جهودٌ متميزةٌ في إنتاج اللبن المنكّه وجبن الـ"غودا"، أثمرت نتائجها بتحويلها من مشاريع تخرّج إلى منتجات تحمل قيمةً غذائيةً وتفرداً في السوق المحلية، وتلبيةً لمتطلبات شريحة واسعة من المستهلكين.

عن مشروع إنتاج الجبن قالت المهندسة "إيزيس أسعد" من أعضاء المشروع الأول التي التقتها مدوّنةُ وطن "eSyria" بتاريخ 14 نيسان 2020: «تم اختيار المشروع لتسليط الضوء على نوع جديد من الأجبان غير المعروفة محلياً، وهذه الأجبان تتمتع بقيمة غذائية عالية، ونكهة لذيذة، كما تتميز بخضوعها لفترة تعتيق وإنضاج لمدة تتراوح من شهرين إلى سنة، ما يكسبها عناصر غذائيةً هامةً، ومزيداً من النكهة المميزة، وفيها سعرات حرارية عالية، وهي مصدر بروتيني هام للجسم، وتحتوي على الفيتامينات وعلى الدهون، وغنية بالعديد من العناصر المعدنية، إضافةً إلى أنها تتميز باحتوائها على كمية قليلة من سكر اللاكتوز، ما يساعد مرضى السكري على تناولها بأمان، والعمل على مشروعنا تمّ على فترات، منها في المخابر الجامعية، وأحياناً في المنزل، استخدمنا في تنفيذه الأدوات البسيطة على مدى أشهر، حيث قمنا بتصنيع عدة قوالب من الجبن بفترات تعتيق مختلفة، مع ملاحظة التغييرات التي تطرأ عليها، واختلاف النكهات بين كل شهر وآخر».

مشاركتنا جاءت بتشجيع من الدكتور المشرف، ومن الزملاء ممن تذوقوا منتجنا، وأكدوا لنا نجاحنا في عملنا، وخلال مشاركتنا اجتزنا عدة مقابلات لتحديد مدى نجاح المنتج من قبل المختصين، وقد تم قبولنا، وهكذا انتقلنا به من كونه مجرد مشروع تخرج إلى تطبيق عملي على أرض الواقع

المهندسة "فرح ابراهيم" من أعضاء المشروع الثاني قالت: «استغرقت مدة تنفيذ المشروع ستة أشهر، منذ بداية جمع المعلومات من الدراسات المرجعية في تشرين الثاني عام 2018، حتى بدأنا التطبيق العملي، والتوقف عن التصنيع نهاية شهر نيسان 2019، وخلال فترة العمل واجهتنا عقبات أبرزها، تأمين الضغط العالي على خثرات الجبن، وتأمين (بارامترات) الإنضاج والحفظ بحرارة 18 على مدار شهور الصيف التي لم تنخفض حرارتها عن 23 درجة والرطوبة لم تكن لتتجاوز 70%، لذلك تم ابتكار طرق يدوية منزلية، ساعدتنا في حفظ القوالب حتى يوم مناقشة المشروع أمام اللجنة».

اللبن المنكه

وتتابع: «يتميز مشروعنا بإنتاج وتصنيع جبن الـ"غودا" بطعمه الزبدي، ولونه العاجي، وللمشروع أهميته على الصعيد الوطني، فهذه الأنواع غير متعارف على تصنيعها في بلدنا يدوياً، لدقة ظروف إنتاجها وشروط حفظها بعد التصنيع، كما أن تصنيع وإنتاج جبن "غودا" الهولندي المنشأ ضمن بيئتنا الساحلية، سيسد الحاجة للأجبان المنضجة العالية القيمة الغذائية غير المتوافرة في الأسواق السورية، وإنما يصار إلى استيرادها بأسعار مرتفعة جداً لا تلائم شريحة المستهلكين من ذوي الدخل المحدود.

هذه الميزات دفعتنا للمشاركة في مشروع "قفزة"، والذي يعتبر نقطة تحول بارزة في مسيرتنا، وطريق انتقالنا من الحياة العلمية إلى الحياة العملية المهنية، وفرصتنا لتطوير ذاتنا، وسمح لنا بتحويل مشروعنا إلى شركة ناشئة بما قدّمه لنا من أشكال الدعم».

إنتاج الجبن

وعن مشروع اللبن المنكه قالت المهندسة "رانية سليمان": «تم اختيار تصنيع اللبن بالفاكهة واللبن المنكه كعنوان مشروع لنيل درجة الإجازة في كلية الهندسة التقنية، وجاء اختيارنا لمجال الألبان نظراً لما تحظى به هذه الصناعة من أهمية وتقدم كبير في الدول الأوروبية و"أمريكا"، وعلى الرغم من أن الشعوب الشرقية كانت أول من عرف صناعة الألبان المتخمرة، إلا أن صناعة الألبان في بلدنا لا تزال محدودة وضيقة النطاق، إذا ما قورنت بصناعتها في "أوروبا" و"أمريكا"، حيث تم إنتاج العديد من الأنواع وكان أشهرها وأكثرها استهلاكاً اللبن المنكه واللبن بالفاكهة، ما ولّد لدينا دافعاً كبيراً لدراسة إمكانية وسبل إنتاج هذه الألبان في بلدنا، في محاولة منّا لمواكبة جزء من التطورات ولو على مستوى بسيط».

