لقيت في "طرطوس" بيئة خصبة لانتشارها، فكانت متنفساً فكرياً للكثير من الفئات العمرية الصغيرة، وطريقاً للاتجاه نحو الاحتراف لدى الشباب، فظهرت المقترحات لتكون "الشطرنج" أكثر من مجرد لعبة.

تستمد خصوصيتها من وجود عدد كبير من الأسر التي تحترف اللعبة بجميع أفرادها، وفي ذلك يقول المهندس "جندب دخيل" رئيس جمعية أصدقاء البيئة في "الدريكيش" خلال حديثه لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 14 نيسان 2015: «كنت ألعب "الشطرنج" ضمن فريق "الدريكيش" الرياضي، ثم أصبحت مدرباً فيه، واليوم جميع أفراد أسرتي يمارسون لعبة "الشطرنج"، بمن فيهم ابنتي "زينب" الحائزة على العديد من الجوائز، ويعود اهتمامي بهذه الرياضة لكونها تعبر عن حالة من الإبداع والذكاء لدى الإنسان، وتكسب اللاعب قدرة على حل مشكلات حياته، بما تحتويه من إشكاليات تشابه ما تعترض الفرد في حياته اليومية.

نفذت مع صديقي "إيهاب أيوب" فكرة ضمن "الكافيتيريا" التي يملكها، حيث يسجل أسماء المهمين باللعبة عبر عرض مسألة يجب حلها أسبوعياً، وهو ما أدى إلى التواصل مع عدد جيد من المهتمين بالشطرنج، أو لديهم رغبة بتعلمه

ولنشر لعبة "الشطرنج" بين الأطفال وصولاً إلى الشباب أهمية كبيرة لأنها تعلم الإنسان في هذه المرحلة تقنيات الهدوء والروية في التعامل مع المواقف، والتحكم بالنفس، وأنا متفائل جداً بانتشار "الشطرنج" على نطاق واسع في محافظة "طرطوس" بعد ما لمسته من اهتمام كبير من قبل الأهالي والرغبة بتعليم صغارهم ودفعهم للمشاركة بالبطولات».

إقبال كبير من اليافعين والشباب

أما مدرس الرياضيات "محمد ابراهيم" مسؤول التدريب في اللجنة الفنية للشطرنج في "طرطوس" فله تجربة جيدة كلاعب ومدرب، ويقول: «نظراً لاهتمامي بهذه اللعبة وممارسة مهنة التدريس، لاحظت فروقاً في استيعاب مادة الرياضيات بين الطلاب الذين يمارسون "الشطرنج" عن غيرهم، فبدأت الأسئلة تدور في ذهني حول إمكانية تعليم كل طفل "الشطرنج" في عمر مبكر، كيف ستكون النتائج الدراسية لو أن هناك مادة تعلم "الشطرنج" منذ بداية دخول المدرسة كرياضة عقلية موازية للمواد الدراسية».

يعود اهتمام "ابراهيم" بتطوير قدراته في هذه اللعبة إلى درجات التحصيل العملي العالية في مادة الرياضيات، وخاصة تفوقه في مرحلة الثالث الثانوي، وهو الذي لعب "الشطرنج" منذ عمر الخمس سنوات، وقد ساهم كشاب مهتم بأبناء جيله بعدة أفكار يقطف هو وطلابه ثمارها، فقد قام بمساعدة عدد من أصدقائه المهتمين بنشر ثقافة لعب "الشطرنج" على أوسع نطاق ممكن بين الفئات العمرية الصغيرة وتدريبها ورعايتها، ويقول: «نفذت مع صديقي "إيهاب أيوب" فكرة ضمن "الكافيتيريا" التي يملكها، حيث يسجل أسماء المهمين باللعبة عبر عرض مسألة يجب حلها أسبوعياً، وهو ما أدى إلى التواصل مع عدد جيد من المهتمين بالشطرنج، أو لديهم رغبة بتعلمه».

"محمد ابراهيم"

تهتم قطاعات شبابية عديدة بـ"الشطرنج" كرياضة تحتاج إلى مزايا خاصة من الهدوء والصبر والحكمة والذكاء التحليلي، وتستقطب الكثيرين من الشباب الراغبين بخوض عصف ذهني مركز، كفرق "الكشافة" في "طرطوس" التي تدرب أعضاءها على إتقان اللعبة، ومجموعة "بصمة شباب سورية" التطوعية في مدينة "صافيتا" التي نفذت بطولة للشطرنج في شهر شباط الماضي، واشترك فيها عدد كبير من الأطفال والشباب، ومن الفائزين بهذه البطولة حدثتنا الطالبة "زينب دخيل" في الصف السابع من مدينة "الدريكيش"، وقالت: «فزت بالمركز الأول في هذه البطولة، وكنت قد أحرزت المركز الأول في مسابقات رواد الطلائع في الصف السادس على مستوى القطر، وقبلها في الصف الخامس على مستوى المحافظة، لأنني أجد فيها رياضة مميزة لا تتعارض مع دراستي، بل تضيف إليها الكثير من التميز الذي أشعر يومياً بحصاد ثماره، وهي لا تتطلب مني سوى بعض التدريب يومياً من خلال التعلم في كتب "الشطرنج"، أو التدرب في النادي تحت إشراف المدرب "علي حمودي"، ونحن عائلة يهتم جميع أفرادها بهذه اللعبة، وهناك الكثير من عائلات أصدقائي توجه أبناءها للعب "الشطرنج" والاهتمام به».

بالعودة إلى المدرب "محمد ابراهيم" يشير إلى أنه دعا إلى مشاركة واسعة في بطولة المحافظة 2015 من خلال دوره في اللجنة الفنية للشطرنج في "طرطوس"، ويقول: «لجأت إلى استخدام موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" لدعوة أكبر عدد ممكن للمشاركة في بطولة المحافظة، وفعلاً جاءت النتيجة أكثر من توقعات اللجنة المنظمة، التي استخدمت "نظام المقصلة"، ويعني خروج المغلوب في الجولة الأولى لتقليص العدد الذي بلغ 46 لاعباً.

"زينب دخيل"

كما نظمت لقاء ودياً بين اللاعب الدولي "أحمد حماد" من نادي "السكك الحديدية بحلب" الموجود في "طرطوس"، واللاعب "محمد حمودي"، بحضور عدد من الشباب المهتمين باللعبة، وذلك بغية تحفيز فئة الشباب وتحرضهم على تطوير مهاراتهم، وقد وجد في هذه اللقاءات بين الهواة والأبطال فرصة كبيرة لتحفيز الرغبة لدى كافة المستويات العمرية الصغيرة وصولاً إلى الشباب».

وقد عرض المدرب "محمد ابراهيم" مقترحاً لمؤتمر "الاتحاد السوري للشطرنج" الذي انعقد في "دمشق" بتاريخ 5 شباط 2015، لإدخال لعبة "الشطرنج" كنشاط لا صفّي خارج الدوام المدرسي، كما تواصل مع مديرية التربية بهذا الخصوص.