يعدّ موسم وفرة سمكة "البلميدا" من أفضل مواسم صناعة وجبة التون محلياً، بخبرة ربات المنازل في مدينة "بانياس"، وخاصة نساء الصيادين اللواتي اعتدن صناعتها كمؤونة شتوية سريعة التحضير وكاملة الفوائد.

فالأسباب كثيرة والفائدة متكاملة والمؤونة جاهزة، بحسب حديث الصياد "خالد خليل" لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 2 كانون الثاني 2016، حيث قال: «تمر مراحل الصيد بمواسم وفرة الأنواع المختلفة والمتعددة ومنها موسم وفرة سمكة "البلميدا"؛ أي إنها تظهر في مياهنا البحرية بكثافة، فتصطاد بكميات كبيرة، ومن هذه الوفرة تمكنت ربات منازلنا من توظيفها منذ زمن بعيد كطقس تراثي خاص بالبيئة البحرية، لما يحقق حاجة المنزل في مواسم القلة والندرة، أي إنها أصبحت مؤونة أساسية يعتمد عليها في فصل الشتاء حين تقل فترات الصيد بسبب الأحوال الجوية الصعبة، فكانت منها وجبة التون اللذيذة المحضرة محلياً وبأسعار أقل بكثير من تلك المعلبة والجاهزة المتداولة في الأسواق.

في موسم وفرة سمكة "البلميدا" أغلب الناس يعمدون إلى عملية تخزينها كوجبة تون، حيث إن مراحل تصنيعها كمؤونة لا تختلف كثيراً عن مراحل تصنيعها لتناولها المباشر، فبعد سلقها ووضعها بزيت الزيتون توضع في وعاء محكم الإغلاق وتوضع في الثلاجة للمدة التي نرغب بتناولها، ويجب رفعها من الثلاجة قبل نحو نصف ساعة وتعرض لبخار الماء ليذوب الثلج عنها وتبقى محافظة على كيانها، ليتابع تحضيرها وفق الخطوات السابقة

ففي موسم الوفرة تهبط أسعارها كثيراً، فيصبح بإمكان محبي وهواة صناعة التونة التخزين منها لفترات الشتاء وحتى الصيف، وهذا ما يدركه كل من يتعامل مع البحر والسمك بوجه أساسي، وخاصة زوجات الصيادين».

خالد خليل

مراحل صناعة التون محلياً متعددة وبسيطة، حيث تابع: «بعد عملية تنظيف سمكة "البلميدا" جيداً توضع في وعاء كبير نوعاً ما مع بصلة يابسة ليسحب منها ما يعرف (بزنخة) السمك، وتوضع على نار هادئة لسلقها بالماء، والفكرة من وضعها في الوعاء الكبير كي لا تتأثر نتيجة الغليان وحركة المياه فتتحول إلى قطع صغيرة، فيصبح مظهرها العام غير محبب، وبعد التأكد من نضجها ترفع من الماء وتفرد بطريقة جيدة لاستئصال الحسك منها بدقة، فيجب ألا تبقى فيها أي حسكة مهما كانت صغيرة، لأن من سيتناولها قد يكون طفلاً لا يدرك إخراجها من فمه حين تناولها، كما يزال الجلد عنها قدر الإمكان، لتبقى اللحمة البيضاء فقط مع المحافظة على شكل قطع اللحم بأحجام كبيرة نوعاً؛ وهو ما يضفي عليها جمالية تشد إلى تناولها.

وبعد الانتهاء من هذه المراحل تغمر لحمة السمك بزيت الزيتون بعد تصفيتها من بقايا مياه السلق، ويضاف إليها عصير الحامض والثوم والملح بحسب الرغبة لتكون جاهزة للتناول، ويضيف بعضهم إليها القليل من البقدونس الناعم لتظهر فرق اللون بين اللحمة البيضاء والبقدونس ذي اللون الأخضر، فيرغب الطفل بتناولها بشهية».

خلال مرحلة السلق

أما الصياد "عصام طه" فقال: «في موسم وفرة سمكة "البلميدا" أغلب الناس يعمدون إلى عملية تخزينها كوجبة تون، حيث إن مراحل تصنيعها كمؤونة لا تختلف كثيراً عن مراحل تصنيعها لتناولها المباشر، فبعد سلقها ووضعها بزيت الزيتون توضع في وعاء محكم الإغلاق وتوضع في الثلاجة للمدة التي نرغب بتناولها، ويجب رفعها من الثلاجة قبل نحو نصف ساعة وتعرض لبخار الماء ليذوب الثلج عنها وتبقى محافظة على كيانها، ليتابع تحضيرها وفق الخطوات السابقة».

إذن، هناك عدة عوامل كانت أساس عملية صناعة وجبة التون وتخزينها كمؤونة شتوية، وهنا قال تاجر السمك "رائد موسى": «في كثير من الأحيان كانت ربات المنازل يعمدن إلى تخزين السمك كوجبة تون لأوقات لا تتوافر فيها وجبات الطعام الجاهزة للتحضير، ناهيك عن سرعة التحضير والفائدة الكامنة في هذه الوجبة، إضافة إلى أنه في موسم وفرة سمكة "البلميدا" تكون الأسعار مناسبة لصناعة المؤونة منها، كما أنها مفيدة في فصل الشتاء لارتفاع نسبة العناصر الغذائية فيها ومذاقها الفريد.

عصام طه

وأذكر على صعيد منزلنا أنه لا يمكن أن يمر موسم "البلميدا" من دون أن تصنع والدتي مؤونتنا من وجبة التون، حتى إن هذه العادة أصبحت تقليداً تراثياً لدى نساء العائلة كما بقية عائلات المدينة، وخاصة منهم عائلات الصيادين التي أبدعت في طرائق التحضير والصناعة».