قرية من جرد مدينة "بانياس" صبغ اسم أقدم حرفة فيها على موقعها الجغرافي الذي توضع على تلة كشفت جهاتها الأربعة، حيث توزعت فيها أربعة ينابيع روت سكانها المحليين بأعذب المياه الجوفية.

مدونة وطن eSyria زارت قرية "التون الجرد" بتاريخ 8/4/2013 وتجولت في ربوعها والتقت السيد "أسعد إبراهيم ورده" أحد أبنائها الذي تحدث بداية عن تاريخ القرية فقال: «قرية "التون الجرد" أو كما كانت تعرف سابقاً بـ"آتون الجرد" هي قرية جردية تقع في أقاصي ريف مدينة "بانياس" تقريباً وتبعد عنها حوالي خمسة وعشرين كيلومتراً، وتتبع إدارياً لناحية "العنازة"، ويبلغ عدد سكانها حوالي /1500/ نسمة أغلبهم يعمل في الزراعة والأعمال الحرة التي تعتمد على الجهد العضلي، والبعض الآخر بنسبة قليلة يقتات من عمله الوظيفي في الدوائر الحكومية. والقرية رغم أنها مصنفة من القرى الجردية في المحافظة تتوافر فيها أغلب المنشآت الخدمة كالمدارس التعليمية بمراحلها المختلفة والخدمات الصحية من خلال نقطة طبية ومقسم هاتف، والأهم من هذا "مشروع إنعاش الريف" الهادف إلى خدمة وتنمية الريف بما يحتويه من منشآت خدمية، إلا أنه متوقف منذ انتهاء العمل الإنشائي فيه، أما فيما يخص الحالة الثقافية في القرية فهي جيدة جداً لأن نسبة المتعلمين والمثقفين فيها متوسطة مقارنة مع تصنيفها كمنطقة جردية».

ترتفع القرية عن سطح البحر حوالي /960/ متراً وتتربع على تلة مكشوفة من مختلف الجهات وهذا الارتفاع والانكشاف منحها مناخاً متميزاً يعتبر بارداً ومثلجاً شتاءً ومعتدلاً ومنعشاً جداً صيفاً

أما عن سبب تسمية القرية بهذا الاسم فيضيف: «في السابق كان اسم القرية "آتون الجرد" وهو اسم مركب من كلمتين الأولى منها وهي "آتون" مختصرة أو منبثقة من كلمة "أيتون" وتعني المكان الذي يشوى فيه الحجر الكلسي ليتحول إلى بودرة ناعمة، فصبغت هذه الحرفة التراثية القديمة والمندثرة حالياً الموقع الجغرافي باسمها، أما الجزء الثاني من الاسم المركب وهو "الجرد" فيطلق على الموقع الجغرافي البعيد عن مركز المدينة، وهنا اجتمع الاسمان في اسم واحد وأصبح "آتون الجرد" وعلى مر السنين اختصر لفظ الكلمة وأصبح "التون الجرد" لسهولة اللفظ».

السيد "أسعد" وإلى يساره السيد "عز الدين" والدكتور "بسام صبح"

وعن أهم الحرف التراثية التي كانت موجودة في القرية أشار: «من خلال البحث في تسمية القرية وبحسب الأحاديث المتناقلة بالتواتر عبر الأجداد والآباء كان يوجد في القرية حرفة "شيّ الحجر الكلسي" ويعتقد أن سبب وجود هذه الحرفة في هذا الموقع الجغرافي هو توافر الأحجار الكلسية فيها بكثرة، حيث كان يستخدم الكلس الناعم الناتج عن عملية الشيّ في عملية بناء المنازل الحجرية التراثية، فهو كمادة الاسمنت الحالية المستخدمة في عملية البناء، إلا أنها اندثرت منذ زمن طويل لعدم الحاجة لها وتوافر البديل منها وهو الاسمنت».

