بوح من خلجات نفسه، ومن الواقع الذي يعيشه المربي والشاعر "سرحان الشعار"، يقدمه في مجموعتيه الشعريتين؛ أبيات موزونة على البحور الشعرية الطويلة، بخلاف شعراء الحداثة، يصف فيها واقع حياته الاجتماعية ومسيرته التربوية.

المربي والشاعر "سرحان الشعار" ضيف مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 3 أيار 2019، يحدثنا عن حياته المهنية ومسيرته الشعرية، حيث قال: «محبتي للغة العربية ودراستي الأكاديمية لها؛ كانتا من الأسباب الأساسية التي دفعتني إلى كتابة وقرض الشعر الموزون والمقفى، على خلاف معظم الشعراء الذين انتهجوا الشعر الحديث، وهذه الموهبة الربانية لها بذور فطرية امتلكتها انطلاقاً من الصوت المناسب والحنجرة القوية، حيث كانت أغلب أشعاري وجدانية وقومية.

امتهنت التدريس في أغلب مدارس المحافظة، وعيّنت في الختام مديراً لمدرسة القرية، وخلال تلك المدة حصلت على منحة إعارة مهنية إلى دولة "الإمارات" لأربع سنوات، وهناك شاركت في العديد من الأمسيات الشعرية

فالشعر بالنسبة لي بوح لخلجات نفسي، ومتنفسي من هذا الواقع، حيث دونت حروف كلماتي حكايات وصور واقعي وحياتي العامة والخاصة بأدق تفاصيلها، وما ساعدني في تنمية موهبتي وحفزني على ذلك مدرسي الشاعر "محمد عمران" من قرية "الملاجة"، حيث كان يهتم كثيراً بالمواهب والبذور المعرفية في المرحلة الثانوية، وكنت ممن يحب الاستماع إليهم دوماً خلال حصته الدرسية، وكان يطلب مني الكتابة باستمرار وفق البحور الشعرية القديمة التي يطرب لها.

ديوان "لوحات على جدار الوطن"

وبعد تخرجي في كلية الآداب قسم اللغة العربية، عيّنت مدرّساً في قريتي "حصين البحر"، واستمريت في تقديم الشعر وقرضه في المناسبات الوطنية والثقافية بعد زواجي، وتوقفت فترة من الزمن نتيجة ظروف عائلية، وهنا كان توجهي نحو تنمية المواهب بين طلابي، وتحفيزهم بالمكافآت الشخصية في محاولة لبناء جيل مثقف شعرياً، وكان لي ما أردت».

يتابع: «امتهنت التدريس في أغلب مدارس المحافظة، وعيّنت في الختام مديراً لمدرسة القرية، وخلال تلك المدة حصلت على منحة إعارة مهنية إلى دولة "الإمارات" لأربع سنوات، وهناك شاركت في العديد من الأمسيات الشعرية».

ديوان "نبضات"

للمربي والشاعر "سرحان" مجموعتان شعريتان، تحدث عنهما فقال: «مجموعتي الشعرية الأولى بعنوان: "لوحات على جدار الوطن"، وفيها عدد كبير من القصائد الطويلة، والقصيدة الأولى فيها جملة مثل العنوان العام للمجموعة، وتتحدث عن السنوات العجاف على "سورية" وواقع العرب، وانصياعهم للاستعمار والعلاقات الدولية السياسية، والانحدار العربي، والشهداء أيضاً.

بينما الديوان الثاني، حملت قصائده الناحية الاجتماعية العامة في قريتي "حصين البحر" بأسلوب واضح، وهموم الفلاحين والعاملين، وأيضاً الناحية الاجتماعية العائلية، وتحدثت فيه عن أبنائي وزوجتي تكريماً لمساندتهم لي دوماً، وجميع القصائد كانت وفق البحور الشعرية القديمة التي نشأنا عليها، ولكل قصيدة بحرها الخاص، وقناعتي بهذا النمط من الشعر لكوني أحب تلك الأوزان الشعرية».

