نظام عمارة تراثي مميز في قرية "عين القضيب"، فالحجارة من الحقول المستصلحة لملائمتها وطبيعة المناخ القاسي، استمر مع أبناء القرية مع تعديلات إنشائية تناسبت والحالة المكانية والمالية.

الأساس في بناء منازل قرية "عين قضيب" التابعة لبلدة "الطواحين" ناحية "القدموس"، القوة العضلية خلال العمل في حقول القرية الحراجية لاستصلاحها وجعلها زراعية منتجة، وهذا بحسب حديث السيد "نورس إبراهيم" مختار قرية "عين قضيب" لمدونة وطن eSyria بتاريخ 10 آب 2014، حيث قال: «تبدأ قصة بناء المنزل في قريتنا من العمل في الحقل الحراجي حتى يصبح حقل زراعياً، فالاعتماد على الأرض واستصلاحها أساس للحصول على الحجارة المناسبة للبناء، وهنا يكون لكل من يرغب بالبناء حرية انتقاء الحجارة التي تعجبه فالحقل الزراعي حقله والمنزل منزله، والبعض يحب الحجارة الكبيرة والبعض تعجبه الحجارة المتوسطة.

الكثير من أبناء وسكان القرية تابعوا في بناء منازلهم على ذات نهج بناء المنازل التراثية القديمة فيها، ولكن هذا تطلب منهم مساحات جغرافية واسعة، خاصة لمن لديه عدد جيد من الأبناء، لأن هذا النظام المعماري لا يمكن أن يكون غير أبنية أرضية، أي لا يمكن البناء فوقها طوابق إضافية، وهذا برأيي سلبية في هذ النظام المعماري، لذلك لم استخدمه في بناء منزلي الخاص رغم أني أدرك أهميته وفوائده في فصل الشتاء

وهذا أمر توارثه أبناء القرية منذ القدم واستمر حتى يومنا هذا كما بقية القرى الريفية، ولا يكمن تفرد نظام العمارة في القرية بنوعية نظام البناء، وإنما بإسلوب العمل وتطويره مع مرور الزمن حتى وصل إلى يومنا هذا، فأغلب المنازل التي كانت تبنى في منطقتنا كانت وفق نظام عمارة "الحجارة الغشيمة"، أي يبنى المنزل من جدارين متتاليين من الحجارة المشذبة ويبعدان عن بعضهما حوالي المتر، يملئ الفراغ بينهما بالحجارة الغشيمة أي غير المشذبة، أو كما توصف شعبياً بقايا الحجارة.

منزل قيد الإنشاء

أما الآن فتم تعديل طريقة البناء، وتناسبت مع الحالة المالية والمكانية لمالك المنزل، حيث بقيت الحقول حين استصلاحها مصدر هذه الحجارة، ولكن قبل العمل عليها يجب تشذيبها بطريقة فنية على أيدي بنائين مهرة، لتأخذ شكل مستطيل وليس مربع كما بقية القرى، وتكون الفوارق هنا بحجم الحجارة ونسب الأسمنت بين فراغاتها، إضافة إلى أن البعض ممن أحوالهم المالية جيدة بنوا جدران داخلية ملاصقة للجدران الحجرية، بنوها بالحجارة الاسمنتية ليبدو المنزل من الداخل وكأنه منزل حديث، والبعض يبنى كامل جدران المنزل الداخلية بالحجارة الأسمنتية والبعض لا، وهذا تعديل إنشائي مع المحافظة على الحالة التراثية القديمة».

السيد "رامي عمار" من أبناء وسكان القرية تحدث عن أهمية هذه المنازل وفق تجربة خاضها فيها على مدار سنوات حياته ضمن أسرته الاجتماعية، بالقول: «تكمن أهمية هذه المنازل من وجهة نظر أبناء القرية من وفرة تكلفتها المادية، حيث أن الحجارة من الطبيعة، إضافة إلى أن البعض يراها أكثر مقاومة للظروف والعوامل المناخية القاسية جداً في فصل الشتاء، فالقرية كموقع جغرافي تقع على الحدود الفاصلة بين محافظة "طرطوس" ومحافظة "حماة" وعلى ارتفاع حوالي 1108 متر عن سطح البحر، مما يعني شتاء قارس البرودة، ناهيك عن الثلوج الكثيفة التي تقطعنا عن بقية القرى المحيطة بنا لعدة أيام في السنة، إذاً المنازل مناسبة لأبناء القرية من مختلف النواحي، لذلك استمرت معهم مع تعديلات إنشائية تلافت بعض العثرات القديمة وتناسبت والتطور الحاصل في القرية».

وفي لقاء مع الدكتور "علي حمدان" من أبناء وسكان القرية قال: «الكثير من أبناء وسكان القرية تابعوا في بناء منازلهم على ذات نهج بناء المنازل التراثية القديمة فيها، ولكن هذا تطلب منهم مساحات جغرافية واسعة، خاصة لمن لديه عدد جيد من الأبناء، لأن هذا النظام المعماري لا يمكن أن يكون غير أبنية أرضية، أي لا يمكن البناء فوقها طوابق إضافية، وهذا برأيي سلبية في هذ النظام المعماري، لذلك لم استخدمه في بناء منزلي الخاص رغم أني أدرك أهميته وفوائده في فصل الشتاء».

الدكتور علي حمدان