كاتبةٌ تنتمي إلى جيل الشباب، تميّزت كتاباتها بالجدية والمسؤولية فيما تطرحه من موضوعات إنسانية ومجتمعية، فاتسمت تجربتها بالوعي والنضج، جعلها ذلك من أهم المنافسين في الساحة الأدبية بمجال القصة.

مدوّنةُ وطن "eSyria" التقت بتاريخ 26 كانون الثاني 2020 الكاتبة "هبة زهرة"، لتتحدث عن نشأتها وبداياتها في عالم الكتابة والأدب حيث قالت: «الأسرة هي الخلية الأولى في تنشئة الطفل، والمصدر الأول لتوجيه اهتمامه في مجال ما، سواء بالقدوة أو بتوفير ما يثير اهتمامه، ورعاية ميوله خطوة بخطوة، وتشجيعه حتى ينجح، ودعمه في حال فشلت إحدى محاولاته، لإعادة تنظيم مهاراته حتى الوصول إلى النجاح، وأنا نشأت في أسرة مثقفة تهوى الأدب، حيث شجعتني ووفرت لي من القصص ما يحتاجه الطفل لينطلق خياله، وفي الحقيقة كان لأسرتي دورٌ بارزٌ في توجيه اهتماماتي منذ الصغر نحو المطالعة، إلى جانب حفظ الكثير من الشعر، فقد دربتني أمي على الخطابة، وكانت تشركني في الاحتفالات والمناسبات الوطنية، وفيها حفظت الكثير من الشعر، وكنت حينها في المرحلة الابتدائية، وفي المرحلتين الإعدادية والثانوية تابعت مطالعاتي وتثقيف نفسي، حينئذٍ كانت منظمة "شبيبة الثورة" في أوج نشاطها، ومن ضمن أنشطتها إقامة المسابقات الأدبية في مجالاتها المختلفة، وكنت من المهتمين والمشاركين الدائمين، خاصةً في الثانوية، هذه المرحلة التي تعتبر بداية دخولي الفعلي إلى عالم الكتابة، وحتى خلال مرحلة دراستي الجامعية لم أنقطع يوماً عن متابعة القراءة والمطالعة».

تنتمي الأديبة "هبة زهرة" إلى جيل الأدباء الشباب الذين تتسم تجربتهم الأدبية كما نظرتهم للحياة بالواقعية وبالحس الوجداني العالي، وبروح الجدية والمسؤولية أمام الحرف والأداء التعبيري، هذا الأداء الذي انعكس في قصصها رشيقاً متماسكاً متين الصياغة، أما من حيث المضمون فقد انفردت معالجاتها للموضوعات الاجتماعية والإنسانية بالعمق والشمولية، وبالإلحاح على الفكرة دون أن يقود ذلك إلى شلل الحدث، أو بطء تناميه، مع العناية الشديدة بالحفاظ على أساسيات فن القصة العربية، وأخذها بعين الاعتبار. وفي تجربتها يتجلى النضج الفني والصياغي الأدبي في أفضل صوره، لتغدو هذه القاصة الشابة قامةً تنافس شيوخ القصة القصيرة في الكتابة، وفي التعبير عن هموم عصرها، ورؤيتها للحياة بروح مغايرة، وبهوية جديدة تحمل توقيعاً لا يشبه تواقيع وبصمات أبناء جيلها

وعن دور محيطها والبيئة التي نشأت بها في صقل موهبتها الأدبية، وبمن تأثرت من الأدباء والكتاب، قالت: «بيئة الإنسان التي تحتويه سواء الأسرة أو المدرسة أو حتى المجتمع تلعب دوراً هاماً في رسم الوعي، وفي تنمية الشعور، أيضاً في صقل الموهبة، وتنمية روح المنافسة والتحدي، وعندما يصل الفرد إلى مرحلة الوعي بموهبته يسعى جاهداً لتغذية وإشباع روحه بها، ومنذ أن أدركت شغفي في المطالعة، بدأت رحلة إشباع الحاجة من خلال قراءة كل ما يقع بين يدي من كتب؛ إما في المنزل أو من مكتبة المدرسة، وتأثري هذا كثيراً ما كان يبدو واضحاً فيما أكتبه من مواضيع التعبير الإنشائي، ولقد قرأت للعديد من الأدباء والكتّاب، والبداية مع الكاتب العظيم "جبران خليل جبران"، وقد ظهر تأثري بأسلوبه، فربما شدتني الرمزية في هذا الأسلوب الرائع، وأيضاً مطالعاتي كانت مطعمةً بالشعر، فقرأت "نزار قباني"، "سليمان العيسى"، "بدر شاكر السياب"، "المتنبي"، و"بدوي الجبل، إضافة إلى مؤلفات أدباء عدة منهم "نهلة السوسو"، "كوليت خوري"، "أنيسة عبود"، "أحلام مستغانمي"، "نجيب محفوظ"، وغيرهم، ولم أوفر المجلات والصحف بمواضيعها الثقافية الغنية».

