لطالما كان الشعر بالنسبة إليها مزيجاً بين الإحساس والصورة، لقصائدها طابع أنثوي، وهي دائمة التدفق بالشعور، تنتقي مفرداتها بعناية فائقة، فالكلمة بالنسبة إليها سلاحها في مواجهة الواقع بكل ما فيه.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 25 أيار 2017، الشاعرة "رانيا ريشة" لتحدثنا عن بداياتها في عالم الشعر، حيث قالت: «ولدت ونشأت في العاصمة "دمشق"، هذه المدينة الموغلة بالسحر والعابقة بالجمال، وفي مرحلة مبكرة كانت هوايتي المفضلة تذوق الشعر وحفظه وإلقاءه، وأستطيع القول إن هذه الهواية كانت نقطة البداية لدخولي في هذا العالم، وقد تأثرت بالعديد من الأدباء والشعراء؛ وأذكر أنني قرأت الكثير الكثير للشاعر الرقيق والجميل "نزار قباني" فكانت قصائده رفيقة لي، وأيضاً الشاعر العظيم "محمود درويش"، أما الكاتب الذي لطالما أذهلني كل ما كتبه، فهو "جبران خليل جبران"، مثل: "الأرواح المتمردة"، و"النبي"، وغيرهما، إضافة إلى كتّاب آخرين كـ"حنا مينا" الذي قرأت له أغلب مؤلفاته، وفي مراحل لاحقة بدأت الكتابة بالقصيدة النثرية ثم الشعر العمودي والتفعيلة، لكنني مازلت أميل إلى النثر أكثر، بل أجد نفسي به لكونه يفتح الأفق أمام الخيال، والشعر بحر واسع لمن أراد الخوض به، وهو بالنسبة لي مزيج من الإحساس والصورة الشعرية».

أنا على قناعة تامة بأن الشعر أو القصة أو أي نوع أدبي يكون مؤثراً في الحياة الاجتماعية عندما يحاكي الواقع وتكون مواضيعه متعلقة بالحياة الاجتماعية اليومية التي تلامس الناس، فالكلمة كانت ومازالت السلاح الفعال لمواجهة الجهل والتخلف، ونحن حالياً في "سورية" بأمسّ الحاجة إلى تجسيد الواقع بحروفنا، وهذا ما حرصت عليه على الدوام في قصائدي

وفيما يخص نشاطاتها ومشاركاتها، قالت: «كانت لي الكثير من المشاركات في عدد من المراكز الثقافية في كافة أرجاء محافظة "طرطوس" فمن "صافيتا" إلى "الدريكيش" و"الصفصافة" و"بانياس"؛ وفيها جميعها تغنيت بالوطن والشهيد والحب وغيرها من المواضيع التي أحرص دائماً أن تلامس قلب ووجدان أي إنسان، وفي الوقت الحالي أحضّر لإصدار ديواني قريباً، وهو بعنوان: "عتبات الروح". صحيح أن الكتاب الورقي قلّ تداوله عند الناس خاصة مع استخدامهم لـ"الفيسبوك" ومختلف وسائل التواصل الاجتماعي، لكن هنا تبرز مهمة ودور الأديب والشاعر بشد اهتمام القارئ وتحفيزه لإعادته إلى القراءة واقتناء الكتاب».

الشاعرة رانيا

وتضيف الشاعرة "ريشة": «أنا على قناعة تامة بأن الشعر أو القصة أو أي نوع أدبي يكون مؤثراً في الحياة الاجتماعية عندما يحاكي الواقع وتكون مواضيعه متعلقة بالحياة الاجتماعية اليومية التي تلامس الناس، فالكلمة كانت ومازالت السلاح الفعال لمواجهة الجهل والتخلف، ونحن حالياً في "سورية" بأمسّ الحاجة إلى تجسيد الواقع بحروفنا، وهذا ما حرصت عليه على الدوام في قصائدي».

وفي لقاء مع الشاعرة "سعاد محمد" ابنة محافظة "طرطوس"، قالت في معرض حديثنا عن الشاعرة "رانيا": «الشعر لا يعني اختيار ألفاظ غير معهودة، ورصفاً للصورة المبهرة، أو حشو السطور بمفردات ضئيلة فحسب، إنما هو إحساس؛ وهذا هو الركن الأهم ليستقيم بنيان القصيدة، والشاعر الحق يلبس منظار الجمال ويرى مواقف الحياة كما لا يراها الإنسان العادي، لكن بمكبّر الروح؛ فهو المتطرف والمتذوق للحياة بكل جرعاتها، وشاعرتنا اليوم تمتلك هذا الحسّ؛ وهو ما يجعلنا مطمئنين ومحبين لملكة الشعر عندها، لديها رهافة لافتة تجدها في كل قصيدة تقرؤها لها، وتختلف مستويات قصائدها بين الجيد -وأخص بذلك قصائدها القديمة- وبين الجميل اللافت، خاصة القصائد الحديثة منها».

من إحدى مشاركاتها

وتضيف: «عندها تطور دائم وواضح للصورة واستخداماتها الناجحة في الارتقاء بمستوى القصيدة، فنلاحظ أن قصائدها أنثوية بامتياز، دائمة التدفق بالشعور الذي يسحبنا معه إلى روحها الصاخبة، فالروح الصاخبة لديها كروم لا تنضب من الشعر، ومفرداتها لا تشيخ، ولمن لا يعرفها عن قرب، هي إنسانة بكل شمولية الكلمة، وروحها نامية تسطع في كل مواقفها مع المقربين والعامة أيضاً، معلمة ناجحة، وأمّ مثالية؛ وهذا بالتأكيد يضيف إلى رصيدها كشاعرة امتيازات أخرى».

أما مدرّسة اللغة العربية والباحثة في قواعدها وعلومها "راغدة شفيق محمود"، فتقول: «بالتأكيد هي شاعرة حالمة تغزل من حروف اللغة سبائك من الكلمات المنسابة في حدائق الشعر، عند قراءة شعرها تجد فيه عذوبة وشفافية، فتراه يدخل القلوب بكل خفة ورشاقة من دون أن يشعر القارئ بالملل، ومن دون أن تجبره على الهروب من عوالم قصائدها، شاعرة تميل إلى كتابة النثر، فتنثر أجمل الصور والمعاني بكل شفافية وبكلمات تحاكي شغاف قلب كل متلقٍّ».

الباحثة راغدة محمود

يذكر أنّ الشاعرة "رانيا ريشة" من مواليد "دمشق"، عام 1975، مقيمة في مدينة "طرطوس"، وهي مدرّسة لغة فرنسية.