عرف مزراعو قرى "بانياس" متى يستخدمون التعشيب اليدوي للتخلص من الأعشاب التي تضر بمزروعاتهم، ومتى يلجؤون إلى الطرائق الآلية في تلك المهمة، فوفروا بذلك الكثير من الوقت والجهد.

كانت وسائل تنظيف الحقول الزراعية من النباتات البرية النامية طبيعياً بين المزروعات، بدائية جداً، أبدعتها الحاجة إليها، وتستهلك الوقت والجهد، يقول المعمر "إبراهيم سليمان" من قرية "وادي البركة" التابعة لناحية "العنازة" لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 20 حزيران 2015: «اعتمدنا حتى فترة قريبة جداً على العمل اليدوي لتنظيف الحقول المزروعة بالخضار من الأعشاب والحشائش النامية بعد هطول الأمطار، وخاصة في فصل الربيع، حيث كنا نعتمد على الجهد العضلي في البحث بين الخضار والحمص والعدس على تلك النباتات، لنقتلعها بيدينا واحدة تلو الأخرى حفاظاً على النباتات المزروعة، وهذا ما يتطلب فترات زمنية طويلة حتى إتمام العمل الذي كان واجباً مفروضاً علينا، كي لا تأخذ الأعشاب من الحصة الغذائية للخضار المزروعة، ومع أن تلك الأعشاب كانت قليلة، إلا أنه يجب البحث بين كل الخضار واحدة واحدة، وكنت حين أنهي العمل أشعر بـ"تعضيل" وإرهاق بكامل جسدي، نتيجة الجلوس الطويل بوضعية القرفصاء».

في عملية "القشيش" بين الأشجار المثمرة وحول محيط الحقول استخدمنا أداتين تراثيتين الأولى تسمى "القالوشة"، وهي أداة معدنية تشبه منجل الحصاد لكنها أصغر منه بقليل، والثانية تسمى "العافوشة" وهي عبارة عن غصن نباتي يقطع من أشجار السنديان أو الغار، ويكون مستقيم الشكل وفي نهايته تفرع طبيعي على شكل رقم سبعة، حيث تجمع النباتات بـ"العافوشة" الممسوكة باليد اليسرى، ثم تقطع بـ"القالوشة" الممسوكة باليد اليمنى

وعملية التعشيب هذه لم تستثنِ الحقول المزروعة بالأشجار المثمرة، إلا أن العملية هنا تطورت قليلاً نتيجة كثافة الأعشاب واختصرت بعض الوقت من دون الجهد العضلي، ويقول المزارع "إبراهيم ضوا" من قرية "خربة السناسل": «في عملية "القشيش" بين الأشجار المثمرة وحول محيط الحقول استخدمنا أداتين تراثيتين الأولى تسمى "القالوشة"، وهي أداة معدنية تشبه منجل الحصاد لكنها أصغر منه بقليل، والثانية تسمى "العافوشة" وهي عبارة عن غصن نباتي يقطع من أشجار السنديان أو الغار، ويكون مستقيم الشكل وفي نهايته تفرع طبيعي على شكل رقم سبعة، حيث تجمع النباتات بـ"العافوشة" الممسوكة باليد اليسرى، ثم تقطع بـ"القالوشة" الممسوكة باليد اليمنى».

إبراهيم ضوا وبيديه "القالوشة والعافوشة"

ولعملية التعشيب في الحقول المروية حكاية أخرى، تحدث عنها المعمر "قاسم قاسم" من قرية "حريصون"، ويقول: «التعشيب في حقولنا أمر مرعب، نتيجة النمو الكبير والسريع للنباتات البرية الضارة بالمزروعات، التي تستفيد من المياه الخاصة بالري لنموها، وهذا تطلب منا في كثير من الأحيان وضع عمال للقيام بالعمل، نتيجة المساحات الواسعة المزروعة، ويتم العمل على عدة مراحل تسمى جميعها بـ"الركش" الطبيعي، حيث نقوم بداية بحفر الحقول بين المزروعات كـ"الباذنجان، والخيار، والفليفلة، والكوسا"، وذلك بواسطة الفأس المعدني، وهو ما يعني قلب التربة ونبش جذور تلك النباتات، وتعريضها لأشعة الشمس، ومنعها وبذورها من التغذية حتى الموت، وهنا لا يمكننا استخدام "القشاشة" الآلية، حفاظاً على المزروعات».

لكن التطور واكب حياة المزارع والعامل، ووفر عليهما الوقت والجهد، ويقول "محمود سليمان" العامل في "بلدية طرطوس": «قبل استخدام "القشاشة" الآلية لجز العشب في الحدائق والمرافق العامة، كنا نستخدم "القاشوشة" و"العافوشة"، وهذا استهلك منا الكثير من الوقت والجهد، ولم نكن لننتهي من أصغر مساحة مطلوبة بأقل من عدة ساعات، لكن مع دخول "القشاشة" إلى الأسواق وإحضارها لنا للعمل بها، وفرنا الوقت والجهد، وهي عبارة عن آلة ميكانيكية ذات زند طويل له في نهايته الأولى مقبض لليدين لإتمام عملية التحكم بالمحرك الصغير، ومرابط تثبيت على الجسد، وفي نهايته الثانية المحرك الآلي، ولهذا المحرك عدة شفرات، لكل منها استخداماتها، فمثلاً الشفرات التي تشبه المنشار تستخدم لجز الشجيرات الصغيرة الضارة، والشفرات التي تشبه الأسلاك المعدنية تستخدم لقش النباتات والأعشاب البسيطة، إضافة إلى أن بعضهم كما في قريتي "بسورم" التابعة لمدينة "صافيتا" استخدموها في عملية الحصاد بطريقة ناجحة وجيدة، وذلك نتيجة الحاجة والتفكير بحلول عملية تسهل العمل».

التعشيب الآلي
إبراهيم سليمان والتعشيب اليدوي