أتقن "نادر محمد" مهارات الخياطة وفنون التعامل مع الزبائن بلغة الإشارة، بعد أن غادر قريته "جليتي" في سن مبكرة، ليعود إليها حاملاً خبرته ولغته، ويبدأ حياته في سوقها الصغير تماشياً مع الظروف الحالية التي فرضت عليه.

عمل في "دمشق" نحو اثني عشر عاماً بعد أن تعلم المهنة هناك، وعاد بها إلى قريته "جليتي" التابعة لمدينة "بانياس"، وفي لقاء لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 11 تشرين الثاني 2015، معه أدركنا بعض تفاصيل حياته من خلال الإشارة، وبعضها الآخر عبر صديق مقرب من الخياط "نادر"، الذي نقل لنا قوله: «غادرت القرية من عمر الستة عشر عاماً، متجهاً نحو بناء مستقبلي في عمل يقيني شر إعاقة النطق والسمع التي اختبرني الله سبحانه بها، فوجدت يد العون الممدودة لي لأكون صاحب مهنة محترمة يحتاج إليها الناس ولا تخضع لأي ظروف وحالات اقتصادية استثنائية، فالجميع يحتاجون إلى الخياط، فالفقير يحتاج إليه ليرثي ثيابه وهذا النوع من الناس له تعامله الخاص بالنسبة لي، والمكتفي مادياً يحتاج إلى الخياط ليتنعم بما جنت يداه فأخيط له الملابس المميزة.

هذه المهنة جعلت من هذا الشاب إنساناً سعيداً بحياته، لأنه مدرك لقيمة الإنتاج بالنسبة للفرد في المجتمع، لذلك منحها جلّ وقته، ومنح بعض الأصدقاء الذين كسبهم من خلالها الوقت المتبقي، فهم يقصدون المحل لتمضية بعض الوقت معه، لأنهم يدركون كل حركة وإشارة يقوم بها ليوصل كلماته الضمنية، وهو أيضاً يفهم حركة شفاههم وأيديهم، وهذا تبلور نتيجة المحبة بالتواصل وعلاقة الصداقة التي نشأت فيما بينهم

هذا الفكر تعلمته من معلمي بالمهنة، إضافة إلى احترام العمل وإتقان فنون وطرائق التعامل مع مختلف شرائح الناس وطباعهم ومزاجاتهم العقلية، هي الخطوط العريضة للنجاح في العمل وجذب الزبائن الدائمين، وكل هذا تعلمته ووظفته بلغة الإشارة التي لا أستطيع التفاهم مع زبائني بغيرها، فمنهم من تعامل معها برحابة صدر وتفهم كبير، وآخرون تعاملوا معها بوعي تجسد بالرقي والابتسامة مع توضيح ما يجب أن يقال كتابياً على الأوراق».

الخياط نادر

وعن أهمية أن يكون للإنسان مهما كانت إعاقته عمل يمنحه الوقت والاهتمام، قال المدرّس "معن درويش": «هذه المهنة جعلت من هذا الشاب إنساناً سعيداً بحياته، لأنه مدرك لقيمة الإنتاج بالنسبة للفرد في المجتمع، لذلك منحها جلّ وقته، ومنح بعض الأصدقاء الذين كسبهم من خلالها الوقت المتبقي، فهم يقصدون المحل لتمضية بعض الوقت معه، لأنهم يدركون كل حركة وإشارة يقوم بها ليوصل كلماته الضمنية، وهو أيضاً يفهم حركة شفاههم وأيديهم، وهذا تبلور نتيجة المحبة بالتواصل وعلاقة الصداقة التي نشأت فيما بينهم».

أما المحامي "نادر منصور" من أبناء القرية فقال: «يمتلك الخياط "نادر" خبرة جيدة تكللت واقترنت بالعمل المنتج، فمن خلال ملاحظتي لعمله أدركت أن كيّ الملابس يدر عليه دخلاً جيداً يعوض بعض النقص الحاصل في الخياطة ضمن مناخنا القروي، خاصة أنه ملتزم بأجور مكان العمل، ومع هذا لا يحاول استغلال كثافة العمل على حساب الزبائن ورفع الأجور البسيطة أساساً.

خلال العمل

فساعدته بالحصول على قرض من صندوق التنمية المحلية في القرية برنامج "مشروعي"، لكن للحظة فكرت كيف يمكنه استثماره؟ والمفاجأة كانت بطريقة الاستثمار، حيث قام بشراء أقمشة قبل ارتفاع الأسعار، ليؤسس مخزوناً للعمل يستطيع التحكم بأسعار المنتج من خلاله، فيراعي زبائنه ويكسب رضاهم، والفضل هنا لخبرته وإدراكه الجيد لخفايا المهنة».

المدرّس معن درويش