فهي تمتلك موقعاً مميزاً وسط الطبيعة حيث لا تعتقد للوهلة الأولى بأنك دخلت قرية، فالغابات تنتشر في جميع المناطق المحيطة بالقرية، كما تشرف القرية على نهر"جويتي" أو كما يسمى "بني صاف" بانحدار شديد فهي منطقة طبيعية بامتياز تجد فيها الكثير من مكونات الطبيعة الأساسية في المنطقة، فالورد "الجوري" البري لم أجده حتى الآن إلا في أحراش القرية، ومستعمرات "الحيصد" الصفراء اللون، وغيرها من الأشجار "سنديان، قطلب، بلوط، غار،.."، وأعتقد أن هذه المناطق عموماً هي مصدر رزق كامن سيظهر في أحد الأيام متى صارت الظروف ملائمة لذلك».

يذكر أن "عقرزيتي" تمتلك في الوجه الآخر لطابعها التراثي البسيط أحدث محطة هاتف لاسلكي حكومي، وهو المشروع الذي يخدم المناطق البعيدة عن مراكز الهاتف، لكن عدم وجود خبراء صيانة بشكل دائم يخرج هذه المحطة معظم أشهر السنة من الخدمة.