أول حاصل على شهادة مستشار في العلاج الفيزيائي، ومن أقدم الاختصاصيين في هذا المجال، أطلق مع بداية الحرب مبادرته الأضخم على مستوى "سورية"، وقدّم من خلالها العلاج المجاني للجرحى وعائلات الشهداء والفقراء، موفراً عليهم مبالغ مالية كبيرة.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 12 حزيران 2019، المستشار بالعلاج الفيزيائي الدكتور "فاتح حسن وطفة" ليحدثنا عن رحلته في العلاج الفيزيائي ومبادرته في هذا المجال، حيث قال: «أنهيت دراستي في مدارس قرية "حصين البحر"، لأتوجه بعدها إلى "رومانيا" لمتابعة دراستي في كلية الرياضة، قسم الطب الفيزيائي، وكان ذلك عام 1976، وفي عام 1982 أنهيت دراستي باختصاص معالجة فيزيائية وتأهيل، حينئذٍ لم يكن أحد يعرف ما هي المعالجة الفيزيائية؛ الأمر الذي دفعني إلى تقديم المعالجة المجانية للناس لعدّة سنوات، وبسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة في تلك المرحلة، لم أتمكّن من افتتاح المركز الخاص بالمعالجة حتى عام 1993؛ وهو ما أسهم بتعريف الناس بهذا الاختصاص على نطاق أوسع».

بعد إصابتي تنقّلت بين عدة مراكز للعلاج، لكن التكلفة كانت كبيرةً جداً وتفوق قدراتي المادية المحدودة أصلاً، هذه المبادرة أتاحت لي فرصةً كبيرةً، وأنا هنا منذ سبعة أشهر أتلقى العلاج المجاني بعناية واهتمام كبيرين، حيث أشعر وكأنني بين أهلي وناسي، وأعادت إليّ أمل الشفاء من جديد لأعود لتأدية مهامي تجاه وطني الحبيب

ويتابع: «كنا حينئذٍ فقط ثلاثة اختصاصيين في العلاج الفيزيائي على مستوى "سورية"، وفي عام 2000 أُشهِرت الجمعية السورية للمعالجة الفيزيائية، وعقِد المؤتمر التأسيسي لها، حيث كنت عضواً فيه، أيضاً كنت عضو مجلس إدارة، ومندوب جمعية في "طرطوس"، وعضو لجنة مديرية الصحة للكشف عن المراكز والأشخاص المخالفين في هذه المهنة، وما لبثت أن انتسبت الجمعية إلى الاتحاد العربي والاتحاد العالمي للعلاج الفيزيائي، والفرنكوفونية، وشاركنا في العديد من المؤتمرات التي عقدت في كل من "دمشق" و"حلب" و"لبنان"؛ وهو ما أسهم في انتشار هذا النوع من المعالجة أكثر».

د."فاتح" مع الجريح "علي تامر"

عام 2011 أطلق مبادرته الأولى من نوعها في "سورية"، وعنها يقول: «عالجت الفقراء مجاناً نحو عشرين عاماً، ومع بداية الحرب الكونية على "سورية"، وتقديراً لتضحيات أبطال جيشنا، ولكل قطرة دم سالت وبفضلها نعيش بخير وأمان، وكهدية لأرواح قدمت نفسها في سبيل الوطن؛ أطلقت من كورنيش "طرطوس" مبادرتي الأولى من نوعها والوحيدة، وهي تقديم العلاج المجاني لشرفاء بلدي من جرحى الحرب وعائلات الشهداء والفقراء أيضاً، وما زلت مستمراً بها حتى الآن، ومن جميع المحافظات استقبلت في مركزي أكثر من 700 حالة منها حالات توصف بالحرجة، وعلى الرغم من الصعوبات الكبيرة التي واجهتها، وعدم تقديم أي اهتمام أو دعم مادي أو معنوي من قبل أي جهة رسمية أو غير رسمية، مع أن الوعود كثيرة، لكنها لا تتعدى كونها كلاماً فقط، تمكنت من تقديم يد العون لهم جميعاً، وبالفعل ما يقارب 70% منهم عادوا إلى ساحات القتال بعد إنهاء المعالجة، و30% منهم عادوا بعد تأهيلنا لهم في المركز ليكونوا منتجين فاعلين في المجتمع، متجاوزين ما سبّبته لهم هذه الحرب من إصابات جسدية ونفسية، ومنهم من يعمل الآن بالتجارة والزراعة والصناعة، ولا أزال أستقبل العديد من الحالات وأسعى بكل جهد لتقديم ما يلزم لهم من علاج قد يتطلب أكثر من جلسة في اليوم الواحد، متحملاً التكلفة الباهظة لتأمين المراهم والزيوت والمعدّات الخاصة».

ويختم حديثه بالقول: «على الرغم من أنني كنت من أوائل الاختصاصيين بهذا المجال، وأول الحاصلين على شهادة مستشار بالعلاج الفيزيائي في "سورية" عام 2007، وصاحب أكبر مبادرة في تقديم العلاج المجاني، إلا أن الأمر المحزن أنني لم ألقَ أي اهتمام أو دعم أو تقدير في بلدي، بينما كرّمت من أغلب منظمات وأكاديميات السلام حول العالم، منها: منظمة "الفرات" للسلام العالمي، وأكاديمية "السلام العالمي" في "ألمانيا"، أيضاً كرّمت في كل من "لبنان" و"مصر" و"العراق" و"الجزائر"، وفي عام 2018 حصلت على شهادة الإخاء والصداقة كشخصية أولى للأعمال الخيّرة، وحالياً مرشح لأكون سفيراً للنوايا الحسنة في "سورية"، لكنني مستمر في مبادرتي المجانية هذه حتى بعد انتهاء هذه الحرب».

مع "تمام يونس"

"علي تامر" من محافظة "اللاذقية" أصيب بطلق ناري أثناء تأدية مهامه كجندي في "مضايا"، وهو الآن يتلقى علاجه في المركز، يقول: «بعد إصابتي تنقّلت بين عدة مراكز للعلاج، لكن التكلفة كانت كبيرةً جداً وتفوق قدراتي المادية المحدودة أصلاً، هذه المبادرة أتاحت لي فرصةً كبيرةً، وأنا هنا منذ سبعة أشهر أتلقى العلاج المجاني بعناية واهتمام كبيرين، حيث أشعر وكأنني بين أهلي وناسي، وأعادت إليّ أمل الشفاء من جديد لأعود لتأدية مهامي تجاه وطني الحبيب».

أما "تمام يونس" من "طرطوس" وهو أيضاً ممن يتلقون علاجهم في المركز، فقد قال: «نتيجة الإجهاد الحربي في منطقة ذات تضاريس صعبة، تعرضت لإصابة في أسفل الظهر ناتجة عن فتق نواة لبية، سببت لي الكثير من الآلام، توجهت على الفور إلى هنا، والحقيقة قدم لي الدكتور "فاتح" كل خبرته واهتمامه وعنايته ومحبته، وهذا الأمر ليس غريباً على شخص مثله، أعاد إليّ وزملائي وعائلاتنا الأمل بالشفاء، مخففاً عنا تكلفة علاج تقدر بالملايين؛ وهذا يفوق قدراتنا المادية بكثير».

يذكر، أن الدكتور "فاتح حسن وطفة" من مواليد "طرطوس" قرية "حصين البحر"، عام 1957.