الكتابة القصصية الموجهة والهادفة هي رسالة حملت القاصة "ازدهار" همها لتصل بسموها إلى حالة التأثير في البيئة والمجتمع لتشعر بالحياة وعطائها.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 1 تموز 2014، القاصة "ازدهار الخطيب" من أهالي وسكان منطقة "القدموس" لتحدثنا عن بداياتها مع الكتابة الأدبية: «كانت البدايات منذ المراحل الدراسية عندما لفت ما أكتبه من مواضيع إنشائية تعبيرية انتباه مدرسي اللغة في مدرسة الشهيد "نورس طه"، ونلت الثناء عليه عدة مرات، ويمكنني القول إن مرد هذا إلى الخلفية الثقافية التي تمتعت بها عائلتي التي كان لها أثر كبير في نشأتي الأدبية والثقافية، فوالدي يملك مكتبة تعد من أضخم مكتبات المنطقة.

أحلم بعالم مملوء بالحب والسعادة والجمال الحقيقي بعيداً عن الواقع المر والممارسات غير الجميلة، فالكاتب بالعموم إنسان متطور متجدد بأفكاره وأدواته وطموحه ومراقب لذاته الطموحة

ولعب الجهد الشخصي دوراً كبيراً، فقد نهلت من هذه المكتبة الكثير من المعارف، واطلعت على أضخم الأعمال الأدبية العالمية من خلالها، وهذا كان له الأثر الإيجابي الإضافي فتولدت لدي قدرة الكتابة والعطاء الفكري، وأصبحت عريفة المهرجانات الشعرية والخطابية في المدرسة.

من مجموعاتها القصصية

وبدأت الكتابة القصصية الحقيقية مع بدايات المرحلة الثانوية وتأثرت حينها بالمقاومة وفترة الأحداث الفلسطينية، وهنا شعرت بقدرة الكتابة الجدية عن كل سيدة فقدت شهيداً، أو طفل يعاني من الظلم، وفي عام 1993 كتبت عدة قصص قصيرة كان لها وقعها الخاص في داخلي وأثرها الإيجابي بقدراتي ومهاراتي وازداد نهمي للمطالعة والبحث والسؤال، فاتجهت إلى التعمق بالكتابة والوصول إلى الجوهر دون القشور».

بدأت القاصة أدبياً بكتابة الشعر، ومن ثم توجهت في مرحلة ما إلى الكتابة القصصية، أو كما قيل عنها القصص الشعرية، وهنا تقول: «دراستي في المرحلة الثانوية كانت ضمن الفرع العلمي، وهذا لم يمكني من الأوزان والبحور الشعرية، فشعرت بشيء من الضعف بهذا الجانب، وظهرت قدراتي القصصية بشكل جلي واضح وجميل، فكانت المنفذ بعيداً عن القيود الأدبية الشعرية، وهنا يمكن القول إنني لم أبتعد كثيراً عما بدأت به، فما أكتبه من قصص تدخل فيه الشاعرية والروحانية والصور المتنقلة من البداية وحتى نهاية القصة، وبشكل خيالي وضمن خصوصية فكرية».

القاصة ازدهار الخطيب

الإبداع عندها هو الابتعاد عن الذات في الطرح، وتوضح ذلك بقولها: «الإبداع أن يستطيع الكاتب الخروج من كتابته دون أن يتمكن القارئ من إسقاطها عليه، وهو أمر أحلم بتحقيقه رغم أنني خرجت بشخوص قصصي عن ذاتي وأناي بلغة سليمة وسهلة وموهبة من الله غرزت بداخلي».

لكل أديب عالمه الخاص وللقاصة "ازدهار" أيضاً عالمها الذي تتحدث عنه بالقول: «أحلم بعالم مملوء بالحب والسعادة والجمال الحقيقي بعيداً عن الواقع المر والممارسات غير الجميلة، فالكاتب بالعموم إنسان متطور متجدد بأفكاره وأدواته وطموحه ومراقب لذاته الطموحة».