الشاعر والمربي سرحان الشعار

ويتابع: «نحن أبناء أمة عربية، ومن أساس تاريخنا الشعر، وكنوع من المحافظة على عروبتي اخترت هذا الجنس الشعري، علماً أنني لست ضد التجديد مع المحافظة على الأصول، فلدينا ستة عشر بحراً شعرياً في اللغة العربية، وهي كفيلة بتقديم شعر جميل، ومن أراد التجديد في الشعر؛ عليه أن يضيف بحوراً شعرية جديدة ضمن الأصول المتعارفة، أما أن نكتب في البيت الأول كلمتين، وفي البيت الثاني أربع كلمات، وفي البيت الثالث ثلاث كلمات من دون أي ضوابط أو قواعد، فهذا ليس شعراً برأيي الشخصي، وإنما خواطر».

القصيدة لديه لا تتجزأ من حيث الصور والموسيقا والفكرة، وأضاف عن ذلك: «القصيدة لدي تحمل مجموعة أفكار جزئية مترابطة بعضها مع بعض بما يخدم الفكرة العامة التي أرغب البحث فيها، وكما هو معروف هذا النوع من القصائد يحمل موسيقا خاصة وفقاً لكل وزن، حيث أبدأ الكتابة، ثم أعود إلى ضبط الموسيقا.

وبالنسبة للصور الشعرية أستخدم التشابيه والاستعارات والصور بما ينسجم وشخصيتي الشعرية، وخدمني في المخزون الشعري المطالعة الدائمة والغوص في الواقع لإدراك تفاصيله كالطبيعة والواقع الاجتماعي، فالأنثى مثلاً مكملة للرجل، والإنسان من دون أنثى ينقصه شيء، والحياة من دون أنثى غير مكتملة، والحب والعاطفة أساس في الحياة مع الأنثى، لتستمر في العطاء».

وبالنسبة إلى مهنته التدريسية، قال: «أحببت مهنة التعليم، وكنت أتفنن في تدريس الطلاب وإعطاء الدرس والمعلومات، ودائماً أقدم ما يجذب الطلاب مع الحوار المستمر كي يبقى الطالب معي خلال الشرح، وبعد تسلمي الإدارة شجعت الطلاب على الدرس من خلال تقديم هدية إلى كل متفوق.

كما بحثت عن اهتمامات الطلاب وما يحبونه، ووجدت أن كرة القدم هي القاسم المشترك فيما بينهم، لذلك ثابرت على إقامة الدوريات الرياضية وتقديم الجوائز للمتصدرين».

من ديوانه "نبضات" اخترنا هذه القصيدة:

«لوحة على جدار حصين البحر

تزيني يا حصين البحر واكتحلي وأظهري الحسن إفصاحاً بلا وجل

تبرجي الدهر للأحباب وابتهجي ترنمي، كوني كوني في أفضل الحلل

تربعي في أعالي الحصن شامخة وعانقي الشمس حتى قمة القلل

وسامري العشاق في مرابعك داوي الجراح، فجرح الحب لم يزل

ردي التحية فالعشاق قد وهنوا والكل قالوا بحب وأنت لم تقلي».

وفي لقاء مع الدكتور "أكثم جداري" المطلع على المجموعتين الشعريتين للشاعر "سرحان"، قال: «يبحر الشاعر "سرحان الشعار" شاقاً عباب الشعر بحيزوم القوافي (والحيزوم هو لجام الناقة وفيه ما يشد على صدرها)، مبتعداً عن الارتهان للمكان والزمان، ومتجاوزاً التصنيفات التي جعلوها قوالب للشعر، لذلك جاءت قصائده عنبرية بعبق جبل "التوباد"، فكتب عن الوطن وقريته وتلاميذه الذين مازالوا في قافيته أنشودة المستقبل، فكان الحب يفيض سحراً بتناغم ما إن تقف عنده إلا وتدرك أن رباناً في الشعر قد مرّ من هنا ونثر أريجه».

يشار إلى أن المربي والشاعر "سرحان إبراهيم الشعار" من مواليد قرية "حصين البحر"، عام 1948.