من تكريمات الكاتبة "هبة"

وفي حديثها عن الأجناس الأدبية التي كتبت بها، وأيها تعتبره الأقرب إليها، وعن مشاركاتها أضافت: «القصة جنس أدبي لطيف بآفاق مفتوحة، نستطيع أن نسكب فيه جرعةً مركزةً من الشعور، ونستطيع أن نصور حالةً معينةً، وأن نوصل رسالةً ما نسربها بين السطور من خلال شخصياتها، وهي جنس أدبي لا يحتاج الوقت الكثير للإنجاز، لذلك كانت الأقرب إليّ، ولقد كتبت أجناساً أخرى كالخاطرة والمسرحية وقصص الأطفال، جميعها كانت موجهة لكافة شرائح المجتمع على اختلافها. أما مشاركاتي فقد كانت بداياتها لدى منظمة "شبيبة الثورة" في مجال الخاطرة. كما شاركت بوزارة التربية في مسابقة لكتابة النص المسرحي، ونلت شهادة تقدير، ثم شاركت لدى اتحاد الكتاب العرب في "طرطوس" العامين الماضي والحالي بجنس القصة القصيرة، حيث نلت المركز الثالث للعام 2019 عن قصة "هيتروكروميا الياسمين"، والمركز الأول عام 2020 عن قصة "نخيل الانتظار"، ولدي مشاركة لدى وزارة الثقافة مؤخراً في قصص الطفولة المبكرة وكان لي المركز الثاني عن مجموعتي القصصية التي حملت عنوان "يوم لا ينسى"، فمشاركتي في مسابقة قصص الأطفال كانت رغبةً مني في تكريمهم، كنت أهديهم القصص في نجاحاتهم سابقاً، وهذه المرة سأهديهم قصصاً كتبتها بنفسي.

التكريم بالنسبة لأيّ كاتب أو مبدع هو دليل على أنّ نتاجه قد لاقى الاستحسان، وأنّ رسالته وصلت، كما تزيده ثقةً بنفسه، ويعتبر حافزه للعطاء والإبداع، كما أنه يضعه موضع المسؤولية تجاه ما يقدمه لاحقاً».

وعنها تقول الكاتبة والأديبة "ميرفت علي": «تنتمي الأديبة "هبة زهرة" إلى جيل الأدباء الشباب الذين تتسم تجربتهم الأدبية كما نظرتهم للحياة بالواقعية وبالحس الوجداني العالي، وبروح الجدية والمسؤولية أمام الحرف والأداء التعبيري، هذا الأداء الذي انعكس في قصصها رشيقاً متماسكاً متين الصياغة، أما من حيث المضمون فقد انفردت معالجاتها للموضوعات الاجتماعية والإنسانية بالعمق والشمولية، وبالإلحاح على الفكرة دون أن يقود ذلك إلى شلل الحدث، أو بطء تناميه، مع العناية الشديدة بالحفاظ على أساسيات فن القصة العربية، وأخذها بعين الاعتبار. وفي تجربتها يتجلى النضج الفني والصياغي الأدبي في أفضل صوره، لتغدو هذه القاصة الشابة قامةً تنافس شيوخ القصة القصيرة في الكتابة، وفي التعبير عن هموم عصرها، ورؤيتها للحياة بروح مغايرة، وبهوية جديدة تحمل توقيعاً لا يشبه تواقيع وبصمات أبناء جيلها».

يذكر أنّ الكاتبة "هبة زهرة" من مواليد قرية "درتي" في ريف "طرطوس" عام 1987، تخرجت في كلية التربية معلم صف جامعة "تشرين" عام 2009، وتعمل حالياً معلمة.