شاعر ثائر على الموروث والمعتقدات القديمة، فبالنسبة إليه زمن السيف قد انتهى وعلينا طيَّ الصفحة والاحتفاظ بذاك الزمن بداعي الذكرى والتباهي وليس بقصد الاستمرار فيه، هو الشاعر "أنطون دوشي" والذي سنتعرف على وجهة نظره تلك وعلى إصداراته الجديدة من خلال حوارنا معه في أحد المقاهي البحرية على كورنيش "طرطوس".

  • "أنطون دوشي" من يقرأ كتاباتك سيدرك فورا مدى الثورة على الماضي فلماذا هذه الحرب؟
  • نعم إنه العملاق "أدونيس" هو الذي أعطاني لغة العصر أو بالأحرى هو من علمني أبجدية ثانية للشعر ولهذا السبب وبكل فخر "أدونيس" هو سيدي

    ** «منطق الجذب يقول: لكل واقع فلسفته ولكل عصر رؤية جديدة ومجتمع مختلف، إذ لا تصح أن تكون رؤية الشاعر أيام الجمل والسيف تصلح لزمن الكمبيوتر والأقمار الصناعية والتكنولوجيا التي في متناول الجميع، هناك فرق شاسع بل سنون ضوئية تفصل بينهما فكيف تريدونني ألا أثور على ذاك الموروث؟».

    من سلسلة وهج

  • إذاً أنت تريد أن تلغي حقبة نعتبرها أساس الشعر العربي؟
  • ** «أنا لا ألغي، ولكن آن لنا أن نتجاوزها، فلماذا نجعل الشعراء القدماء مكان السيّد وهم الذين أبدعوا الشعر بلغة البداوة وهذه ليست لغة العصر؟ الآن وفي المقابل أنا لا أتنكر لأجدادي وما قدموه ولكن قمة الخطأ أن نتقوقع بإبداعاتهم الشعرية ونظل أسيرين لها مدى الحياة».

    انطون دوشي

  • نفيت أن يكون الشعراء القدماء أسيادك ما يعني أن هناك من تعتبره سيدا لك؟
  • ** «نعم إنه العملاق "أدونيس" هو الذي أعطاني لغة العصر أو بالأحرى هو من علمني أبجدية ثانية للشعر ولهذا السبب وبكل فخر "أدونيس" هو سيدي».

    من اصداراته

  • استنادا إلى كلامك هناك لغة شعرية حديثة مستقلة عن الرؤيا القديمة؟
  • ** «الشعر القديم كان يركض كثيرا وراء الإيقاع والقافية وبحور الشعر ويزاوج فيما بينهم جميعا على حساب الرؤية الشعرية ومضمون القصيدة والرؤية الشعرية سابقا، كانت عبارة عن حالة وصفية للأشياء من مدح وذم وهجاء وثأر، أي الشعر في ذاك الوقت لم يكن يؤدي أي رؤية مستقبلية للأجيال القادمة بينما شعر الحداثة اليوم هو شعر وتقنية وانعطاف هام في الرؤية بحيث يتغلغل الشاعر إلى نواة الأشياء وتجريدها وصناعة حوار داخل الأشياء نفسها بحيث تصل المادة إلى حالة النطق ويذهب إلى ما وراء الأشياء "ميتافيزيقيا الأشياء" ويمنحها لغة ورمزية كثيفتين بحيث تصل الرؤيا لدى الشاعر إلى السباحة في بحر الغيم والتخلص من الماضي والموروث».

  • ولكنك تتفق مع شعراء الماضي في الشهادة الجامعية التي لم تحصل عليها مثلهم؟
  • ** «ومن قال إن الشاعر يحتاج إلى شهادة كي ينطق بالشعر، فالشعر يكون من أحد تراكيبه الفيزيولوجية فهو يحتاج لأن تكون كيمياء الشعر في داخله وبعد ذلك لا يبقى إلا صقل الكلمات التي تحتاج إلى ثقافة وقراءات كثيرة، فالشاعر لا يحتاج إلى شهادة جامعية وإنما يحتاج إلى قراءة ممطرة لتوسيع مخزونه المعرفي والتعرف على المذاهب الشعرية والفلسفية في العالم حتى يستوطن فضاء العصر».

  • إذا ما انتقلنا للحديث عن جديدك وآخر إصداراتك الشعرية؟
  • ** «أصدرت مؤخرا خمسة إصدارات شعرية هي "بكاء من مقام التفوق"، "وهج2 تحريض العقل"، "وهج3 عاصفة فوق السكون"، "وهج4 مغامرة الوعي"، "وهج5 من وحي المنطق"».

  • من يقرأ مجموعتك الشعرية "بكاء من مقام التفوق" يستطيع أن يستشف مدى رغبتك في تغيير الرؤيا الشعرية بالكامل؟
  • ** «هو كتاب يحكي وجعي في الشباب العربي الذي تعامى عن أين وصل العالم الآن وما زال يتغنى بالأجداد السالفة وفتوحاتنا وسيفنا وحتى الآن ما زلنا نغفو تحت دوحة في الصحراء ولم نستفق على ضجيج الحضارات وهناك قصائد أبحث فيها عن رؤية جديدة في الحياة وطمس الموروث القديم واستبداله بفكر حر جديد».

  • أسلوب الشعر في سلسلة "وهج" يقترب إلى الحكمة منه إلى الشعر؟
  • ** «القصيدة لها إيديولوجية خاصة لا تقدري أن تحمليها كل شيء ومن هنا أخذت سلسلة "وهج" تميزها، ففيها صورة لا تستوعبها القصيدة فوهج تأتي بشكل صاعق ومفاجئ ولا تحتمل الانتظار لذلك فهي تولد للتو وتكتب للتو فهي لا تحتمل أن تنام في سرير القصيدة وخوفا من ضياعها سجلت في حلة "وهج"».