قدّم الشاعر "عمر حيدر" مجموعتين شعريتين تناول فيهما الشعر الحرّ، واتجه بعدهما إلى السرد التعبيري، فقدّم صوراً مكثفة وإيحاءات نابعة من المحبة للأنثى دون المرأة، ساعياً لردم الهوة بين الأجناس الأدبية.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 14 آب 2017، الشاعر "عمر فهد حيدر" الذي أكد أن بداياته مع الأدب كانت منذ الصغر بتشجيع من معلميه في المدرسة، حيث كانوا يستغلون أوقات الفراغ في كل حصة درسية للاستماع إلى جديده؛ وهذا حفّزه لتقديم المزيد وبلورة مخزونه الفكري بالقراءة المكثفة على نحو كتابين كل شهر، وتابع: «في عام 1985، أصدرت أولى مجموعاتي الشعرية، وكانت بعنوان: "قصائد فاشلة"، وفي عام 1996، أصدت المجموعة الثانية، وهي بعنوان: "قيثارة الحلم"، وهي منسوجة بطريقة الشعر الحر "النثري"، ومع تطور الأدوات توجهت كتاباتي نحو ما يسمى قصيدة السرد التعبيري، وهو جنس أدبي جديد يمزج بين الحكاية الشعرية والسرد القصصي، وتطغى عليه الشعرية الغنائية.

مرحلة الكتابة بالنسبة لي في النص الأدبي لا بد لها من مخاض ولادة، قد تكون هذه الولادة بسيطة، أو عصيبة، بحسب طبيعة الفكرة التي تولد في مخيلتي، وكم تحتاج إلى استكمالها ونضجها مسبقاً

حكايتي مع الأدب بوجه عام كانت من خلال إقامتي في مدينة "اللاذقية" بحكم عمل والدي، وتعلمي في مدرسة "المثنى بن حارث" ومدرسة "رفيق سكاف" اللتين أثرتا في تفكيري من ناحية الطبيعة الاجتماعية فيهما، وضمن حيي الذي أقيم فيه "الرمل الشمالي" أيضاً، ونتيجة تشجيع المعلم "منير صبح سعيد" والمعلم "علي الخير"؛ انطلقت بالكتابة الأدبية، وبمتابعة مستمرة منهما لكل جديد، وتطورت مهاراتي».

الشاعرة سميا صالح

بعد تطور الأدوات الكتابية لدى الشاعر بدأ يقدم أعماله الأدبية مباشرة من دون مسودة ورقية، وما أغناه بهذا الأسلوب عمله في المجال الصحفي وكتابته في عدة مجلات وإذاعات، ويضيف: «مرحلة الكتابة بالنسبة لي في النص الأدبي لا بد لها من مخاض ولادة، قد تكون هذه الولادة بسيطة، أو عصيبة، بحسب طبيعة الفكرة التي تولد في مخيلتي، وكم تحتاج إلى استكمالها ونضجها مسبقاً».

للأنثى شجون في حياته الأدبية، وهنا قال: «ليس لدي أي ارتباط بالمرأة، وإنما الأنثى بوجه عام، وقد كتب الأديب "يوسف المحمود" حين أصدرت مجموعتي "قصائد فاشلة" (إلى من يهمه الأمر بعنوان "قصائد فاشلة"، وهذا العنوان ليس من عندي، وإنما هو لصاحب الديوان، وصاحب الديوان أدرى بما فيه، وفي هذا الزمان لا يوجد من يقول زيتي عكر، لكن "عمر حيدر" يعلن عكر زيته غير آبه بما يقال عنه، وإن التجربة التي مرّ بها تخلق مئة مبدع، حيث إنه في قصائد الحب لم يكتب سوى قصيدة واحدة، وكأنه ليس للمرأة وجود في حياته)، وهذا خير دليل بالنسبة لي عن عدم تشخيص المرأة في أغلب أعمالي، وإنما قد تكون الأنثى في الوطن الذي شغلني كثيراً همه».

الشاعر عمر فهد حيدر

دوماً يكون المنتج الأدبي الأول كالطفل الأول؛ وهو ما ينعكس على طبيعته الاجتماعية وتكوينه العام، وهذا كان أيضاً بالنسبة للشاعر في مجموعته الشعرية الأولى، لذلك طور أدواته ومهارته، واستفاد من مخزونه الفكري لتحسين نسله الفكري في المخاض الثاني، وتابع: «منتجي الأول كان في ريعان الشباب، والثاني كان في لحظات أنضج من مختلف النواحي، وهذا يدفعني إلى الاعتزاز به أكثر من غيره، مع وجود قصائد بعينها في منتجي الأول أعتز بها كثيراً، علماً أنني حين أكتب القصيدة لا أضع بنوداً لأسير عليها، وإنما أنتجها على السليقة بعد مخاض أفكار عسير يؤسس له السرد المطول، وأنا في المرحلة الحالية كتبت روايتين جاهزتين للطباعة، وكذلك بصدد تحضير مجموعة شعرية بعنوان: "سرديات"، وستكون مطبوعة جاهزة مع بداية العام القادم».

السرد التعبيري هو ما بعد الشعر، وقلة من يُقدمون على كتابته، ومن أهم خصائصه كثرة الصور الشعرية والإيحاءات، وله سحره الخاص، وكأن له روحاً تجوب بين مفرداته، وهنا قدم الشاعر مفردات بسيطة بتكثيف معين لإيصال الصورة الشعرية، وأوضح ذلك بالقول: «كل أدب لا يحوي الدهشة والفكرة والهدف لا يمكن اعتباره إبداعاً، وعليه أكون في أجواء خاصة حين انتقاء الكلمات والمفردات، وكل هذا ببساطة وشفافية لأنني ميال إلى الواقعية، فاهتمامي بالمتلقي العادي أكثر من غيره، لأن رسالتي من الأدب المحبة تجاه الوطن، ضمن نصوص معينة تحاكي همي».

قصائد فاشلة من أعماله الأدبية

وفي لقاء مع الشاعرة "سميا صالح" المتابعة لأعمال الشاعر "عمر"، قالت: «هو شاعر حداثوي يسعى إلى ردم الهوة بين الأجناس الأدبية من خلال السرد التعبيري الذي أبدع في رسم ملامحه من خلال ما يقدمه وينشره، وحسب رأيه إن السرد هو ما بعد الشعر، وأظن أنني أوافقه الرأي».

أما الشاعر "علي سعادة"، فقال: «الشاعر "عمر" برأيي عصي على التدجين والتهجين، نصوصه تشبهه كثيراً، فهي عفوية وصريحة وطيبة ومتمردة حيناً، ومستكينة حيناً آخر، ومتنوعة ما بين الغزل والتصوف والغضب، فهو لا يهتم بالشكل كاهتمامه بالمضمون، ولا يتعصب لجنس شعري واحد، وتقوله قصيدته قبل أن يقولها».

يشار إلى أن "عمر فهد حيدر" من مواليد عام 1962 في قرية "نحل العنازة" في الريف البعيد لمدينة "بانياس".