أمنت لها صخور الساحل السوري الكلسية مأوى في شقوقها وكهوفها، ومن مزاع الفاكهة غذاء ساهم في استقرارها، وازدياد أعدادها.

من الجولات الاستكشافية العديدة لمدونة وطن "eSyria" في الجبال الساحلية تكونت فكرة وافية عن "خفافيش المغاور" التي تسكن هذه المناطق الجبلية بصخورها الكلسية كثيرة الشقوق والشروخ، ومزارع الفاكهة "لوزيات، تفاحيات، التين والعنب،..." التي تؤمن لها الاستقرار الغذائي، وعند الدخول إلى المغارات الشهيرة "جوعيت، بيت الوادي، البارد، كفر صنيف،..."، والكهوف الصغيرة والشقوق الصخرية الواسعة لاحظنا احتواءها بنسب متفاوتة على عدة أنواع من "خفافيش الفاكهة" باستثناء "الخفافيش مصاصة الدماء"، التي توجد بشكل أساسي في "أميركا الجنوبية"، ولإيضاح هذه الفكرة يتحدث الأستاذ "محمود علوش" مدرس متقاعد وصاحب مزرعة في قرية "كفر صنيف" خلال جولته مع مدونة وطن "eSyria" في مغارات "كفر صنيف" بتاريخ 10 أيار 2014: «تعج قرية "كفر صنيف" بأعداد كبيرة من الخفافيش، وذلك لكثرة المغارات والكهوف فيها، كذلك لوجود "وادي نهر الأبرش" المملوء بأنواع الغذاء "رمان، لوزيات، تفاحيات،.." وهي الغذاء الرئيسي للخفافيش، وفي جانب مزرعتي أشاهد هذه الطيور مع غروب الشمس، وأحياناً ندخل إلى الكهوف المجاورة حيث نشاهد الخفافيش معلقة في سقف المغارة سواء المواليد الجديدة أو البالغة، وأعدادها كبيرة بسبب وفرة الغذاء، وتسمى "خفافيش الفاكهة"، أما "مصاصة الدماء" فهي غير موجودة كما أعلم في منطقة البحر المتوسط وجباله، ولم يرد عن القدماء أي رواية تؤكد وجودها».

تكون بعض الخفافيش كبيرة الحجم كثيراً بما يشبه حجم الحمامة، وبعضها أصغر من الحمامة إلى النصف وأقل، وهي الطائر الوحيد في العالم الذي يعد من الثديات، ويشبه رأسه رأس الكلب، ومنها ما يكون رأسه مفلطح، وهي صفات الأنواع التي أمسكتها في شبكتي، ولها أرجل وأصابع، وبعضها –خاصة البالغة منها– تكون فروته سميكة وتغطي جميع الجسم، وتتصل الأرجل بالأيدي عبر جلد رقيق يشبه الطائرة الشراعية

منحتنا مشاهداتنا كثيراً من المعلومات عن حياة الخفافيش بالأخص تلك التي تعيش في التجاويف الصخرية، فهي تختار التجاويف الأكثر بعداً عن الشمس، وخاصة الضيقة منها التي تزدحم بأعداد كبيرة تتعلق بالسقف بأرجلها، كما تختار التجاويف الأفقية لوضع صغارها، أما التجاويف الكبيرة فهي تشكل مجالاً لهذه الطيور للتحرك وللصغار لتتدرب على الطيران، ويبدو أنها تلجأ إلى الكهوف المظلمة تماماً أكثر من تلك المفتوحة الجو الخارجي، لبعدها التام عن الضوء، رغم أن الأخيرة تحتوي بعض الخفافيش لكن بأعداد قليلة جداً، وبعضها يلجأ إلى شقوق الأشجار الضخمة وتجاويفها.

مساكن "الخفافيش" وتجمعاتها في سقوف المغارات

وبالنسبة لأشكالها فهي متشابهة إلى حد كبير، على اعتبار أن لها أنواعاً كثيرة جداً على مستوى العالم، وقد ظهرت الفوارق في أحجامها التي اختلفت بين "خفافيش الكهوف المائية والأخرى الجافة، حيث تضم الكهوف الجافة أشكالاً أكبر حجماً، ومن ناحية اللون فإن الكهوف قليلة العمق والمفتوحة على الجو الخارجي التي ترتفع فيها نسبة الإضاءة تعطي الخفافيش لوناً أسود مختلطاً ببعض الرمادي، وكذلك بالنسبة لخفافيش الأشجار، أما التي تعيش في تجاويف عميقة جداً فهي ذات لون أسود قاتم، وهذا التقييم على مستوى المنطقة الساحلية في حين نجد أن مناطق ألوان متنوعة في مناطق العالم الأخرى.

في حديث آخر يقول مربي الطيور "أحمد وسوف" الذي يعرف الخفافيش جيداً خلال إمساكه بها -خطأ- حين ينصب شباكه لصيد الطيور: «تكون بعض الخفافيش كبيرة الحجم كثيراً بما يشبه حجم الحمامة، وبعضها أصغر من الحمامة إلى النصف وأقل، وهي الطائر الوحيد في العالم الذي يعد من الثديات، ويشبه رأسه رأس الكلب، ومنها ما يكون رأسه مفلطح، وهي صفات الأنواع التي أمسكتها في شبكتي، ولها أرجل وأصابع، وبعضها –خاصة البالغة منها– تكون فروته سميكة وتغطي جميع الجسم، وتتصل الأرجل بالأيدي عبر جلد رقيق يشبه الطائرة الشراعية».

المواليد الجديدة في أعشاشها داخل المغارة

يؤكد الأستاذ "محمود علوش" أن الخفافيش تأكل جميع أنواع الفاكهة، لذلك تجد تحت الأشجار فاكهة مأكول قسم منها، وفي المغارات التي زرناها برفقته شاهدنا ثمار الدراق والخوخ التي اصطحبتها الخفافيش معها، بالتالي فإن كميات الغذاء الكبيرة التي تعطيها المواسم المتلاحقة في الجبال الساحلية تؤمن للخفاش الاستمرارية والاستقرار الغذائي، بالتالي ازدياد أعداده، ويقوم الصيادون في المناطق المجاورة لسكن الخفاش باصطياده من باب التسلية وبسبب أذيته لمزارع الفاكهة، وبالمقابل تؤدي هذه الخفافيش فائدة كبيرة عندما تأكل الكثير من الحشرات خلال فترة الغروب حين يبدأ نشاطها الليلي، كذلك يستخدم روثها لتسميد المزروعات، فيقوم بعض المزراعين بدخول المغارات حيث تسكن "خفافيش الفاكهة" لجمع بعض روثها لكونه سماداً عضوياً ذا فائدة كبيرة للأشجار والمزروعات.

كشافة الكهوف يثيرون الخفافيش بدخولهم أماكن سكنها