مجالس شبابية، أنشطة فنية وثقافية، معارض وندوات؛ هي مظاهر طلابية جامعية بعثت في مدينة "طرطوس" روحاً جديدة، وخلقت نظاماً أكثر تعقيداً من العلاقات الاقتصادية والاجتماعية...

بعد دخول التعليم الجامعي إلى "طرطوس" شهدت المدينة ظهور فئة من الشباب كانت غائبة عن مسرح الحياة الاجتماعية ومظاهرها، وهي فئة الطلاب الجامعيين سواء من أبناء المحافظة أم من المحافظات الأخرى، وقد ترافق هذا الظهور بنشاط واضح أبسطته حركة الشباب النشيطة في شوارع المدينة وأحيائها، وصولاً إلى تجمعاتهم في المعارض الفنية والحفلات الموسيقية والمسارح والسينما، والمقاهي وغيرها، ولمتابعة هذا النشاط الشبابي وأوجه الاختلاف التي أحدثها التقت مدونة وطن "eSyria" عدداً من الطلاب الجامعيين بتاريخ 2 آذار 2014، تقول الطالبة "فاطمة النداف" سنة خامسة في كلية الهندسة التقنية: «يبحث الشباب الجامعيون دائماً عن وسط اجتماعي يلبي رغباتهم في التواصل وتبادل الأفكار والنقاش، في قضاياهم واهتماماتهم، وهنا يتوجه بعضهم إلى الأماكن العامة؛ حدائق عامة، كورنيش بحري، أو إلى المجامع الثقافية والفنية كالمراكز الثقافية والمسارح، والقسم الأكبر يتجه إلى المقاهي التي ازدهرت حول المناطق الجامعية، وهذا النشاط الشبابي أضاف إلى المدينة وجهاً جديداً لم تشهده قبل دخول التعليم الجامعي إليها، تمثل بحركة الشباب بحد ذاتها، حيث تمتلئ أماكن تجمعاتهم بالنشاط والحيوية، وما قد ينشأ عن هذه التجمعات من ترجمة لإبداعات الشباب وطموحاتهم في حدود إمكانياتهم، وبالأخص الأنشطة الأدبية والفنية، وعلى هامش هذا النشاط تنشط المدينة بمرافقها الاقتصادية من مطاعم، ومكتبات جامعية، وغيرها».

تتيح لنا هذه الجلسات خلال فترة الدوام الجامعي وما بعده تبادل الأحاديث اليومية والأفكار، وربما الخروج ببعض الأفكار الجديدة، وما يتضمنه ذلك من هموم الجامعة ومشكلاتها، وبالعموم الحديث الشبابي لاحدود له

يمكن خلال خمس سنوات ملاحظة الإقبال الملحوظ على الأماكن والمجالات التي تجذب الشباب عموماً، فالعروض المسرحية باتت تلقى متابعة غير مسبوقة في "طرطوس" وخاصة في مهرجان المسرح الجامعي الذي شهدته المحافظة في تشرين الثاني 2011 وما تلاه من عروض، إضافة إلى السينما التي لم تعد مهجورة كما في السابق، مع بروز مظاهر جديدة من الحراك الفني والأدبي تمثل بالمشاغل الأدبية التي تقيم معارض فنية مميزة وحلقات نقاش أدبي وجلسات معظمها ذات طابع شبابي يجذب بالدرجة الأولى طلاب الجامعات للحضور والمشاركة فيها بأعمالهم وإبداعاتهم الخاصة.

لقاء الشباب الجامعيين

في جلسة شبابية داخل أحد المقاهي الجامعية تحدث "لوغل كاكو" طالب في قسم اللغة الإنكليزية عن أهمية الشباب في أي مكان يتواجدون فيه، حيث تبعث حركتهم ونشاطهم دماء جديدة في المدينة، كذلك أهمية مراكز تجمع الشباب وخاصة المقاهي الجامعية التي تعدّ حالياً المكان الأفضل للقاء طلاب الجامعة، ويقول: «تتيح لنا هذه الجلسات خلال فترة الدوام الجامعي وما بعده تبادل الأحاديث اليومية والأفكار، وربما الخروج ببعض الأفكار الجديدة، وما يتضمنه ذلك من هموم الجامعة ومشكلاتها، وبالعموم الحديث الشبابي لاحدود له».

من جهتها تقول الطالبة "ليلى البودي" من كلية هندسة الحاسوب: «تتميز الجامعة بأنها تكسب المدينة التي توجد فيها الحيوية والحركة، وكلما كانت الجامعة أكبر بعدد كلياتها كلما أعطت المدينة طابعاً شبابياً، وحراكاً متعدد الأوجه وفي عدة اتجاهات، وبالنسبة لـ "طرطوس" فإن وجهها الجديد مازال في بداية عهده، وستحتاج إلى مدة من الزمن ليظهر طابعها الشبابي بمظاهره الفنية والأدبية والعلمية الجامعية، عدا ذلك الحراك الاقتصادي الذي ينشط بوجود الطلاب الجامعيين، ومع حداثة عهد الجامعة في "طرطوس" وقلة المنشآت الخدمية الجامعية، كصالات العروض الفنية والمسرح الجامعي والمكاتب المركزية، نلاحظ انخفاض الوعي الشبابي الاجتماعي لأهمية استثمار وقت الفراغ للطلاب، وهذه المسألة رهن التطور والتحديث الذي يمكن أن تسير فيه الجامعة ومنشآتها».

نشاط مسرحي

أثر دخول التعليم الجامعي بشكل مباشر في مطاعم الوجبات السريعة، التي يقول أحد مالكيها السيد "محمود فتح الله": «ساهم ازدياد عدد الشباب الجامعي وخاصة الوافدين من خارج المحافظة بحركة واضحة جداً في عمل ببيع الأطعمة السريعة التي يقبل عليها الشباب كثيراً، وهي جزء من الحركة الاقتصادية في المدينة، ومع ازدياد عدد الكليات الجامعية زادت هذه المطاعم بشكل كبير حول الجامعة، وعلى الكورنيش البحري، وبين الأسواق».