أما السيد "عز الدين حمامة" من أبناء القرية فتحدث عن طبيعة المجتمع الزراعي في القرية قائلاً: «تعد زراعة التبع من الزراعات الأساسية في القرية لتناسبها مع المناخ العام وطبيعة الحقول الزراعية المتوافرة لدينا التي تكسوها الحجارة كما تكسو النباتات البرية التربة، إضافة إلى أن مزارعي القرية وبعد عمليات استصلاح الأراضي عبر مشروع الشهيد "علي العلي" أو ما يعرف بـ"المشروع الأخضر" قاموا بزراعة بعض التفاحيات واللوزيات إلى جانب محصول القمح، حيث إن حقولنا الزراعية لم تكن منتجة بالشكل الأمثل قبل استصلاحها، وكانت حيازاتنا الزراعية منها قليلة جداً، ناهيك عن سيطرة الاقطاع على أجزاء كبيرة منها في سنوات سابقة».

الطبيعة الريفية الجردية في القرية

وعن الحدود الجغرافية للقرية ذكر: «القرية متفردة على تلة مكشوفة يحدها من الجهة الغربية قرية "الدردارة" وقرية "نحل العنازة"، ومن الجهة الشرقية قرية "الفروخية" وبعض من حدود قرية "الجديدة" ومن الجهة الجنوبية قرية "العليقة" وقرية "كعبية عمار"، أما من الجهة الشمالية فيحدها قرية "بصرمون"».

أما فيما يخص المياه التي تعتبر سمه هامة في التعبير الجردي للموقع الجغرافي فيحدثنا عنها السيد "محمد حمامة" مختار القرية الحالي: «حوالي سبعين بالمئة من مزارعي القرية يعتمدون على المياه التجميعية من الأمطار لري حقولهم الزراعية المزروعة بالتبغ، حيث يتم بناء خزانات اسمنتية مكشوفة أو ما يعرف بـ"البرك" لتجميعها، أو يتم حفر مسطحات مائية بأعماق خاصة ضمن الأرض بعيداً عن استخدام الاسمنت فيها.

القرية ضمن المثلث الأسود على غوغل إرث

علماً أنه يوجد في القرية حوالي أربعة ينابيع مياه جوفية تحيط بالقرية من جهاتها الأربعة وهي نبع "عين البد" من الجهة الشرقية ونبع "عين أبو كعك" في الجهة الجنوبية ونبع "عين العدسية" في الجهة الشمالية الغربية ونبع "عين دوار" في الجهة الشرقية، وقد كانت هذه الينابيع مصدر مياه الشرب للأهالي إلا أنها تعرضت لخطر التلوث من جراء الجور الفنية الخاصة بالصرف الصحي المنزلي، واستعيض عنها بشبكات مياه حكومية، وبقيت مياه تلك الينابيع لري بعض الحقول الزراعية القريبة منها».

وأوضح الجد "إبراهيم ورده" من المعمرين في القرية أسماء العائلات الأساسية فيها وأصولهم فقال: «لقد كانت العائلات الأساسية في القرية تعد على أصابع اليد الواحدة، ويعتقد أن أصولهم وبحسب الأحاديث المتناقلة من قريتي "الجديدة" و"الشندخة"، وهذه العائلات هي "آل إبراهيم" و"آل نجيمة" و"آل ورده" و"آل حمامة" و"آل سمية" و"آل ديبو" و"آل زيدان"، إلا أن هذه العائلات ومع انتشار شبكات الطرق إلى مختلف الرقع الجغرافية التابعة للقرية انتشرت انتشاراً كبيراً نتيجة لزيادة عدد السكان وتوزيع الحيازات الزراعية وتقسيمها».

يتابع: «ترتفع القرية عن سطح البحر حوالي /960/ متراً وتتربع على تلة مكشوفة من مختلف الجهات وهذا الارتفاع والانكشاف منحها مناخاً متميزاً يعتبر بارداً ومثلجاً شتاءً ومعتدلاً ومنعشاً جداً صيفاً».

وعن طبيعة العلاقات الاجتماعية بين أبناء القرية يوضح الجد "إبراهيم": «علاقات الأهالي مع بعضهم بعضاً جيدة جداً، فهم متعاونون فيما بينهم في أغلب أعمالهم ومنها الحقلية، وهذه خصوصية من الخصوصيات التي تمتع بها المجتمع الزراعي، رغم أن هذا المجتمع الريفي الزراعي قد اكتسب بعضاً من خصوصيات مجتمع المدينة.

ومن أهم نتائج العلاقات الجيدة بين الأهالي إنشاء "جمعية خيرية" بالتعاون فيما بينهم، وبناء دور وأماكن عزاء خاصة بالجميع، ومساعدة المحتاجين تحت اسم الجمعية».