كاتبة شغفت بتقديم صورها النثرية ضمن نصوص أنثوية وظّفت فيها ما يحيط بها بفرادة وجمال معتمدة على ثقافتها الإنسانية؛ إنها الشاعرة "نور نصرة".

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 16 تموز 2017، الكاتبة "نور نصرة" لتحدثنا بداية عن بيئتها الاجتماعية ودورها فيما تقدمه من أدب، فقالت: «أتقنت إمساك القلم جيداً في عمر مبكر، وكأن ذلك تحريض على الكتابة، لكنني لم أدخل عالم الكتابة فعلياً إلا منذ ثلاثة أعوام، عندما نشرت أول نص لي في الصحافة العربية، وشعرت بأن شيئاً تغيّر في داخلي، وشخصياً أرى كلمة "الأدب" كبيرة جداً، لهذا أميل إلى مصطلح عالم الكتابة، لأنني أكتب ما يفيض من داخلي فقط، وهنا أضيف أن عائلتي تعاملت مع الأمر بطريقة طبيعية لكون الكتابة موجودة وحاضرة في أجوائنا، لهذا لم يكن أمامي ما يعيق أفكاري أو ما يشعرني بالقلق».

أنا بصدد انتقاء وتدقيق بعض النصوص لترى النور، لكن لا أدري بالتحديد متى يحين هذا الموعد، فقد زرت مؤخراً إحدى دور النشر في "دمشق"، وأنا بصدد التحضير لمولودي الشعري

وتتابع: «ما زلت أتعلّم كيف أهوى الأدب بأسلوب صحيح يوصلني إلى ما أطمح به، ولدي مشروع في الكتابة بدأته في الشعر ولن ينتهي بالرواية، لكن المهم هو النص الناضج الذي أطمح إليه، وهذا النضج الذي ستتوضح معالمه عندما أمتلك أدوات الكاتب الحقيقية في عالم الأدب، يبدأ بالمثابرة على القراءة، ولا ينتهي بالجرأة في طرح الأفكار الجديدة ضمن النصوص».

من أعمالها الأدبية

وعن الجنس الأدبي الذي يحرّك فيها المشاعر، قالت: «لا يوجد جنس محدد، فعلى الكاتب أن يقرأ كل شيء، وأنا أهوى الرواية والقصص بوجه خاص، لكن قلمي خطّ الشعر أولاً، وقد يكون للأمر علاقة بالصبر على الكتابة، لأن القصيدة لا تحتاج إلى زمن طويل، بيد أن الرواية تحتاج إلى الهدوء الخارجي والداخلي؛ وهذا ما لا أملكه الآن».

وفيما يخص مرحلة مخاض الكلمات وولادتها، قالت: «لحظة غيبوبة ولا وعي، منفصلة عن إدراكي تماماً، حتى إنني أشعر بالغرابة والكره حيالها، في تلك اللحظة أغيب لوهلة عن كل ما يحيط بي، وأحياناً يهرب مني ذلك الإحساس الذي أوشكت أن أمسك به».

الكاتبة نور طلال نصرة

وتضيف: «أنا بصدد انتقاء وتدقيق بعض النصوص لترى النور، لكن لا أدري بالتحديد متى يحين هذا الموعد، فقد زرت مؤخراً إحدى دور النشر في "دمشق"، وأنا بصدد التحضير لمولودي الشعري».

هناك من يقول إن هناك أدباً يسمى الأدب الشاب، وللكاتبة "نور" رأي في ذلك قالت فيه: «لا أميل إلى هذه التسميات، ثمة أدب مبدع أو لا أدب، وهناك مرحلة بداية لكل كاتب أو شاعر، لكن هذه المرحلة لا تكون مرحلة إن لم تتسم بالإبداع الذي سيكون ركيزة لمرحلة النضج فيما بعد، إنها مرحلة الشباب، وليست أدب الشباب، وفيما يخص الإلهام، فإن اللحظة هي إلهامي، فعندما تتآلف أحاسيس معينة في بيئة محرّضة تحملني على الكتابة، فما كتبته من نصوص شعرية حتى الآن يملؤني حياة، لكن هذا لا يعني أنني لامست كل ما بداخلي، فهناك لحظة معينة لم أصل إليها بعد».

