اعتمد الفنان التشكيلي "منار سليمان" الظل والنور في إنجاح لوحات الرسم بالفحم، وكذلك اعتمد البورتريه الأحب إلى قلبه لإظهار شخصيات تكاد تكون صورة طبق الأصل من الواقع.

بعد التخرج في معهد الرسم اختار "منار سليمان" خطاً فنياً حاول الابتعاد خلاله عما هو مألوف، لعله يجد مساحة لإبداعه ويضع بصمته الخاصة في عالم التشكيل السوري، وهنا قال لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 22 كانون الأول 2017: «منذ الصغر أحببت الرسم التعبيري الذي يظهر الشخصيات بواقعيتها، وخاصة الملامح التي تعبر عن الحالة المراد إظهارها، لكنني لم أجد الدعم المحفز على المتابعة، وهذا خلق بالنسبة لي أولى الصعوبات التي دفعتني وحفزتني لمحاولة إثبات ذاتي في هذا المجال الذي أجد فيه روحي.

يقدم لوحات بورتريه معتمداً دقة ملاحظاته للملامح والأشخاص؛ وهذا يعني امتلاكه ذائقة بصرية مرهفة، فهو قادر على تقديم لوحات بورتريه مع مشاهدة بصرية غير مستمرة للشخصية

والمفارقة أنه خلال سنوات الدراسة التخصصية وجدت أن المادة جافة ولا تغنيها التجارب بقدر ما تغنيها المعلومات النظرية، فاعتمدت على نفسي بالتجارب لتطوير أدواتي وتأطيرها وفق ما وجدته مناسباً لقدراتي.

من أعماله

اعتمدت على التجارب العملية الكثيرة التي طورت مهاراتي تراكمياً، فأصبحت أحقق في لوحة البروتريه بالفحم نسب تطابق تزيد على التسعين بالمئة، وهذا بحد ذاته كان مشجعاً ودافعاً للاستمرار والإقرار بأن الفن التشكيلي هو مهنتي وهوايتي ومستقبلي».

ويتابع: «كثيرة كانت محاولات تثبيط همتي، لكن هذا دفعني إلى تبني تجارب الأطفال والموهوبين بعد تخصصي بمعهد الرسم، واكتشاف مواهبهم الدفينة ومحاولة خلقها وتأطيرها لتكون منافسة، حيث إن ما حرمت منه من دعم وفرته لغيري».

الظل والنور يبرز الملامح

لقد خرج "منار" عن المألوف كما قال، فهو ليس مدرّس رسم فقط، وإنما يحقق معايير الفنان التشكيلي المتخصص بعمله، وأضاف: «ملكت من الحب تجاه الرسم ما يكفي لتذليل الصعاب مهما كانت، فقلم الرسم بالنسبة لي منارة ترشدني إلى الجمال، وأقول هنا قلم الرسم؛ أي قلم الفحم، ومع هذا قدمت لوحات زيتية ومائية، لكنها لم ترضِ شغفي كما قلم الفحم، الذي مكنني من تقديم تفاصيل دقيقة باعتماد الظل والنور، حيث إن هذه التقنية يستخدمها كبار التشكيليين للوصول إلى أدق التفاصيل التعبيرية».

يقدم "منار" لوحات ترتبط معه روحياً، ليصل إلى غايته، وهنا قال: «أقدم لوحاتي بالفحم بزمن قياسي لبعضها، وزمن طويل لبعضها الآخر، وهذا مرتبط بعلاقتي مع الشخصية التي أقوم برسمها، فالشخصيات الفنية مثلاً أحب بعضها، فأقدمها بأدق تفاصيلها، والبقية لا أميل لها أبداً؛ وهو ما انعكس على اللوحة وخلوها من التفاصيل والإحاسيس، فبقلم الفحم أتمكن من وضع إحساسي في العمل، فأخلق حالات إنسانية جديدة».

التشكيلي منار سليمان

يعدّ رسم البورتريه من أصعب الفنون التشكيلية لما يحتويه من دقة يجب مراعاتها في اللوحة، بحسب ما أكده التشكيلي "منار"، ويضيف: «تقديم رسم يحتمل تفاصيل دقيقة شيء مهم بالنسبة للبورتريه؛ لأن أي معيار لمعرفة الأشخاص، يكمن بين منطقة العينين ومنطقة الجبين بوجه أساسي، وتكملهما بقية التعابير في الوجه، وأي خطأ في خط من خطوط رسمها مهما كان صغيراً أو بسيطاً، فهو يبعد المتلقي عن معرفة الشخصية مهما بلغت معرفته الواقعية بها، وهو ما عملت على مراعاته كثيراً في أي عمل تشكيلي، مع مراعاة الحالة والوضعية التي أجسدها بالألوان لتظهر تماهياً ما بين الظل والنور.

فمراعاة الظل والنور شيء مهم جداً ويدل على خبرة الفنان التراكمية، ويساعده على الوصول إلى ما يمكن تسميته النشوه البصرية من اللوحة، لكن هذا يحتاج إلى وقت يصل زمنياً إلى أيام، على خلاف ما يظنه الكثيرون من بساطة البورتريه بالفحم».

الفنان التشكيلي "شوكت عاصي" قال عن انطباعه فيما تابعه من أعمال الفنان "منار": «يقدم لوحات بورتريه معتمداً دقة ملاحظاته للملامح والأشخاص؛ وهذا يعني امتلاكه ذائقة بصرية مرهفة، فهو قادر على تقديم لوحات بورتريه مع مشاهدة بصرية غير مستمرة للشخصية».

أما الموسيقي "غدير كنعان"، فقال: «لقد أدركتُ الصديق "منار" في تجربة تعبيرية جميلة جداً، تخطاها إلى الرسم بالفحم، ومع أن هذا النوع يحتمل الأخطاء، إلا أنه لا يقدم لوحة فيها أي مساس بالمشهدية البصرية الجميلة، لأنه لا يجد في الرسم مصدر دخل أو مهنة، بل موهبة يجب صقلها والعمل على تطويرها».

بقي أن نذكر، أن الفنان "منار سليمان" من مواليد حيّ "ضاحية الأسد" في "طرطوس"، عام 1994.