وتكمل: «بدأنا الدراسة النظرية للمشروع ومتطلباته، واطلعنا على الأبحاث والدراسات التي تناولت هذا الموضوع، ثم بدأنا التجارب العملية، وتجريب نسب مختلفة من المواد الداخلة في المنتج كالفاكهة والمواد المثبتة للقوام، بغية الوصول إلى النسبة التي تحقق رغبة المتذوق وترضيه، ولقد حصلنا على المواد الأولية والأجهزة اللازمة ومن ضمنها المتوافرة في مخبر الجامعة، وأجرينا التجارب وفق خطوات محدودة ومدروسة، حتى توصلنا في النهاية إلى النسب والبارامترات المثلى، والتي أعطت منتجاً بمواصفات جيدة ومرغوبة، وبمدة عمل استغرقت ثمانية أشهر».

تكريم وزارة التعليم العالي

أما المهندس "حسين اسماعيل" فقد قال: «تنطلق أهمية مشروعنا من الفائدة الموجودة في اللبن المتخمر، حيث يحتوي على أجناس عديدة من البكتريا اللبنية المفيدة، وأهم ما يميز منتج اللبن المحلى المضاف إليه النكهات أو قطع الفاكهة أو عصيرها، هو تعديل المذاق الحمضي الطبيعي للبن، ورفع قيمته الغذائية، كذلك هناك أهمية على الصعيد الوطني، من حيث طرحه في السوق بأسعار لشريحة واسعة من المستهلكين، وتوفره سيلبي رغباتهم وحاجاتهم، وبالأخص شريحتي الأطفال والمراهقين، الأمر الذي سيمكنهم من الحصول على القيمة الغذائية والعلاجية المتوافرة فيه».

وعن مشاركتهم في مشروع "قفزة" يقول: «مشاركتنا جاءت بتشجيع من الدكتور المشرف، ومن الزملاء ممن تذوقوا منتجنا، وأكدوا لنا نجاحنا في عملنا، وخلال مشاركتنا اجتزنا عدة مقابلات لتحديد مدى نجاح المنتج من قبل المختصين، وقد تم قبولنا، وهكذا انتقلنا به من كونه مجرد مشروع تخرج إلى تطبيق عملي على أرض الواقع».

وعن فكرة الدمج بين مشروعي اللبن المنكه وجبن الـ"غودا" يقول: «روح التعاون والإخلاص بيننا كزملاء، والدعم من قبل الدكتور، كان له دوره في نجاح الدمج، وتصنيع أنواع مميزة من المنتجات في مكان واحد وبأسعار مناسبة، فبعد المشاركة في مشروع "قفزة"، وحصولنا على الدعم المعنوي والمادي، انتقلنا إلى مرحلة التطبيق والتجهيز على أرض الواقع، فاخترنا المكان المناسب لبدء العمل والقريب من السوق المحلية، الأمر الذي يساهم بسهولة في الحصول على المواد الأولية، ووفرنا له كل الشروط الصحية وشروط النظافة، وشراء المعدات اللازمة للعمل، أما بالنسبة للتسويق فكانت هناك عدة أفكار للتعريف بمنتجاتنا وأسعارها وضرورة مناسبتها لشرائح المستهلكين، خبرات اكتسبناها من خلال اتباعنا لعدة دورات في ريادة الأعمال اكتسبنا من خلالها الخبرة في الإنتاج والتسويق بطرق متنوعة».

المشرف على كلا المشروعين ودمجهما الدكتور "مازن الضرف" قال: «إن ما يميز المشروعين هي النتائج التي حصل عليها الطلاب، حيث حددوا أفضل النسب للمكونات، واعتمدوا منهجية تضمن الحصول على منتجات عالية الجودة الحسية والغذائية والصحية، وهذه الميزات تشجع المستهلكين على شرائها واستهلاكها بكل ثقة، كما أن عملية دمج الكفاءات ضمن فريق العمل، تؤدي إلى زيادة فرص الإبداع والابتكار، وسرعة إيجاد حلول لمشكلات الإنتاج، وقد كان هدفي كمشرف على المشروعين ودمجهم، زيادة حجم المنشأة، وتعدد المنتجات، بالتالي جعل فرص التطور والنجاح أكبر، أيضاً توطين صناعة معظم أنواع الأجبان المعروفة عالمياً، وأن أجعل من "طرطوس" رائدةً في مجال هذه الصناعة، ودوري في البداية تجلى في وضع منهجية علمية ومتابعة التجارب وتصحيح الأخطاء وتقديم المشورة العلمية، علماً أن الفريق أصبح يملك الخبرة الجيدة في تصنيع الألبان والأجبان، والاستمرارية والنجاح سيكونان حليفان لهم».

يذكر أن المهندسين المشاركين في المشروعين هم: "حسين اسماعيل" من مواليد "بحوزي" عام 1997، و"رانية سليمان" من مواليد "خربة عامودي" عام 1996، و"فرح ابراهيم" من مواليد "ميعار شاكر" 1997، و"إيزيس أسعد" من مواليد "بحيصيص" عام 1996، وجميعهم خريجو جامعة "طرطوس" 2019 باختصاص الهندسة التقنية قسم تقانة الأغذية.