تعدّدت أسماؤها وسنوات عمرها؛ فجذورها وصلابتها تحكي عنها، وكذلك اجتماع أهالي "كاف الجاع" تحت ظلّها الوارف وعقد اجتماعاتهم وأفراحهم وعزائمهم، إنها شجرة "السلطان عماد الدين".

فما زالت شجرة السنديان العتيقة محافظة على صلابة جذورها مع بلوغها القرن ونصف القرن من الزمن، كذلك تعددت الأسماء التي أطلقت عليها، إلا أنها حافظت على لقبها "شجرة السلطان"؛ هذا ما أكّده الجد "عيسى خليل" من أهالي قرية "كاف الجاع" لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 2 تشرين الثاني 2016، حيث أضاف عن سبب تسمية الشجرة بهذا الاسم: «منذ ما يزيد على 150 عاماً نمت شجرة سنديان الملاصقة جداً لضريح سلطان حماة "عماد الدين"، الذي لقب أيضاً بالملك والعالم، حيث كان يتخذ من هذه النقطة؛ أي قرية "كاف الجاع" بريف منطقة "القدموس" ومحيطها بالتحديد استراحة له أثناء تنقله بين الداخل والساحل؛ لما تميزت به من إطلالة جذابة على الطبيعة الجبلية والوديان والهدوء، وقربها من نبع ماء قديم يسمى في الوقت الحالي "نبع الضيعة"، وعبر السنين قام أهالي المنطقة ببناء ضريح في ذات المكان تكريماً وتخليداً لذكرى السلطان العالم، ولهذا اكتسبت السنديانة اسم صاحب الضريح الذي لاصقته تماماً، ومن ذلك الحين أصبح لها أهمية ورمزية كبيرة لا تقلّ عن أهمية ورمزية المكان الذي توجد فيه.

بالنسبة لي وأنا في العقد الثامن لا تزال هذه الشجرة مقصدي الذي لا غنى عنه منذ طفولتي وشبابي، وحتى الآن في هذه المرحلة المتقدمة من العمر؛ وهذا ينطبق أيضاً على الكثيرين من أبناء جيلي، حيث نجتمع للتسلية تحت ظلها طوال النهار من دون سابق علم، فمن يبحث عن رفيق عمره يجده هنا بانتظاره

كذلك مثّلت شجرة السلطان "عماد الدين" ملتقى طبيعياً ومحبباً لأهالي القرية، بل ولأهالي المناطق المجاورة لها، وأصبحت استراحة لكل عابر طريق، خاصة خلال الذهاب والعودة من الأراضي الزراعية التي تعرف بوعورة طرقها، حتى إنها صارت نقطة علام مهمة يستدل من خلالها لمواقع عدة، ومضافة تجمع الناس في أحزانهم وأفراحهم، فهي الآن كما في السابق رمزاً للحب والألفة والمودة ومشاهدة الطبيعة».

الجد عيسى خليل

ويضيف: «بالنسبة لي وأنا في العقد الثامن لا تزال هذه الشجرة مقصدي الذي لا غنى عنه منذ طفولتي وشبابي، وحتى الآن في هذه المرحلة المتقدمة من العمر؛ وهذا ينطبق أيضاً على الكثيرين من أبناء جيلي، حيث نجتمع للتسلية تحت ظلها طوال النهار من دون سابق علم، فمن يبحث عن رفيق عمره يجده هنا بانتظاره».

أما الشاب "رامز محمود أحمد" الذي يقع منزله بالقرب من شجرة السلطان "عماد الدين"، فهي بالنسبة له التاريخ الجميل الذي يعاود قراءته كل صباح، ويضيف عن مواصفات الشجرة: «ترتفع شجرة السلطان "عماد الدين" نحو تسعة إلى عشرة أمتار. أما أغصانها وفروعها، فهي قوية ضخمة وممتدة على مساحة كبيرة، تظلل شرفة واسعة، ولها إطلالة مكشوفة على محيط واسع من الجبال والوديان، وهذه الشرفة قمت بمساعدة شباب القرية ضمن عمل جماعي ببنائها تحت فروعها، وزودناها بالمقاعد والطاولات الرخامية من إحدى جهاتها، وبمظلة من القرميد من الجهة الأخرى، مع المحافظة على خصوصية ورمزية المكان».

عبير سليم

الشابة "عبير عبد الكريم سليم" من أهالي وسكان قرية "كاف الجاع"، ترى أن السنديانة "العتيقة" كما تحب تسميتها بمنزلة دفتر ذكريات تسجل عليها أحداث حياتها اليومية، وأضافت: «نجتمع لقضاء معظم أوقات الفراغ، وأيام العطلة، لنستظل تحت شجرة السنديان العملاقة والمكشوفة على أروع الإطلالات التي تشاهدها العين، فتغنينا نحن الشباب عن قصد الاستراحات والمقاصف، لأنها استراحة طبيعية ومتنزه مجاني يقصده الجميع في المنطقة والمقيمين خارجها، فلطالما كانت شجرة السلطان "عماد الدين الحموي" مقصد الشباب والشابات الباحثين عن الهدوء للدراسة، وهناك الكثير من التسميات التي أطلقت على الشجرة العتيقة منهم من أسماها "غرفة ضيوف الضيعة"، وآخرون أسموها "أمنا الحنون"، فهي نجحت وعبر سنوات عمرها الطويلة بلمّ الشمل لكل أبناء القرية، ففي جميع مناسباتهم يمارسون طقوس حياتهم اليومية عندها».

من الجلسات الشعبية بجانب الشجرة