كغيرها من قرى الشريط الساحلي تمتد قرية "حصين البحر" من السهل إلى الهضاب الجبلية، أما تربعها فوق عدة هضاب متجاورة فهو ما جعلها أشبه بحصن قريب من البحر نشأ قربه وعلا عنه مخففاً من رطوبته التي يزداد تأثيرها صيفاً.

إذا كانت تسمية القرية نسبة إلى هذا الشبه مع الحصن بحسب كلام مختار القرية "محمد طه" فالأهمّ من ذلك نتائج حوار "موقع طرطوس" معه بتاريخ 24/8/2009 ومنها معرفة أهم معالمها والعوائق التي تواجه الظروف المعيشية الطبيعية فيها.

القسم الأكبر من أبناء القرية يعتمد على الوظائف في دوائر الدولة ومؤسساتها إضافة إلى نسبة قليلة تعتمد على الزراعة بسبب محدودية مساحة الأراضي، ويوجد عدة معاصر للزيتون

تحدث بداية عن إحداثيات القرية قائلاً: «تقع القرية على هضبة ترتفع بحدود 250 متراً وتوجد فيها عدة هضاب متجاورة مطلة على البحر، فتشكلت بذلك عدة وديان تفصلها عن المناطق المجاورة وأصبحت القرية على شكل حصن مرتفع، تبعد عن البحر بحدود 3 كم وعن "طرطوس" حوالي 12 كم و"بانياس" حوالي 25 كم، عدد السكان المقيمين في القرية حوالي سبعة آلاف معروفون بالمشاركة الكثيفة في الأفراح والأتراح».

مختار القرية "محمد طه"

وأضاف: «يوجد في القرية مدارس للتعليم الأساسي والثانوي وفيها نسبة قليلة من الأمية وهي تجاور قرى "متن الساحل"، "زمرين"، ناحية "السودا" التي تتبع لها و"دوير طه" وقرى صغيرة مثل "عبة" و"الرويسة"، ويعتبر الطريق المار في القرية رئيسياً ويصل إلى منطقة "الشيخ بدر" و"حماه".

قسم كبير من الأراضي التي كانت مخصصة لفستق العبيد الذي كان محصولاً رئيسياً إضافة إلى بعض بيارات الليمون والبرتقال في السهل تحول إلى الزراعة المحمية لأنّ مردودها أفضل، وبعض هذه الأراضي أصبحت تشهد حركة عمرانية».

المركز الثقافي

قاسم مشترك بينها وبين عدة قرى مجاورة منذ قرابة 28 عاماً، هو ما جعل سكانها ينتظرون إيجاد حلّ له بفارغ الصبر، هذا ما يفسره كلام مختار القرية: «المحصول الرئيسي فيها كان أشجار الزيتون الذي قلّ عطاءه كثيراً بسبب تأثير غبار معمل الإسمنت الذي يؤدي إلى القضاء على بعض الأشجار أيضاً، حيث يوجد هذا المعمل منذ أوائل الثمانينات، وإضافة إلى تأثيره على الأشجار له تأثير سلبي على الصحة العامة والمنطقة وهذا التأثير يمكن ملاحظته على أسطح المنازل من الكميات الكبيرة من غبار الإسمنت.

يعد "معمل الإسمنت" من أهم معاناتنا بالإضافة إلى مكبين للقمامة شرق وشمال القرية، وانتشار ظاهرة الدراجات النارية ذات الأصوات المزعجة وخاصة ليلاً».

معمل الإسمنت

بالإضافة إلى من يقاسم السكان نقاوة هوائها، معالم مختلفة ميزتها ومنها بشرية ذكرها أثناء حديثه إذ قال: «عرفت "حصين البحر" بأنها قرية الكاتب المسرحي الراحل "سعد الله ونوس"، وفيها عدد من الفنانين والأدباء أمثال الروائي "حيدر حيدر"، أما أشهر العائلات فيها فهي "رمضان"، "خضور"، و"هولا".

تضم القرية عدة عيادات طبية إضافة إلى بعض المهن الحرفية مثل الحدادة والخياطة والنجارة، ويوجد فيها نادي رياضي ومركز ثقافي قيد الإنشاء والذي يتم بناؤه من أموال التبرعات لصندوق الشيخ "حسن البري"، كما تم إنشاء روضة من تبرعات هذا الصندوق أيضاً، وتذهب أمواله لتوزع على الفقراء، اليتامى والأرامل وتشمل بعض المساعدات في حالات مرضيّة للمحتاجين وإن كانت رمزية».

الموارد المعيشية في القرية محكومة بقربها من المحافظة وقلة الأراضي الزراعية فيها وبحسب قوله: «القسم الأكبر من أبناء القرية يعتمد على الوظائف في دوائر الدولة ومؤسساتها إضافة إلى نسبة قليلة تعتمد على الزراعة بسبب محدودية مساحة الأراضي، ويوجد عدة معاصر للزيتون».

أجيال متعاقبة هي التي عرفت "محمد طه" فمنها حين كان معلماً ومديراً لمدرسة القرية ومنها عندما أصبح مختاراً، أما طفرات الأخيرة منها فهي بحسب رأيه: «عملت كمعلم مدرسة طيلة حياتي في القرية وأستطيع القول أنّ اندفاع الطالب يختلف عن السابق، إضافة إلى اهتمام الأهل وتوجيههم نحو الدراسة ونوع من التقصير من قبل قسم من المدرسين، كما أنّ هناك ظاهرة الدروس الخصوصية في كافة المراحل مما يعبر عن التقصير واللامبالاة».

بالرغم من إحالته إلى التقاعد ما زال "إبراهيم شحادة" يذكر حديث مدرسه منذ أكثر من أربعين عاماً إذ يقول: «في سنة 1963 كنا نتعلم في ثانوية "بني طرطوس" وكان مدرس الفلسفة "عزيز خوري" يقول لنا أنّ "حصين البحر" هي ثاني قرية في "سورية" من حيث التعليم حيث تأتي بعد قرية "تل الدرة" في "سلمية"، ولو أنّ تعليم الإناث كان يتم بشكل أكبر لكانت في المستوى الأول بحسب قوله، وقد قدم أطروحة في هذا الموضوع».