قد تكون التجربة الأولى هي التجربة الأهم، لذا كان للمعسكرات الصيفية أهمية كبرى في تربية الناشئة كونها التجربة الأولى لكثير منهم خارج المنزل.

فهذه المعسكرات الصيفية التي تقيمها منظمة طلائع البعث والفرق الكشفية وجمعيات المجتمع الأهلي، لا تهدف فقط لتنمية المواهب والقدرات الفنية والفكرية للفتيان والفتيات، فهي تسعى بشكل أساسي إلى تنشئة هذه الفئة العمرية الصغيرة في المجتمع ذاتياً من خلال الاعتماد على الذات وتقوية الشخصية الفردية وروح العلاقة الجماعية وإمكانية التخطيط وإبداء الاقتراحات لبعض المواقف، وإفقاده حس الإتكالية على الآخر.

أنا سعيدة جداً في هذا المعسكر لأني أشعر بأن عمري حالياً أكبر من الحقيقي بكثير، فكثيراً ما علمتني والدتي أمور شخصية وحياتية، واليوم تمكن من تطبيقها دون مراجعتها أو إشرافها فأنا صاحبة القرار فيها وعلي تحمل نتيجة قراري والتأكد منه ودراسته قبل تنفيذه

السيدة "نجاح خضر" أم الطفلة "رنين يوسف" تحدثت بتاريخ "21/6/2011" لموقع eSyria عن أهمية المعسكرات الصيفية وفق وجهة نظرها، وذلك خلال زيارتنا لمعسكر طلائع العبث أحد هذه المعسكرات، حيث قالت:

السيدة "نجاح خضر"

«لا أحد ينكر أهمية المعسكرات الصيفية التي تعنى بالأطفال في مراحلهم العمرية الصغيرة، في تقويم سلوكهم وتنمية مهاراتهم وتنشئة شخصيتهم الفردية المستقلة والاجتماعية ضمن الفريق، ولكن هذا لا يتم انجازه بالطريقة الصحيحة والسليمة إن لم يكن هناك تأسيس أسروي للطفل داخل نطاق الأسرة في المنزل، والتي يأتي دورها في البداية لأهميتها ودورها الحساس في تشكل الشخصية البدائية للطفل بشكل عام» .

وتتابع: «اعتقد أني مارست دوري في تنشئة شخصية ابنتي "رنين" بشكل جيد، وجعلتها تدرك ذلك لتزداد ثقتها بنفسها، فمثلاً أنا اليوم أزورها في معسكرها لأول مرة لسببين أولها لاني حاولت التقيد بمواعيد وتعليمات زيارة الأهالي للطلاب، والتي تقول أنه يفضل زيارة الطلاب في المعسكر بعد مضي ثلاث أيام على افتتاحه، طبعاً لكي تعتاد ابنتي على الاستقلالية والابتعاد عن الأسرة، وثانيهما لتدرك أنه لا يمكنني زيارتها مرة أخرى بسبب المسافة والزمن، وعليها ممارسة حياتها وفق لما علمتها إياه وربت عليه في المنزل.

الآنسة "رحمة" والطالبة "ريم"

والحمد لله أعتقد أن "رنين" قد حققت تماماً الهدف المرجو من المعسكر، فلاحظت أنها بداية استقبلتنا بكل شوق وبعدها بدا الأمر وكأنه طبيعياً، وبدأت تهتم بأختها الصغيرة كعادتها فأخذتها في جولة ضمن المعسكر كما كانت تفعل في البيت عندما أكون مشغولة في أعمال المنزل» .

الطفلة "رنين يوسف" أكدت أنها لم تجد أية صعوبة في الاعتماد على ذاتها في الاستيقاظ باكراً وترتيب غرفتها وسريرها فهذه من ضمن واجباتها اليومية، مضيفتاً: «أنا سعيدة جداً في هذا المعسكر لأني أشعر بأن عمري حالياً أكبر من الحقيقي بكثير، فكثيراً ما علمتني والدتي أمور شخصية وحياتية، واليوم تمكن من تطبيقها دون مراجعتها أو إشرافها فأنا صاحبة القرار فيها وعلي تحمل نتيجة قراري والتأكد منه ودراسته قبل تنفيذه» .