الكاتبة أريج حسن

ومن وجهة نظر "نور" إن لم يجد القارئ في أي نص ما يشدّه أو يجذبه، فلن يكمل قراءته، وبهذا سيسقط النص حكماً، وتقول: «في نهاية الأمر إن لم يقدّم هذا النص للقارئ متعة أو فائدة، فلن يؤدي دوره، ولن يخط مكانه في ذهنية المتلقي، أيضاً عندما يمتلئ النص بحشو الجمل لمجرد ملء السطور؛ فهذا يعني سقوط الكاتب حتماً، وفي الحقيقة هناك من يسارع لالتقاط العثرات بدل الدعم، وشخصياً دعمني أصدقاء كثر، ووجهني العديد من الشعراء إلى الطريق الصحيح، فكان ذلك بمنزلة بوصلة حقيقية أرشدتني إلى القيام بما يلزم، إن كان بتدقيق النصوص أو بتصحيح بعض الأخطاء وإرسال الكتب لملء ما ينقصني في لغتي الشعرية».

وفيما يخص الحرية الشعرية، قالت: «الحرية أن أكتب كل ما أريد في الوقت الذي أريده، فمهمة الكاتب طرح أفكاره بجرأة، وقيادة القارئ إلى مساحة ضوئية تجعله يؤدي دوره الريادي في بناء المجتمع، هذا الأمر يستعصي على الكثيرين بفعل الانقسام العمودي في الشارع العربي».

لم تنسَ "نور" أكاديميتها في الترجمة، وقدمت ما راقتها فيها، وهنا قالت: «علاقة نصي الشعري بالترجمة علاقة تآلفية ووديّة على الرغم من انتقاد بعض الأصدقاء لي بأن نصوصي الشعرية باتت تتشرب مفردات الترجمة، لا أرى في الأمر انتقاصاً من نصوصي على الإطلاق، بل على العكس أحاول دوماً استثمار الترجمة لمصلحتي، كي تكون إضافة جيدة إلى مشروعي في الكتابة».

في لقاء مع الشاعر "عاطف الخالدي" المطلع على شعرها قال: «"نور" شاعرة من الجيل الجديد، تتميز تجربتها الشعرية حتى اللحظة بقدرتها على اجتراح صورها الشعرية الخاصة، وتعاملها مع العالم والطبيعة والأحداث من حولها كأنها مسودة، وتبرع بقدرتها على توظيفها بفرادة وجمال خاصين، فتقدم ما هو مختلف وحديث على مستوى قصيدة النثر محلياً وعربياً، وشخصياً أتوقع أن تتطور بمرور الزمن، وتقدم للقارئ العربي الجديد من الجمال، معتمدة على ثقافتها التي تعدّ المشاعر الإنسانية مركزاً لهذا الكون».

الكاتبة "أريج حسن" قالت: «هي كاتبة ابنة بيئات متعددة، ونصوصها تشبهها بكامل الأنثوية والرقة، وهي مساحات لفيض وجداني يتراوح ما بين الانسيابية والتركيبية، يظهر ذلك في الصور الشعرية والتراكيب اللغوية التي تتواشح فيما بينها لتكون عالماً موازياً لعوالم أخرى قد تكون واقعية، أو ربما حالات تفكير مستمر تتمظهر عبر اللغة، فنلحقها إلى ذواتنا لنقرأ فينا عندما يغيب عنا المعقول».

ومن عناوين قصائدها "شرود" و "محض لعنة" و "لا جدوى من الهروب" و "الثاني من يناير".

وجاء في قصيدة "محض لعنة":

ينمو الحزن سريعاً تحت جلودنا

كأن هذي البلاد تمزقت

وتشربت وقودا في تراب التكوين

وكأن قيعانها براكين جماجم صدئة

محض لعنة تلك الحروب التي تعيش معنا

ومحض مخيلة تلك التي أطردها

كل يوم من أمامي حتى تكل يداي

يشار إلى أن الكاتبة "نور نصرة" من مواليد "دمشق" عام 1987، ومقيمة في "طرطوس".