تمكن "سمير عوكي" بخبرته الهندسية وجمعه للقطع التراثية السورية على مدار عدة عقود، من تحويل أرضه الجبلية إلى متحف ريفي يضم مقتنيات طبيعية أعاد تدويرها وفق مهام جمالية وتراثية تؤدي أعمالها واقعياً.

البداية من جمع الكتل الصخرية الضخمة جداً، وتوظيفها ضمن المزرعة التراثية بجمالية مدروسة، وهنا قال المهندس "سمير عوكي" لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 14 نيسان 2016: «جمعت الصخور الضخمة من مختلف مناطق بلدتي "مشتى الحلو" بعد اختيار المميزة منها إما بالحجم أو بالشكل أو بالطبيعة، حيث رأيت فيها أشكالاً مميزة وكأنها منحوتات شغلتها الطبيعة بعواملها المتعددة، فلدي صخور "أونيكس" مميزة بطبيعتها وتشكيلاتها والصخور السداسية السوداء، ونقلت بواسطة الآلات الثقيلة لتوظف بطريقة حضارية تراثية.

المميز في المنزل الريفي أنه مبني من الحجارة ذات الأحجام الكبيرة جداً، فحجمها يزيد على المتر طولاً والمتر عرضاً، وهو ما يوحي بجمالية خاصة تذكرنا بالأجداد الذين بنوا "حصن سليمان" مثلاً بصخوره الكبيرة، أو "برج صافيتا"، والفكرة من العمل برأيي أن الإنسان قادر على فعل ما يريده من مكونات الطبيعة من دون المساس بها وإيذائها

لدي صخرة صغيرة نحتت على شكل جرن مقعر، وظفتها كمغسلة طبيعية نقوم باستخدامها، وهناك بعض بقايا المنازل القديمة مثل "الساموك" و"المنارة"، وضعت ضمن تشكيلة المنزل لتمنحه الجمال، إضافة إلى ما أسميتها "المسلة" تيمناً بمسلة "حمورابي"، وهي صخرة ضخمة قطعت نصفين؛ ثبّت الأول بقاعدة حديدية في الأرض، ووضعت النصف الثاني فوقها بطريقة تثبيت علمية هندسية».

المنزل الريفي التراثي من الخارج وتظهر "المسلة" أمامه

وعن الفكرة من هذا المنجز، قال: «أعمل في البناء كمتعهد، وتعاملاتي مع الإسمنت والمكونات الإنشائية الحديثة، لذلك حاولت من خلال متحفي أن أكون جزءاً من الطبيعة ببساطتها، فأجلس على التراب وأحصل منه على الطاقة وأشعر ببرودته وحرارته، وأتعامل مع الأشجار وأجني ثمارها بيدي، وأستخدم الأدوات التراثية كالمذياع والموقد والإنارة والقدر النحاسي، لتكون هذه القطع والكثير غيرها منزلي الريفي المختلف تماماً عن المنازل الحديثة، والقائم على البساطة ومكونات الطبيعة والتراث».

النحات "علاء محمد" الذي يزور دائماً هذا المنزل الريفي، قال: «المميز في المنزل الريفي أنه مبني من الحجارة ذات الأحجام الكبيرة جداً، فحجمها يزيد على المتر طولاً والمتر عرضاً، وهو ما يوحي بجمالية خاصة تذكرنا بالأجداد الذين بنوا "حصن سليمان" مثلاً بصخوره الكبيرة، أو "برج صافيتا"، والفكرة من العمل برأيي أن الإنسان قادر على فعل ما يريده من مكونات الطبيعة من دون المساس بها وإيذائها».

جانب من المنزل الريفي داخلياً

وتحدث المهندس "إلياس صباغ" عن رؤيته لهذا المشروع بالقول: «المهندس "سمير عوكي" هاوٍ للتراثيات والفن؛ وهذه المقومات أنتجت منزله التراثي الذي يعد كفكرة نواة لمشروع استجمامي سياحي مهم جداً لارتباطه بـ"المشتى"، وكموقع وموجودات ومكونات فهو يضفي حالة من الترف الفكري على زائره، فالهدوء والطبيعة مقومان أساسيان فيه.

حتى إنه استثمر كل شيء في المنزل وكل زاوية بموجودات تراثية اندثرت ولم يعد يشتغل بها، وقد يرغب بعضهم برؤيتها فيجدونها هنا، في النهاية هو رجل ينتمي إلى بلدته، فاحتضن تراثها في منزله الريفي، وحفظه بأغلبيته تقريباً».

المهندس سمير عوكي يتحدث للمهندس إلياس صباغ

يشار إلى أن المهندس "سمير عوكي" من مواليد بلدة "مشتى الحلو" عام 1958.