المشرف "إبراهيم نيحو"

الآنسة "رحمة محمد" من مدينة "الدريكيش" قرية "المعمورة" جاءت لزيارة ابنة أخيها "ريم سليمان محمد" في المعسكر الصيفي، وهنا تقول: «الطفلة "ريم" تسكن معي في المنزل وأنا معتادة عليها كثيراً وأدرك طبيعتها وطريقة تفكيرها، وهنا يكمن الجوهر في زيارتي لها لأتمكن من تقدير مدى استجابتها لأمور ومتطلبات الحياة برؤيتها الشخصية التي عملت على تنميتها ضمن المنزل، حيث أن دور المشرفين في المعسكر هو رديف لما قمت به ورصد الفراغات وإغلاقها، وما لاحظته اليوم خلال اللقاء تطور أدائها ومداركها للأمور وطريقة تعاملها مع الجماعة التي كنت أخاف منها كثيراً لأنها لم تنخرط فيها مسبقاً» .

السيد "بدر ملحم" والد الطالب "حازم ملحم" يقول: «من خلال خبرتي التعليمية لهذه الفئات العمرية الصغيرة وجدت انه لا يمكن أن نعزل دور الأسرة عن دور المدرسة في تنشئة هذا الفرد الصغير، فهما أصحاب دور أساسي في تقدير طاقاته وممتلكاته الفكرية والجسدية لمعرفة طرق التعامل معها وتوجيهها إلى الطريق الصحيح والسليم.

إضافة إلى عملية الصقل لهذه الشخصية الصغيرة ضمن المعسكرات الصيفية هي مركز الثقل والتأثير الأكبر في هذه الشخصية، لان مقدار التأثر والتأثير فيها كبير جداً، وخاصة مع وجود الكوادر المختصة التي تتمتع بها هذه المعسكرات» .

المشرف "إبراهيم نيحو" نائب قائد دورة المعسكر الطليعي، ومختص بشؤون الأنشطة، أوضح لنا أهمية المعسكر في تنمية القدرات الذاتية والشخصية للطلاب الملتحقين بالمعسكر، وعنها قال: «يعتبر الطفل أو الطالب في هذه المرحلة حساساً جداً تجاه الأمور التي يحب أن تقوم عليها شخصيته المستقبلية المستقلة، فهو يحاول اكتساب المهارات والقدرات الفردية والجماعية من خلال الأنشطة التعليمية والترفيهية والفنية والعلمية والجماعية، مدرك انه بها يقوي ذاته الداخلية، فكرياً كانت أم نفسية.

ومن هذا المنطلق نعمل نحن من خلال المعسكرات الصيفية على دعم هذا الفكر لديه وتقديم كل ما يحتاجه وفي أولها الاستقلالية الذاتية والاعتماد على الذات في جميع مناحي حياته خلال هذه الفترة القصيرة التي لا تتجاوز الأسبوع في المعسكر، والتي اعتقدها بداية جيدة له لتطبيق ما تعلمه في المنزل والمدرسة» .

ويتابع: «بعض الأهالي أدركوا تماماً أهمية تطبيق مواعيد الزيارة، التي تبدأ بعد اليوم الثالث في المعسكر، فهنا يدرك الطالب بأنه مستقل عن الآخرين، لذلك نجده وبشكل مستمر يكون علاقات وصداقات مع مجموعات أخرى وجديدة، إضافة إلى الحوار الناشئ بينهم والذي يحاول كلٌ منهم الاستفادة منه، لذلك أقول أن هذه المعسكرات خطوة على طريق بناء الشخصية المستقبلية المستقلة والتي تحتاج إلى الدعم المستمر في ذات المجال والمنحى».