كتب "علي نبيل شاليش" في سن الرابعة عشرة نصوصاً نثريّةً وخواطر بسيطةً، ومن بعدها الشعر الموزون لما يحتويه من موسيقا وقوافي كانت أصدق ما يعبر عنه، تَوَّجَها بالمشاركات الحيّة لاهتمامه بالمتلقي، وإيصال لغة القلب إلى القلب مباسرة.

مدوّنةُ وطن "eSyria" التقت بتاريخ 26 كانون الأول 2019 الشاعر "علي نبيل شاليش" ليحدثنا عن بداياته حيث قال: «بعد أن بدأت بالنصوص النثرية جذبني الشعر الموزون وموسيقاه وقوافيه، حيث كنت مهتماً بالشعر وحافظاً له منذ الصغر، وأحسست أنّهُ اللون الأدبي الوحيد الذي يستطيع الأديب من خلاله التعبير عن أحاسيسه بطريقة ساحرة، مهما كانت تلك الأحاسيس بسيطة.

للطبيعة أثرها الكبير والبالغ في نفسي، وأنا أوظّفُ شيئاً من جمالياتها أو حكمتها في كتاباتي، وأتمنّى أن أكون مفلحاً في هذا، وأقتدي هنا بالشّاعر "إيليا أبو ماضي" الذي كانت له نزعته الفلسفية الخاصة والفريدة، وبصمته في الأدب الخالد

فمهما كتبت أجدُني تلميذاً في مدرسة الشعر التي تشكّلُ بالنّسبة لي عالماً مختلفاً وفضاءاتٍ سرمديّة من الجمال، وبالنّسبة لي فإن ابتسامة أيّ قارئٍ لكتاباتي تشكّلُ دافعاً قويّاً للاستمرار والتّطوير.

من شهادات التقدير

وبشكل عام أنتمِي إلى بيئة تهتمّ بالعلم والثّقافة، وعلى أيّ فرد أن يواكبَ ثقافة مجتمعه، وأقصدُ هنا الثّقافة الحقيقيّة بمضمونها الإيجابيّ بعيداً عن أيّ فكر أو مبدأ مشوّه».

كتب "شاليش" النثري والموزون، وقد تحدث عن الفارق بينهما من وجهة نظره فقال: «الشّعر والنّثر لونان أدبيان جميلان، لكلّ منهما تأثيره في حال كان بشكله الصّحيح، فالنّص النثري نصّ تتدفق فيه الصور البيانيّة والاستعارات التي تحدثُ الدّهشة في نفس المتلقي بطريقة سلسة، ولا يجب أن يحمل هذا النص قافيةً أو موسيقا، أما الشّعر فإنّه نصٌّ موزون على أحد البحور الشعرية (بحور الخليل)، ويتميز بالموسيقا والقافية التي تجمّل النص وتبرز مهارات الكاتب وأسلوبه، ومدى اتساع خياله ومخزونه اللغوي، وفي النص الشعري يودع الكاتبُ روحاً ويضخّ فيه مشاعره التي تنبثقُ بعد أيّ موقف أو حدث مهم، وهو ملاذٌ آمنٌ لكلّ من يحبُّ أن يفرغ طاقاته إيجابيةً كانت أم سلبيّة، ولذلك أقول دوماً:

المجموعة التي شارك فيها

حرِّر يراعكَ أنّـــــةً وهمومـــــاً

وعلى سطورِ الوقت مرَّ قدوما

مع الكاتب نزار غانم

لا تنطوي في اليَومِ سجنَ مشاعرٍ

وانثُر جميلكَ في الدّفاترِ دوماً

من يكتبُ الأشعار مهجةُ شاعرٍ

نزفت فسال شعورها منـــــظوماً

أمّا نبرة الصّوت فيجب أن تماشي موضوعَ النّصّ الذي نسجه كاتبه، وأن تتدرّج كيفمَا أراد لها البيت أو الشّطر مضموناً».

أما عن أثر البيئة الطبيعية فيما قدمه من شعر، فقال: «للطبيعة أثرها الكبير والبالغ في نفسي، وأنا أوظّفُ شيئاً من جمالياتها أو حكمتها في كتاباتي، وأتمنّى أن أكون مفلحاً في هذا، وأقتدي هنا بالشّاعر "إيليا أبو ماضي" الذي كانت له نزعته الفلسفية الخاصة والفريدة، وبصمته في الأدب الخالد».

ويتابع في الحديث عن جرأة نصوصه وأين المتلقي منها، فيقول: «إنّ الجرأة شيءٌ أساسيٌّ وهامّ، وعلى أي تلميذٍ في مدرسة الأدب أن يمتلك ما يفيه من الجرأة، فهي الغمد الذي يحتضنُ سيفَ اللغة، وعلى الكاتب أن يكتبَ بكامل ثقته وأن يوثّق اللحظة دون تقليص أثرها، كي تصل متكاملةً للمتلقي، فالوصول إلى المتلقي ضروريّ جداً بالنسبة لي، فأنا أطمع بإعجابه وبمحبة الآخرين أكثر من أيّ شيء آخر، والجرأة ضرورية كي تصل الفكرة بشكل كامل، وبالتالي ستحدث الأثر الكامل».

وعن مشاركاته قال: «شاركتُ في عددٍ من الدّواوين المشتركة، وأذكرُ منها ديوان "خوابي الحروف" الصّادر عن دار الآداب والفنون العراقية، وديوان "رسائل حبّ من طرطوس" الذي أُطلق في مهرجان "بيت كمونة" الثّقافي السنوي، إضافةً إلى "الديوان السوري المفتوح" الذي يعده الأديب "حسن سمعون"، ولي ديوان ومجموعة قصصية تحمل عنوان "بين القلب والحرف" لكنها لم تطبع بعد».

بعض ما قدمه من شعر كان ملتزماً بالقضايا الوطنية، حيث أوضح ذلك بقوله: «طرزت عدداً كبيراً من نصوصي بالنزعة الوطنية، فللشعر وظيفة مهمة هي التوثيق، فكتبت معتنقاً أدب الالتزام مهتماً بالقضايا الوطنية، وهذا أقلّ ما يمكن أن أقدمه من الوفاء في سبيل هذا الوطن العظيم الذي أعطاني الكثير، وأتمنى أن أكون موفقاً في هذه المحاولة».

الشاعر "نزار غانم" مؤسس الملتقى الوطني للثقافة والإعلام، قال في الشاعر "علي": «هو شاعر واعد وله حضوره على الساحة الثقافية في "طرطوس" وبعض المحافظات الأخرى، ورغم أنه درس الهندسة، إلا أنه أخلص للشعر. يتميز بأسلوبه السهل والألفاظ الشاعرية الرقيقة وتدفق العاطفة، ويملك أدواته الفنية التي تجعله قادراً على صياغة الأشياء الصغيرة اليومية شعراً سلساً مع ألفاظ رقيقة يختارها بدقة متناهية، وكذلك يمتلك بصيرة واعية ولغة صافية منتقاة من قاموس ثري، وله طريقة إلقاء معبرة متمكنة من اللغة والموسيقا».

يشار إلى أنّ الشاعر "علي نبيل شاليش" من مواليد "طرطوس" عام 1999 ويدرس الهندسة المدنية بجامعة "تشرين"، وقد حصل على جائزة الملتقى السوري العراقي في القصة القصيرة، وجائزة المسابقة الأدبية لمهرجان "الخوابي" السنوي.