منذ كان الزعتر سيد المائدة الخاصة لدى الجدة "سعاد حنا"، شدّ الأطفال لتناوله عبر أحفادها في المدارس، والأهالي عبر ابنها في العمل، ففيه روح خاصة ومقادير احترافية تمرست عليها طوال عقودها الثمانية.

فكثيرون من أهالي وسكان "مشتى الحلو" التابعة لمدينة "صافيتا" روجوا لمادة الزعتر التي تصنعها "سعاد حنا" المعروفة بالخالة "أم مجدي"، حتى أنهم حملوها معهم إلى دول الاغتراب كتراث يفخرون به، حيث قال المحامي "وائل صباغ" من أهالي وسكان "المشتى" لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 20 كانون الثاني 2016: «تميز زعتر الخالة "أم مجدي" بنكهته التي خبرناها عبر سنوات كثيرة من خلال السندويش السريع الذي كنا نناله منها في مختلف المناسبات، فهو زعتر بلدي عادي لكن طريقة تحضيره ونكهته مختلفة تماماً يلاحظها كل متذوق له، وهذا الأمر جعلنا كأبناء "المشتى" نروّج له أينما حللنا داخل البلاد وخارجها، وانتقلت مادة الزعتر إلى مختلف دول العالم عبر مغتربي البلدة، وازداد الطلب عليه حتى أصبح بالنسبة لها عملاً تعتمده في الوقت الراهن، بعدما كان مجرد عمل روتيني منزلي تقوم به كمؤونة منزلية تكفي حاجتها فقط».

أعتقد أن السر في النكهة المميزة لمادة الزعتر هي محبة العمل والطريقة التراثية التقليدية المتبعة في صناعته، فهناك بعض سيدات "مشتى الحلو" اللواتي يقمن بتصنيعه كعمل وحرفة، لكنه ليس بمذاقه ونكهته، وإلا لكان منافساً لزعتر الخالة "أم مجدي"

ويتابع: «أعتقد أن السر في النكهة المميزة لمادة الزعتر هي محبة العمل والطريقة التراثية التقليدية المتبعة في صناعته، فهناك بعض سيدات "مشتى الحلو" اللواتي يقمن بتصنيعه كعمل وحرفة، لكنه ليس بمذاقه ونكهته، وإلا لكان منافساً لزعتر الخالة "أم مجدي"».

كميات الزعتر

وتحدثت الجدة "سعاد حنا" عن عملها الذي استثمرته متأخرة بالقول: «خلال عمل ولدي الوظيفي تذوق زملاؤه الزعتر المعدّ منزلياً بخبرتي، ومراراً وتكراراً طلب مني تسويق كميات منه لهم، لأنه وبحسب رأيهم لم يجدوا ألذّ منه طعماً، وهذا الأمر كان مشجعاً وحافزاً لأنتقل من صناعة الزعتر كمؤونة منزلية إلى عمل منتج في عقدي الثامن، حيث اعتبرت كل تلك العقود السابقة مجرد تراكم خبرات لأصل إلى المهارة في الصناعة التي شدّت العباد لشراء منتجي مهما كانت الكمية.

وفي كل موسم نحضر مئات الكيلوغرامات من الزعتر البلدي الذي أشرف عليه مباشرة، ولا أقبل المساعدة من العائلة إلا في حالات بسيطة، أو أن تمر مرحلة من دون أن أكون متابعة لها ومتذوقة لنكهتها، فالنكهة تحتاج خبرتي وشغفي للعمل، فمثلاً أبدأ عمليات التنقية من البقايا ومن ثم الطحن والدق بالجرن الحجري التراثي، ليصار إلى مزجها بعضها مع بعض وفق مقادير ومعايير لا يمكن تجاوزها، لتعطي النكهة المعتادة للزعتر الذي أصنعه».

الشاب هشام الحلو

وتتابع حديثها عن طريقة التحضير: «طريقة التحضير والخبرة التراكمية هما السر في العمل، حيث أضع المكونات الأساسية "الزعتر البري والسماق مع السمسم والحمص المدقوق"، وأتعامل معها وفقاً للطرائق التراثية التي أدركتها من والدتي، وذلك وفق مقادير معينة يكمن جوهر المذاق بدقتها، إضافة إلى أن شعور الاهتمام بالمنتج، ينعكس على مذاقه أيضاً، وهذا المنتج نال حقه بين الناس وروج له بطريقة تنافسية احتراماً لكونه من تراث "المشتى"، وأقول من التراث لأنه ينتج في الكثير من المنازل ومنها منازل تحترفه كعمل، وهذا كان تنافساً بالنسبة لي، ليبقى الزعتر الذي أصنعه الأكثر طلباً ورغبة من الناس».

ويعدّ الشاب "هشام الحلو" من أهالي "المشتى أن هذا المنتج بات علامة مسجلة في الداخل والخارج، وقال: «لكثرة الطلبات على مادة الزعتر الذي تنتجه الخالة "أم مجدي" بدأت إنتاجه بكميات كبيرة، وهذا لم ينعكس على جودته، وهو الأمر الذي زاد من اهتمام أبناء "المشتى" بهذا المنتج؛ ليكون علامة مسجلة للمدينة في مختلف دول الاغتراب، وكأنه سفيرنا فيها، كما أننا نحاول أن يكون حاضراً في مختلف مناسباتنا ومهرجاناتنا كما في "بازار عيد الميلاد" مثلاً الذي أقيم أواخر عام 2015، ترويجاً له كمنتج تراثي».

مع منتجاتها المنزلية