حاول كثيرون الوصول إلى منبعها فلم يوفقوا، فتوقيت ظهورها يخضع لمزاجية الأمطار الهاطلة هنا، ولا يمكن التكهن بذلك في أي توقيت، خاصة أنها تختفي ربيعاً لتظهر في موسم الحصاد.

تنبع هذه العين من وسط جبل "البلوطية"، وهو جزء من سلسلة جبال "بانياس" الساحلية يرتفع حوالي 600 متر عن سطح البحر، متوسطة المسافة بين قريتي "كعبية فارش" و"البلوطية"، ويبقى نبعها دائم الجريان؛ إلا أنه يفيض في مواسم المطر الغزيرة كما كان الحال هذا العام، وهي تبشر بموسم معطاء في مختلف قطاعات الزراعة، ومنها هنا الزيتون قبل أي موسم.

نعتمد في سقاية المزروعات هنا على المياه الجوفية من الآبار المحفورة، وهي تشح في مواسم قلة المطر وبعضها يجف، ولكن ظهور العين علامة على أن المياه الجوفية قد ملأت جوف الأرض، نتشجع أكثر على الزراعة خاصة الصيفية منها كالبندورة القصبية والخيار والباذنجان، وغيرها

مدونة وطن "eSyria" زارت منطقة عين "الحصيدة" التي تصب مياهها الغزيرة في نهر "جوبر" بتاريخ 26 آذار 2015، وفي موسم هذا العام ظهرت العين بعد غياب ثلاث سنوات عن التدفق، السيدة "مريم إبراهيم" -68 عاماً- من أهالي قرية "بستان الحمام" المقابلة للشلال والعين -9كم عن "بانياس"- تحدثت لنا فقالت: «تعرف العين باسم نبع "الحصيدة" لأنها تظهر أحياناً في موسم الحصاد الذي يبدأ هنا في شهر حزيران عادة، ويستمر تدفقها أحياناً عدة أسابيع قبل أن تتوقف فجأة كما ظهرت، وقد تعاود الظهور بعد أن تختفي، أيام زمان حاول بعض الناس الوصول إلى نبعها فلم يتمكنوا من ذلك، وأغلب أوقات ظهورها بين شهري شباط وآذار ثم حزيران بعد مطرة الحصاد».

السيدة مريم إبراهيم

من المشاهدات الميدانية أن العين تتدفق بغزارة في مواسم المطر الغزيرة وتتوقف فجأة بعد عدة أسابيع، السيد "عهد اسمندر" رئيس مركز "طرطوس" للتنبؤ الجوي، وهو من أهالي قرية "بستان الحمام"، شرح لنا التفسير العلمي للأمر فقال: «عين "الحصيدة" ليس لها وقت محدد للظهور لأنها نبع سطحي، أي إن عمقها كنبع لا يتجاوز عشرات من السنتيمترات، وعندما يصل معدل الهطول إلى ما فوق 700مم تبدأ الينابيع السطحية الظهور، وفي السنوات المطيرة يبدأ ظهورها مع بداية فصل الربيع، وكلما كانت الغزارة مميزة يكون نشاط النبع مميزاً ومدة ظهوره أطول، الموضوع يتعلق بشدة الغزارة في وقت قصير فيكون تدفقها شديداً جداً».

تتدفق المياه من علو يتجاوز مئتين وخمسين متراً، وتصب بعد أن تتجاوز مرحلتين في مياه نهر "جوبر"، وتزيد الغزارة في الربيع بسبب ذوبان الثلوج وجريان المياه من أعالي الجبال إليها، يؤدي ذلك إلى فيضانها الغزير، ويساعد على ذلك وقوعها في قلب الجبل، حيث "يبدو أن مختلف تيارات المياه الجوفية تتجمع قرب هذه العين" كما يقول المتنبئ الجوي.

عين الحصيدة في أعلاها

مزارعو المنطقة يتفاءلون بظهورها، ويعدونها فأل خير لمواسم قادمة جيدة، يقول المزارع "حسن سليمان"، فظهورها علامة على اكتفاء الأرض لحاجتها من المياه، يضيف: «نعتمد في سقاية المزروعات هنا على المياه الجوفية من الآبار المحفورة، وهي تشح في مواسم قلة المطر وبعضها يجف، ولكن ظهور العين علامة على أن المياه الجوفية قد ملأت جوف الأرض، نتشجع أكثر على الزراعة خاصة الصيفية منها كالبندورة القصبية والخيار والباذنجان، وغيرها».

تصب العين في نهر "جوبر" أو ما يسمى هنا جغرافياً نهر "بانياس"، بغزارة تتجاوز 200م مكعب في الثانية، وهي تجرف في طريقها كل ما تجده أمامها من بقايا الأشجار وأوراقها، كما يمكنها أن تقتلع أحياناً بعض صغار الأشجار النابتة في مجراها في الأعوام التي لا تظهر فيها؛ فالمنطقة تضم غابات السنديان الجبلي القليل الارتفاع بكثافة.

لقاء العين مع نهر حوبر

يمكن الوصول إلى منطقة العين عبر طريق معبد بالانعطاف من مفرق "البقعة" قبل قرية "بستان الحمام" بحوالي 1كم، والاتجاه إلى نهر "جوبر" لمسافة 2كم تقريباً، أو الهبوط من جهة قرية "كعبية فارش" عن طريق "البلوطية" لمسافات متقاربة، علماً أن المنطقة تحتوي عدا العين العديد من المناطق السياحية، ومنها نبع طاحون "صالح" و"غانم"، والعديد من أماكن السباحة والمطاعم في فصل الصيف.