تمثل المكتبات في طرطوس حالة خاصة لمرتاديها من الطلاب والمتخرجين والمثقفين على حد سواء، إحدى أقدم المكتبات في حي الغمقة بدأت قبل ثلاثين عاماً تقدم القرطاسية وبعض الكتب التي تناسب طلاب المرحلة الابتدائية، ولكن مع مرور الأيام بدأت بتقديم الكتب والمراجع القيمة لمرتاديها الذين أصبحوا في المراحل الجامعية المتقدمة.

مدونة وطن "eSyria" التقى الأديب "علي ديبة" أثناء زيارته للمكتبة ومتابعة جديدها، حيث تحدث عن علاقته مع هذه المكتبة بالقول: «أعرف هذه المكتبة منذ سنوات وسنوات وأعتقد أن الغنى بتنوع كتبها هو ما أبقاها مستمرة حتى اليوم وسط هذا الزحام الإلكتروني المخيف».

أعرف هذه المكتبة منذ سنوات وسنوات وأعتقد أن الغنى بتنوع كتبها هو ما أبقاها مستمرة حتى اليوم وسط هذا الزحام الإلكتروني المخيف

وتابع: «هذه العناوين الغنية والكثيرة التي تملأ رفوف هذه المكتبة هي عناوين غاية في الأهمية يجب ألا تندثر لأنها قيمة حضارية لن يحققها الإنترنت مهما اجتاح عقولنا فالكتاب له متعة خاصة تماما كما مكتبة "الطلائع" التي زرناها ونحن في المدرسة وتابعنا في زيارتها حتى أصبحت مرتبطة بمخزوننا الثقافي الفكري إن لم تكن جزءا منه».

السيد عصام معلا

الشاب "إيهاب عسكور" طالب جامعي ومن مرتادي المكتبة بشكل دائم ذكر لنا بالقول: «لست من مدمني الانترنت كثيرا فشاشة الكمبيوتر تسبب الحساسية لعيني وغالبا ما أستعين بالمكتبة لإعداد حلقات البحث الخاصة بالمدرسة ولكني اليوم حضرت للمكتبة لشراء كتاب لوالدي كان قد طلبه مني فمكتبة "الطلائع" شيء أساسي في بيتنا وغالبا ما يحكي لنا والدي ذكرياته وأصدقائه مع الكتب في مكتبة الطلائع».

يذكر السيد "عصام معلا" صاحب المكتبة أن المكتبة افتتحت في الشهر /11/ من عام /1982/ في حي "الغمقة" بمدينة "طرطوس" واقتصر ما تقدمه على القرطاسية واللوازم المدرسية التي يحتاجها الطالب آنذاك بالإضافة للصحف والمجلات.

وتابع "معلا" بالقول: «احتكاكي بالطلاب ووقتي الطويل الذي أقضيه في المكتبة جعلاني وجها لوجه أمام الكتاب فكنت أطالع الكتب بالإضافة لقراءة المجلات والجرائد بشكل يومي ما دفعني لرفد المكتبة بالكتب التراثية والفلسفية والأدبية وأيضا الكتب العلمية وقصص الأطفال حيث كانت الكتب تلقى رواجا كبيرا في تلك الفترة وكان الناس مقبلين على القراءة والثقافة بنهم شديد على عكس اليوم.

كانت المكتبة في البداية مصدر الدخل الوحيد لأسرتي واستمرت كذلك حتى منتصف التسعينيات حيث خف الإقبال وتابع في التضاؤل مع بداية العام /2000/ حيث بدأ الناس باستخدام الإنترنت كوسيلة للقراءة والمطالعة ولكن مكتبتي "الطلائع" شهدت إقبالا شديدا في فترة ماضية ما جعلها تكتسب شهرة كبيرة في المحافظة خصوصا بين أوساط الأدباء الكثيرين في محافظة "طرطوس" ولعلهم السبب الأول في ضمان استمراريتها حتى اليوم».

وعن إقبال الناس على شراء الكتب في عصرنا الحاضر أضاف: «مع افتتاح الجامعة في "طرطوس" بدأت المكتبة تتألق من جديد حيث يأتي الطلاب لاستعارة الكتب وإعداد حلقات البحث ما جعلني أرفد المكتبة بالكتب المتنوعة بشكل دوري إضافة إلى مواظبة الأدباء في المدينة على زيارة المكتبة وأخذ ما يهمهم من الكتب».

وختم حديثه فقال: «المكتبة اليوم لا تعنيني لمجرد أنها تؤمن دخلاً مادياً بل هي قيمة حضارية ومشروع حياتي الذي يجمع بين العمل والثقافة التي أحبها لذلك أنا مصر على إكمال ما بدأته حتى تنتهي حياتي وبعدها فليستثمر أولادي هذا المحل كما يريدون المهم عندي أن أتابع مسيرتي وقضيتي في إعلاء شأن الكتاب قبل أن يصبح مجرد تراث قديم أمام المطبوعات الإلكترونية الحديثة».