وتتابع لتوضيح استفساراتنا:

  • هل كان لواقعنا الحالي إسقاطاته على ما تكتبين؟
  • ** الواقع يمس كل طفل ورجل وشيخ يعيش فيه، وواقعنا الحالي صدمنا كثيراً للحزن الذي يحتويه والألم الذي شعرنا به والذي فاق كل الكلمات، ولكن هذا الواقع جعلني أكثر تصميماً على الحب لكل شيء، فالإيمان العميق يصقل أرواحنا ويجعلنا ندرك قيمة ما نملك، إضافة إلى أن الكاتب لا يخرج من ذاته وحياته الواقعية، وبالنسبة لي أحاول الاستفادة من مختلف التجارب والأفكار واستغلالها بالشكل الإيجابي لصناعة الأفكار والمواعظ التي لها علاقة بحياتنا، والهدف هنا الفائدة العامة للجميع لأننا شركاء بكل شيء.

  • هل وصلت بك الكتابة إلى حد إيصال تجربتك بمختلف جوانبها إلى الناس لتحقيق الفائدة؟
  • ** الكاتب هو إنسان يحمل راية وهو سفير في هذه الحياة ولديه مقولة وفكرة مقتنع ومؤمن بها، ومادام مؤمناً بها فيجب أن يظهرها بالكتابة، فالكلمة لها مفعول السحر في نفوس الناس، والكاتب بأسلوبه قادر على التغيير نحو الأفضل من خلال التفاؤل والطاقة الإيجابية، فهو إنسان حيوي غير ميت أو جامد.

  • ما الذي يهمك في الكتابة القصصية، الوصول إلى المتلقي، أم ردة الفعل عليها؟
  • ** مادمت أهتم بالنص وأمنحه طاقتي وحضوري وصدقي ومشاعري فأنا مستعدة لتلقي ردة الفعل عليه من قبل المتلقين سلبية كانت أم إيجابية، كثيرة أم قليلة، فأنا في النهاية أكتب لهم.

  • كتبت قصصاً للأطفال وشاركت بها في مسابقة مجلة "أسامة"، فكيف كانت هذه التجربة؟
  • ** الطفل بالنسبة لي مغرٍ جداً للكتابة له، وأنا حالياً أفكر بكتابة مجموعة خاصة وإصدارها قبل أي مجموعة أخرى للكبار، فالظروف الحياتية أبعدتنا عن هؤلاء الأطفال وهم بحاجة لأن نكون إلى جانبهم ونتوجه بملكاتنا إليهم، علماً أنني أعتبر الكتابة للأطفال مغامرة صعبة جداً وتحتاج إلى الكثير من العناية والقدرات والملكات الفكرية الصافية، ومما كتبته لهم "هيا والقمر"، و"عبير وقوس قزح"، و"الضفدع يأكل البيتزا".

  • الكتابة للأطفال تحتاج إلى مفردات خاصة، فمن أين تستمدين هذه الثقافة؟
  • ** هو أمر بسيط، فمجتمعنا يتشكل من فئات عمرية صغيرة بجزء جيد منه، وهذه الفئات تعيش معنا في منازلنا وحياتنا اليومية والعملية، وأعتقد أن هذا كفيل بإغناء ذائقتي بالمفردات الطفولية، ناهيك عن طفولتي التي أحبها كثيراً وأستذكر لحظاتها حتى الآن.

  • كيف هي علاقة عملك المهني في قطاع الصحة بموهبتك وملكة الكتابة لديك؟
  • ** دون شعور أجد عند قراءة قصصي أن فيها شيئاً من عملي في القطاع الصحي كجهاز الإنعاش أو السرير أو المرض بشكل عام، وهذا يؤكد وجود علاقة وثيقة بين عملي وموهبتي فيغتني كل منهما بالآخر.

    وفي لقاء مع الأستاذ "حسن قاسم" مدير المركز الثقافي العربي بـ"القدموس" قال في القاصة "ازدهار الخطيب": «قرأت قصة "هيا والقمر" ووجدت فيها القصة الناجحة المكتملة المعايير، وهي خطوة جريئة بالتوجه نحو أدب الأطفال، والقاصة "ازدهار" تملك قدرة إيصال الفكرة بشكل جيد وناجح عبر الصور الجميلة البسيطة التي تلامس روح كل من يقرؤها».

    يشار إلى أن القاصة "ازدهار الخطيب" من مواليد منطقة "القدموس" عام 1975، وهي خريجة معهد صحي.