برعت "سعاد حنا" بعقدها الثامن في صناعة الزعتر كسلعة غذائية لها زبائنها في "مشتى الحلو" ودول الاغتراب، بعد أن تمرست لسنوات على صناعته كمؤونة منزلية، فحقق مصدر دخل يقيها ضعف الحال مع تقدم العمر.

البداية كانت من صناعة وتحضير زعتر المائدة كمؤونة تجهز يدوياً ضمن المنزل، بحسب ما قالته الجدة "سعاد حنا" لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 11 كانون الثاني 2016، مضيفةً: «كنت أجهز مادة الزعتر لأحفادي كل موسم، فهم يجدونه وجبة غذائية سريعة يحبونها كثيراً ولا يذهبون إلى المدرسة من دون سندويشة الزعتر، والمفارقة أن المعلمات في المدرسة يطلبن تذوقه باستمرار ويثنين على طريقة تحضيره، وهذا دفعني في إحدى المرات لإرسال كمية صغيرة عربون محبة لهن، لكنهن طلبن كمية كبيرة كحاجة لمنازلهن؛ وهذا شجعني على تجربة فكرة التجارة وتأمين دخل إضافي لأسرتي.

منتجها من الزعتر البلدي على الرغم من جودته العالية إلا أن سعره أقل من أسعار السوق، وأعتقد أن السر في ذلك محبتها لما تقدمه، وكأنها كانت بحاجة إلى ملء ساعات فراغها، إضافة إلى أنه حالة من الشعور بالرضا عن النفس؛ بأنها قادرة على توظيف قدراتها وطاقتها في سنوات عمرها المتقدمة

وهذا الحال هو ذاته مع ابني "مجدي" في عمله الوظيفي، فزملاؤه في العمل طلبوا تذوقه والحصول على كميات منه مقابل المال، وهذا كان حافزاً إضافياً لتبلور الفكرة في ذهني وبدء العمل بصناعة الزعتر كحرفة أعتاش منها وأنا في سن الثمانين».

الجدة سعاد خلال تحضير الزعتر البلدي

عوامل ومقومات مساعدة للجدة "سعاد" ساهمت بنشر منتجها وعملها محلياً ودولياً -إن صح التعبير- وهنا قالت: «أحد العطارين في محافظة "حماة" وهو تاجر معروف جداً، طلب مني أن أكون شريكته في الحرفة، فالعمل مني والتسويق منه، لكني رفضت ارتباطاً بأبناء قريتي ومغتربيها، فكثيرون منهم تذوقوا الزعتر وحملوه معهم إلى مكان إقامتهم وعملهم خارج بلادي، وهو ما ساهم بانتشار منتجي خارج "سورية"، ناهيك عن زبائني الكثر في "المشتى"».

وتتابع: «السر في طريقة التحضير والخبرة التراكمية، حيث أضع المكونات الأساسية "الزعتر البري، والسماق مع السمسم والحمص المدقوق"، وذلك وفق مقادير معينة يكمن فيها جوهر المذاق، إضافة إلى عمليات التنقية للحمص والسمسم والدق المتكرر بالجرن الحجري لمادة السماق؛ التي تعطي شعور الاهتمام بالمنتج، فينعكس على مذاقه وشكله العام».

حسان جرجس بزي بابا نويل خلال زيارة بازار عيد الميلاد

اعتادت "عصمت قندلفت" شراء الزعتر من الجدة "سعاد"، وهنا قالت: «الجدة "سعاد" أشهر الحرفيين العاملين بصناعة الزعتر، وهذا نتيجة براعتها في عملية التحضير وحبها للعمل، فجميع أهالي "المشتى" يشترونه منها، وبعضهم ساهم بتسويقه ضمن مختلف الدول، وهي تبيع بأسعار منافسة، وهذا أعطى عملها ومنتجها قيمة إضافية، ومن الملاحظ أنها قتلت أوقات فراغ كبيرة يعاني منها من هم في مثل عمرها».

"حسان جرجس" من زبائن الجد قال: «منتجها من الزعتر البلدي على الرغم من جودته العالية إلا أن سعره أقل من أسعار السوق، وأعتقد أن السر في ذلك محبتها لما تقدمه، وكأنها كانت بحاجة إلى ملء ساعات فراغها، إضافة إلى أنه حالة من الشعور بالرضا عن النفس؛ بأنها قادرة على توظيف قدراتها وطاقتها في سنوات عمرها المتقدمة».

الجدة سعاد أمام خزانتها الخاصة بمنتجاتها

يذكر أن الجدة "سعاد حنا" من مواليد "مشتى الحلو"، عام 1931.